الجمهوريون ناقمون على ترامب لتجاهله أفعال ابن سلمان
سلّط موقع أمريكي الضوء على غضب الشيوخ الجمهوريين على الرئيس ترامب لمحاولته، التستر على جريمة قتل الصحفي السعودي، والكاتب بصحيفة الواشنطن بوست جمال خاشقجي، وقال موقع “ذي إنكويرار” بمقال للكاتبة “ترودي روبين” إن غضبهم لا يقف عند رفض ترامب توجيه اللوم لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي تعتقد وكالة المخابرات الأمريكية (السي آي إيه) أنه أصدر أمر ارتكاب جريمة القتل داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، بل أيضاً شمل الأعضاء المعتدلين المقبلين على التقاعد مثل السيناتور بوب كوركر.
وقالت الكاتبة: حتى السيناتور ليندسي جراهام، الذي كان من المؤيدين المتزلفين لترامب، رفض بكل ازدراء إصرار البيت الأبيض على عدم وجود ما يُثبت ارتباط ولي العهد بالجريمة”. وفي إشارة لفرقة الموت الذين اصطحبوا معهم منشار عظم لتقطيع أوصال الضحية، ويُصر السيناتور جراهام قائلاً: “الدليل في المنشار”، أما السيناتور ريتشارد شيلبي، ممثل الحزب الجمهوري عن ولاية ألاباما، فيصر على أن كل الأدلة تشير إلى ابن سلمان. وبلغ الأمر بغيرهم من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين شعروا بأنهم خدعوا أن انضموا لـ 63 عضواً مقابل 37 ليصوتوا على بدء النقاش بشأن تقييد صلاحيات الرئيس الحربية التي تمكنه من مساندة السعودية بحربها التي تشنها داخل اليمن”. وذهبت الكاتبة للتساؤل: “ما الذي جعل اغتيال صحفي سعودي، يقيم في الولايات المتحدة ويكتب بواحدة من أهم الصحف الأمريكية، يَقلبْ مواقف هذا العدد الكبير من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، وهم التزموا في السابق الصمت إزاء كوارث السياسة الخارجية للبيت الأبيض؟”.
وتذكر الكاتبة أربعة أسباب عن تجاوز تداعيات قضية خاشقجي بمراحل أي جريمة قتل بشعة ارتكبت بحق رجل واحد:
أولاً: تعامل ترامب المتغطرس مع مؤسسات الحكم جلب له الويل، فقد استشاط أعضاء مجلس الشيوخ غضباً لشعورهم بأنه يتعامل معهم كحفنة من الحمقى - خاصة بعد أن توفّرت لدى وكالة المخابرات الأمريكية معلومات استخباراتية بأن ولي العهد أدار بنفسه عملية اغتيال خاشقجي. لقد أغاظ جراهام وغيره من الجمهوريين الضغط الذي مارسه البيت الأبيض خصوصاً بعد حضور مديرة السي آي إيه جينا لتدلي بإفادة بجلسة مغلقة لمجلس الشيوخ، فقد صرّح جراهام غاضباً بأن أولئك الذين أنكروا تورّط ولي العهد “لابد أنهم اختاروا العمى عن سابق إصرار وترصد”.
ثانياً: العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين خلصوا إلى أن ترامب ربط سياسته بالشرق الأوسط بولي عهد أرعن فشل فشلاً ذريعاً بإنجاز ما أوكل إليه. لقد جر ابن سلمان أمريكا وورّطها بمساندته بسحق تمرّد قبلي داخل اليمن بحجة احتواء إيران. إلا أن ما حصل بدلاً من ذلك هو أن الحرب الجوية التي لا نهاية لها دفعت متمرّدي اليمن من الحوثيين للاقتراب أكثر فأكثر من طهران وخلفت كارثة إنسانية مذهلة.
وعن الحصار على قطر، قالت الكاتبة: “إن ابن سلمان عمد إلى إحداث شرخ داخل ائتلاف دول الخليج، والمفترض أنه يشكّل رأس حربة بمواجهة طهران، وذلك من خلال فرض حصار على دولة قطر. ثم قام بكل طيش باختطاف رئيس وزراء لبنان. ورغم بعض التعاون الأمني مع إسرائيل بمواجهة عدوهما الإيراني المشترك، فلم يتمكن ابن سلمان من تحقيق شيء من آمال ترامب في أن يُصبح عرّاب خطة سلام في الشرق الأوسط، إضافة إلى القمع غير المسبوق بحق المعارضة المعتدلة والسلميين في المملكة ومن اعتقال وسجن لهم، حتى طال ذلك ناشطات قدن حملة دفاعاً عن حق النساء في قيادة السيارات، الأمر الذي يكشف زيف ادعاء ابن سلمان بأنه إصلاحي“. وتنقل عن جراهام قوله إن “ ابن سلمان عبارة عن كرة هدم وتدمير في المنطقة، ويهدّد مصالح أمننا القومي في العديد من الجبهات”.
أما السبب الثالث: يعامل ترامب السعودية كما لو أنها الشريك الأكبر بهذه العلاقة وواشنطن هي التي تستجدي. وهذا أيضاً أغضب أعضاء مجلس الشيوخ”. ورغم التحالف مع السعودية كبلد مهم، لكن على ترامب أن يقف بالمرصاد لما يصدر عن ولي العهد الأرعن من سلوك خطير”.
أما رابعاً، فإن دفاع ترامب المستميت عن ابن سلمان يفتح الباب على مصراعيه أمام التكهنات حول دوافعه الحقيقية. هل مرد ذلك لانبهاره بالطغاة المستبدين وإلى الأبهة والحفاوة القبلية التي استقبل بها عندما زار السعودية؟ أم إنها العلاقة الوثيقة التي تربط صهره جاريد كوشنر بولي العهد، وهي العلاقة التي كان يفترض أن تضمن إنجاز خطة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولكنها فشلت؟ أما التفسير الآخر فهو “حصوله على مكاسب شخصية. ويذكر في هذا المجال أن جماعات الضغط الممولة سعودياً دفعت أجرة مئات الغرف بفندق ترامب بعد انتخابات 2016.
وتختم روبين: لقد باتت جريمة خاشقجي مثالاً آخر على سوء تقدير ترامب لحاكم مستبد، وكذلك على سوء تقديره للمدى الذي سيظل خلاله معظم أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين يُمارسون دور الخانعين الأذلاء. وقد فتح تمسك ترامب بولي عهد أرعن الباب على مصراعيه لمزيد من الارتياب، وبشكل علني، بحق رئيس أرعن يعاني من سوء تقدير خطير للأمور.
ارسال التعليق