السلطات السعودية تكتفي بتعهد شفهي من إسرائيل بحلّ الدولتين
ظهر التصدّي العربي للمُسيّرات والصواريخ الإيرانية الموجّهة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة كواحدة من ثمرات تطبيع بعض الأنظمة العربية مع الكيان الإسرائيلي.
وهو ما أكّده مسؤولون أمريكيون في تصريحات صحفية أن "الجهود الناجحة التي بذلتها عدة دول لإسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية يوم السبت يجب أن توضح لإسرائيل أن أمنها ضد التهديدات القادمة من طهران يمكن تعزيزه من خلال التكامل الوثيق مع السعودية".
حتى بات التصدي السعودي الذي أكده الإعلام الإسرائيلي والغربي؛ للضربات يشكّل دافعا عمليّاً لإعادة تحريك ملف التطبيع بين الكيانين المعلّق منذ السابع من أكتوبر.
ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين أمريكيين وسعوديين قولهم إن إدارة بايدن تسعى للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي طويل الأمد في الأشهر المقبلة يضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول التزام جديد بإقامة دولة فلسطينية مقابل اعتراف الرياض دبلوماسيا بها.
وتوفر هذه المفاوضات بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن، فرصة لتحقيق انفراجة دبلوماسية كبيرة في منتصف عام الحملة الرئاسية، وهو ما من شأنه أن يوسع اتفاقيات أبراهام التي أبرمها خصمه الجمهوري دونالد ترامب عندما كان في منصبه والتي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب.
تنقل الصحيفة الاميركية كذلك عن المسؤولين السعوديين أن السعوديين أشاروا سرا للولايات المتحدة الآن إلى أنهم قد يكتفون بتأكيدات شفهية من إسرائيل بأنها ستشارك في محادثات جديدة بشأن إقامة دولة فلسطينية لتأمين الأجزاء الأخرى من الصفقة التي تهم الرياض بشكل أكبر، وهي ضمانات عسكرية أميركية وتمكينها من الحصول على قوة نووية مدنية وفقاً لزعمها.
أمر آخر تنقله وول ستريت جورنال عن المسؤولين إن الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة قد يساعد إسرائيل أيضًا في استراتيجية خروج محتملة من غزة بمجرد انتهاء الحرب. وأن الولايات المتحدة رسمت خطة ما بعد الحرب من شأنها أن تعتمد على قوات من الدول العربية لتأمين غزة، لكن العديد من المساهمين العرب المحتملين يقولون إنهم لن يفكروا في المشاركة دون تحركات علنية من جانب إسرائيل نحو إنشاء دولة فلسطينية، من بين متطلبات أخرى.
ومع معاودة السعودية تنازلها عن الحصول على ضمانات ملموسة من كيان الاحتلال بالموافقة على حل للدولتين، يبقى إقناع رئيس حكومة الاحتلال بنيامي نتنياهو بتبني محادثات بشأن إقامة دولة فلسطينية يمثل العقبة الأكبر، حيث يعارض الأعضاء اليمينيون في حكومته والكثير من الجمهور (المستوطنين) الإسرائيلي إقامة الدولة الفلسطينية.
ووفق ما أفاد به المسؤولون الأمريكيون فإن الهدف الآخر لهذه المناقشات هو الحد من نفوذ الصين في المنطقة وزيادة عزلة إيران من خلال ربط الرياض بشكل أوثق بأقرب حليف لواشنطن في المنطقة.
أما بالنسبة للسعوديين، فإن الحصول على المزيد من الالتزامات الدفاعية الملموسة من الولايات المتحدة يعدّ هدفا مهما. حيث أن مساعدة البنتاغون للرياض في تعزيز دفاعاتها ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية هي مجال اتفاق محتمل، وفقًا لمسؤول أمريكي، لكن تفاصيل المحادثات بشأن المساعدة الدفاعية والنووية لم يتم الإعلان عنها.
كان أن صرّح مسؤولون أميركيون عن الضربة التي وجهتها عملية طوفان الأقصى لمساعي التطبيع السعودي ،حين قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعد يوم من الطوفان، إن “عرقلة التطبيع المحتمل للعلاقات بين إسرائيل والسعودية ربما يكون من دوافع الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل”. وهو ما عاد وكرره في مؤتمر صحفي حول نتائج زيارته للأراضي المحتلة.
توالت التصريحات السياسية من أبواب سعودية شتى لكنها تصبّ في المضمار عينه حتما؛ من تحييد الموقف السعودي عن إبداء أي موقف منحاز تماما للحق العربيّ ولا رافض لإسرائيل بما يتجاوز حد التنديد اللفظي. ولكن ما وراء الكواليس، كانت التحليلات تتوالى حول الموقف السعودي ومصير صفقة التطبيع. وتزامناً مع شبه الصمت الرسمي من الجانب السعودي واستبعاد استكمال الحديث السعودي المباشر –في التصريحات الرسمية وليس في المداخلات- عن مسار التطبيع، كانت التحليلات الغربية والتصريحات الأميركية، تفيد بحتمية استكمال المشروع. وفي واحد مما رشح من مواقف، تصريح المسؤول في البيت الأبيض، جون كيربي بأن هناك اهتمامًا من السعودية بالمضي قدماً في محادثات التطبيع مع اسرائيل، بعد اللقاءات التي أجراها وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان في واشنطن، لكن تركيز الجميع الآن هو على غزة.
وقد يكون أصدق تصريح عن حقيقة الموقف السعودي صدر عن عراب التطبيع تصريحات تركي الفيصل خلال كلمة ألقاها في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس في هيوستن الأميركية، إذ أدان “استهداف حماس للأهداف المدنية من أي عمر أو جنس التي تتهم به”، نازعًا عنهم صفة الإسلام إذ قال “مثل هذا الاستهداف يكذب ادعاء حماس بالهوية الإسلامية، الإسلام يحرم قتل الأطفال والنساء وكبار السن”. هذا الموقف كان محل ترحيب إسرائيلي، إذ استشهدت به صفحة إسرائيل بالعربية التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، وتناقلته وسائل الاعلام الإسرائيلية، وخاصة فيما تعلق بالتطبيع السعودي، وقول الفيصل “إنني أدين حماس لتخريبها محاولة المملكة العربية السعودية للتوصل إلى حل سلمي لمحنة الشعب الفلسطيني”.
ارسال التعليق