الأنظمة الخليجية بالكيان أعمق بكثير من الظاهر
قال معهد “كوينسي” للأبحاث والدراسات إن علاقة الأنظمة الخليجية بالكيان الصهيوني تعتبر أعمق بكثير من ظاهرها، وصولاً إلى التنسيق المشترك بينهما.
وأشار بحثٌ للمعهد أن علاقات الكيان المزدهرة مع مختلف الأنظمة الخليجية الاستبدادية تمثل أحد أهم التطورات في الشرق الأوسط الحديث.
وعلى الرغم من أن هذه الروابط رفيعة المستوى قد توسعت بشكل كبير لأكثر من عقدين من الزمن، إلا أنها تطورت إلى حد كبير من التعاون وراء الكواليس إلى أشكال أكثر وضوحًا من التنسيق، سيما بعد الانتفاضات العربية عام 2011.
وأشار إلى أن العلاقات بين الطرفين تركزت على الالتقاء في الأهداف الجيوسياسية المشتركة، سواءً كان ذلك لمواجهة الخصوم المشتركين مثل إيران أو الحركات الإسلامية السياسية، أو لإبقاء الولايات المتحدة منخرطة بعمق في المنطقة، أو للحفاظ على توازن القوى الإقليمي السائد.
ويقول المعهد إن العلاقة بين الأنظمة الخليجية المستبدة والكيان تعمقت أكثر في النظر إلى تلك الثورات العربية على أنها لعنةٌ تطارد تلك الأنظمة المعادية للديمقراطية.
يُذكر أنه في فترة الانتفاضات العربية، انخرط الكيان جنبًا إلى جنب مع شركائه الإقليميين في حملة متطورة للثورة المضادة تهدف ليس فقط إلى الحفاظ على توازن القوى الإقليمي السائد، ولكن أيضًا لمنع ظهور نموذج ديمقراطي شعبي في الشرق الأوسط.
وأشارت الدراسة إلى أن فهم هذه الرغبة المشتركة لكل من “تل أبيب” والأنظمة العربية المختلفة في الحفاظ على الوضع الاستبدادي الإقليمي الراهن، أمرٌ بالغ الأهمية لفهم النطاق الكامل لهذه العلاقات.
واليوم، يُقدم الكيان الصهيوني نفسه كملاذ للديمقراطية وسط جوارٍ من الاستبداد والعنف المتأصل والتخلف. فعلى سبيل المثال، قال رئيس الوزراء الصهيوني الأول “ديفيد بن غوريون” ذات مرة “نحن نعيش في القرن العشرين، والعرب في القرن الخامس عشر”، وشدد على أن الكيان يُمثل “مجتمعًا حديثًا في وسط عالم من القرون الوسطى”.
وفي رسالة مماثلة رددها وزير الجيش الصهيوني السابق “إيهود باراك”، الذي غالبًا ما أشار إلى كيانه على أنه “فيلا في غابة” و “قلعة في الصحراء” لوصف علاقة الكيان بجيرانها العرب، كما جادل رئيس الوزراء الصهيوني السابق بنيامين نتنياهو في كتابه، “مكان بين الأمم: إسرائيل والعالم”، بأن “العنف منتشر في كل مكان في الحياة السياسية لجميع الدول العربية وهو الأسلوب الأساسي في التعامل مع الخصوم، الأجانب والمحليين، العرب وغير العرب”.
وعلى الرغم من الخطاب الذي يتبناه قادة الكيان، عارضت “تل أبيب” التحولات الديمقراطية في الشرق الأوسط واستفادت من افتقار المنطقة إلى الديمقراطية، فالكيان هو قوة الوضع الراهن في الشرق الأوسط ويعتمد بشكل كبير على الحفاظ على الحكومات غير الديمقراطية في المنطقة.ويخشى الكيان أن تكون الحكومات الشعبية في المنطقة المسؤولة أمام شعوبها أكثر مطالبة في النضال من أجل الحقوق الفلسطينية والتسوية الحقيقية للصراع الصهيوني الفلسطيني.
وفي السنوات الـ 11 التي تلت الثورات العربية، نمت علاقات الكيان مع الجهات الفاعلة الأخرى المضادة للثورة، سيما السعودية والإمارات والبحرين وغيرها بشكل كبير لتشمل تعاونًا دبلوماسيًا واقتصاديًا وعسكريًا مكثفًا، وتوفير تقنيات مراقبة متطورة، وجهود منسقة بشكل متزايد للضغط على واشنطن لصالح أجنداتهم.
ويختتم المعهد بالإشارة إلى أنه في الآونة الأخيرة، عمل الكيان على تنمية علاقاته مع الحكام المستبدين من العرب مثل أمير الحرب الليبي خليفة حفتر ونجله صدام، وكذلك الجنرال السوداني عبد الفتاح البرهان الذي استولى على السلطة في انقلاب العام الماضي.
وتمتد هذه الجهود إلى ما هو أبعد من الجغرافيا السياسية وتتحدث إلى تحالف أوسع للثورة المضادة يسعى إلى تأكيد هيمنته على الشرق الأوسط.
لقد دعمت الولايات المتحدة بحماس هؤلاء الفاعلين المعادين للثورة من خلال تزويدهم بأسلحة متطورة وغض الطرف عن سجلاتهم التعسفية في مجال حقوق الإنسان.
ارسال التعليق