العيد الوطني السعودي.. مظاهر فرح منقوصة وتخوفات من الحرب
تواجه المملكة السعودية، التي تحكمها أسرة واحدة منذ تأسيسها، العديد من التحديات والصعوبات، وسط مخاوف من أن تواجه حرباً جديدة، ليست كحربها في اليمن، فهذه المرة ستكون على أرضها.
وبالتزامن مع اليوم الوطني الذي يوافق الـ23 من سبتمبر من كل عام، تعيش المملكة في موقف مرتبك يتسم بالفوضى، وسط مخاوف من أن تدخل الرياض في حرب مع إيران؛ خصمِها الرئيس في المنطقة، بدعم من واشنطن.
ومنذ وقت طويل تعد السعودية وإيران خصمين إقليميين في الشرق الأوسط، لكن حدة التوترات بينهما زادت في الآونة الأخيرة، عقب استهداف أبرز محطتين سعوديتين لإنتاج النفط لهجمات تسببت في توقف تصدير نصف إنتاج المملكة.
تطورات المشهدولم تمر الهجمات التي تعرضت لها مصافي نفط شركة "أرامكو" السعودية في بقيق وخريص، في 14 سبتمبر الجاري، من دون أن تثير مخاوف السعوديين من اندلاع حرب مع إيران، بشأن مدى قدرة طهران العسكرية على تهديد البنية التحتية للمملكة ودول الجوار.
ورغم إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن قصف المنشآت النفطية فإن الرياض قالت إن القصف لم يكن من اليمن، مشيرة إلى أن الأسلحة المستخدمة إيرانية الصنع، وهو ما أكدته واشنطن أيضاً.
قصف بقيق
وفي حين تجري تحضيرات داخلية للاحتفال باليوم الوطني، تبحث الولايات المتحدة مع السعودية وحلفاء آخرين من الخليج الردود الممكنة على هجوم أرامكو، الذي وصفه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بأنه "عمل حربي إرهابي" ضد المملكة.
فيما حذر وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، الخميس 19 سبتمبر، من أي ضربة عسكرية أمريكية أو سعودية ضد إيران، قائلاً إنها ستفضي إلى "حرب شاملة".
مظاهر الفرح منقوصة!هذه التطورات جاءت مع اقتراب العيد الوطني السعودي الـ89، الذي غالباً ما كانت تستعد له السعودية منذ وقت مبكر؛ بنشر الأعلام وصور الملك في الشوارع والطرقات، وإعداد المهرجانات المختلفة، إلا أن أزمة الرياض الجارية طغت على المشهد الاحتفالي، وجعلت الاستعدادات للاحتفال به شبه محدودة.
وتساءل المواطن السعودي ناصر الخالدي عن سبب اختفاء "مظاهر مناسبة العيد الوطني لمملكتنا، في العديد من شوارع ومداخل البلدات الشمالية!!!"، وقال: "أين بلدية العمران وما يتبعها، من هذه المناسبة الوطنية؟؟".
وبسبب الضربات الاقتصادية الموجعة التي تعرضت لها المملكة مؤخراً، قالت سعودية تدعى "زهرة"، إن شركات الطيران في المملكة رفعت أسعار قيمة التذاكر في العيد الوطني، خلافاً لما اعتادت عليه مسبقاً من تخفيض للأسعار.
يحيي السعوديون في 23 سبتمبر منذ عام 1932، ذكرى تحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة السعودية.
ويأتي احتفال السعودية باليوم الوطني هذا العام تزامناً مع أزمات وتغييرات غير مسبوقة تشهدها البلاد، بدءاً من التدخل العسكري في حرب اليمن دون تحقيق نتائج، وهو ما جعل المملكة تحت تهديد دائم من الحوثيين، أزال حالة من الاستقرار النسبي عاشتها المملكة سنوات.
سياسة بن سلمان المتهورة التي جلبت الاضطراب للمملكة، شملت الوضع الداخلي وما طرأ عليه من إحكام القبضة الأمنية، والتغييرات في جذور المجتمع وعاداته، وصولاً إلى الهجمات على منشآتها النفطية.
ووظفت السلطات السعودية جميع وسائل الإعلام بمختلف فئاتها، للترويج لما سمّته "إنجازات" ولي عهدها الجديد محمد بن سلمان، خلال احتفالاتها بهذه المناسبة، وسيطرت على الرواية الوحيدة التي تُصدّر للمجتمع، متناسين ما تمر به بلادهم من أزمات.
ومع بدء الفعاليات في عسير، بدا لافتاً استعراض القدرات العسكرية، والعروض المسلحة أمام حشود المواطنين، الذين خصصت لهم المحافظة مئات الحافلات لحشدهم في أماكن معينة .
خالفت سياسة بن سلمان ما روجته المملكة للعالم عن نفسها، بأنها دولة إسلامية، تحافظ على القيم في تعاملاتها، وتخرّج للمجتمع المحلي والدولي دعاة ووعاظاً، فقد تحولت البلاد إلى دولة منفتحة، وأباحت ما كان محظوراً.
هل تستعد الرياض للحرب؟وبالتزامن مع التحضير للعيد الوطني دوت أصوات صفارات الإنذار، في 19 سبتمبر، في العاصمة السعودية الرياض وعدد من المدن الأخرى القريبة، في إجراء قالت المملكة إنه "تجريبي دوري"، لكنه يتزامن مع التوترات الإقليمية.
ووثق سكان الرياض ومدن أخرى تجربة الصفارات التي أطلقها الدفاع المدني، حيث أطلقت مكبرات الصوت المنتشرة في مناطق المدينة صوت الصفير الشهير الذي يذكر بالحروب والكوارث.
وقال الدفاع المدني السعودي إن التجربة "مجدولة مسبقاً، وتهدف للتأكد من كفاءة أنظمة صفارات الإنذار وجاهزيتها في مدينة الرياض ومحافظات الدرعية والخرج والدلم".
ورغم أن الدفاع المدني السعودي أبلغ بموعد التجربة بشكل مسبق عبر وسائل الإعلام مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الهاتف الجوال فإن ذلك لم يمنع السعوديين من التساؤل عن تزامنها مع التوترات الجارية.
مخاوف السعوديينووسط الحديث عن احتمال شن عملية عسكرية قد تستهدف طهران، قالت السعودية الدكتورة مريم السلطان في صفحتها بـ"تويتر": إن "#تجربة_صافرات_الإنذار ذكرتنا بحرب الخليج وكيف كان يصيبنا الرعب عند سماع الصافرة".
وقالت فاطمة البتال إنه على الرغم من وجود علم مسبق بوقت إطلاق صافرت الإنذار "فإن الخوف اعترانا"، مضيفة: "يارب لاتبكينا على وطن عشنا على أرضه".
وقال حساب على "تويتر" باسم "جدوع": "لعلّ #تجربة_صافرات_الإنذار تذكّر خِفافَ الدم أنّ الحربَ ليست لعبةً نتسلّى بأخبارها تحت المكيّفات، تعوّذوا بالله من زوال النعمة وتحوّل العافية وفُجاءة النقمة".
كما نفذت مدارس في الرياض عملية إخلاء تجريبية لطلابها، فيما يبدو أن توجيهات من الجهات الحكومية قد صدرت بالاستعداد لأي طارئ قد تمر به المملكة.
وطغى التذكير بما آلت إليه الحرب في سوريا واليمن على كثير من التغريدات على "تويتر"، التي أبدى الناشطون فيها خشيتهم من أن تتحول بلادهم إلى ساحة حرب طاحنة، حيث اكتفى مغرّد بنشر صورة لشارع مدمر في سوريا، مرفقاً بعبارة "صورة مع التحية لكل من يدعو للحرب".
وقال "أحمد" في صفحته بـ"تويتر": "مجرد ما سمعت صوت الصافرات جاني شعور غريب، جاء في بالي حرب الخليج وسوريا واليمن وليبيا وغيرها من البلدان الي أشوف صور عنهم بعد الحروب".
وذكر ناشط سوداني، معلقاً على صافرات الإنذار وخوف السعوديين من الحرب: "إن حكومات السعودية والإمارات بعد أن دمرت ليبيا واليمن ها هي اليوم تجد نفسها تحت مرمى القصف".
وأضاف: "تجد نفسها تعيش هالة هلع وتطلق صافرات الإنذار التحذيرية، ألن يشعر العربي بغيره إلا بعد أن يشرب من نفس الكأس؟".
ارسال التعليق