التسييس الإعلامي السعودي، ينتج تباين في مواقف الصحف العربية
في العاشر من مايو 2017 بدأت السلطات السعودية حملة أمنية لهدم عشرات المنازل في بلدة العوامية التي تقطنها أغلبية شيعية، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة مع القوات الأمنية، أدت إلى وفاة ستة وعشرين شخصا بين مواطن ومقيم ونزوح ما يقارب 25 ألف شخص إلى مناطق مجاورة أكثر أمنا.
وخلال هذه المدة غطت الصحف العربية الأحداث كل بحسب ميولها، وسلطت البي بي السي الضوء على التباين بالمواقف بين الصحف واختلاف اللهجات ووجهات النظر بما يخص العوامية شرقي “السعودية” وتحديد الطرف المسؤول عما آلت إليه الأوضاع فيها.
وفي حين عرضت البي بي سي المواقف المختلفة بين الصحف، لاحظنا بحسب مراقبتنا أن موقف الإعلام السعودي الداعم للحكومة السعودية يختلف بلغته ولهجته عن بقية المصادر الصحفية العربية التي سعت عبر التواصل مع النشطاء المحليين والمنظمات الحقوقية المراقبة للسياسات السعودية وفي مقدمها المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان والعديد من المصادر المستقلة الى نقل صورة واضحة الى حد ما.
يعود هذا الاختلاف والتباين الى غياب الحرية الإعلامية في “السعودية” والتعتيم الذي تمارسه سلطات الرياض عبر وسائلها الاعلامية الموجهة، ومنها صحف الوطن واليوم وعكاظ التي اتهمت الدوحة بالوقوف وراء أزمة العوامية، وذلك خلال مقال بعنوان “10 فظائع ارتكبتها قطر بحق السعودية”، للكاتب محمد الساعد الذي قال إن “الجريمة الثامنة كانت: دعم الإرهابيين في القطيف والعوامية وتهريب أسلحة نوعية لهم لخلق تمرد عسكري، ودعمهم إعلامياً والتنسيق في ذلك مع الإيرانيين.”
وعلى المنوال ذاته، اتهم إبراهيم الزهراني في صحيفة اليوم السعودية وسائل الإعلام القطرية بالتحريض على الفتن وترويج الأكاذيب فيما يتعلق بالأوضاع في العوامية كما أعربت بعض الصحف في السعودية عن ارتياحهم لما سموه انتهاء الأزمة.
في المقابل تمكنت بعض الصحف العربية من الحديث عن العوامية بشكل محايد ومجسد للصورة مع بعض التحليلات ومنها موقع البديل المصري الذي أشار في مقالٍ بعنوان “العوامية.. خريف سعودي مشتعل”، الى تعرض أهالي المنطقة الشرقية في السعودية التي تضم أغلب ثروة المملكة من النفط، للتمييز السلبي والتهميش في جميع مناحي الحياة”، وهو ما لطالما اشارت اليه “المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان” في سبيل مطالبتها بالتدقيق بمعايير الوضع الحقوقي في السعودية.
كل النداءات التي أطلقتها الأمم المتحدة عبر مفوضيتها السامية لحقوق الإنسان، على مدى الأسابيع الماضية، للحؤول دون هدم الحي التاريخي، لم تلقَ آذاناً صاغية لدى وزارة الداخلية السعودية، نقطة تجاهل حقوقي اشارت اليه صحيفة الأخبار اللبنانية مضيفة ان ذنب منطقة العوامية أن خرج منها معارضون محتجون نشطوا في تظاهرات دعا إليها الحراك السلمي عام 2013، كانت العوامية منطلقاً لها، وحاضنة لزعيمها المحلي، نمر باقر النمر، الذي أعدمته السلطات مطلع العام الماضي”.
كما كتبت دينا حلمي في موقع إضاءات مقالاً بعنوان “مجازر العوامية: حين تتحول السعودية إلى سوريا جديدة” تقول فيه أن الدافع الحقيقي وراء قيام السلطات السعودية بهذه الحملة على العوامية يتمثل في “رغبة المملكة في بسط سيطرتها الأمنية على تلك المنطقة التي كانت ومازالت نقطة الضعف التي تخشاها السلطات، إذ يقطنها نحو 30 ألف شخص معظمهم من الشيعة.
وبالنظر الى الوضع الاعلامي السعودي المسيس والخاضع لتعليمات الأجهزة الأمنية إلى جانب انعدام الحريات الصحفية في رصد الأحداث ونقلها بالصوت والصورة، وبالإشارة الى الجولة الاعلامية الأخيرة التي قامت بها وكالتا رويترز والبي بي سي فقط ،بناء على دعوة من السلطات السعودية وتحت رقابتها، أكدت المنظمة الأوروبية السعودية” الى أن سلطات الرياض تتعمد تلوين الصورة وتعتيم الحقيقة بعيدا عن عشرات الضحايا الذين أزهقت ارواحهم بالقصف العشوائي والاستهداف غير المكترث بالمدنيين العزل وممتلكات المواطنين في العوامية.
ارسال التعليق