جماعة الحوثي: لا جوائز لابن سلمان
لكن «أنصار الله»، كما حلفاؤها في طهران وبيروت، يظهرون خشية كبيرة من كون العالم يقوم اليوم بمناورة كبيرة، ليس هدفها سوى امتصاص النقمة العالمية والداخلية ضد سياسات محمد بن سلمان، بينما يجري العمل بالتعاون بين القوى العسكرية والأمنية، السعودية والإماراتية والأميركية والإسرائيلية، على مشروع إنتاج سريع لأسلحة دقيقة قادرة على مواجهة خطر الطائرات المسيّرة، وإنتاج رادارات تتيح الكشف عن حركة هذا النوع من الأسلحة قبل وصولها إلى الهدف. وبينما يردّد حلفاء السعودية أن ابن سلمان يحتاج إلى جائزة، ولو في الشكل، تتيح له وقف الحرب مع إنجاز ما، فإن حركة «أنصار الله» (ومن خلفها إيران) ترفض بصورة مطلقة منح ابن سلمان أي جائزة على جرائمه، بل هي تحذر من أنه في حال فوّت الفرصة الآن، فسوف يواجه مشكلات أكبر في وقت قريب، وأن المعارك سوف تنتقل هذه المرة إلى داخل العمق السعودي، وعندها لن تنفع كل محاولات التوسّط، وسوف يكون أمام الاختبار الأخير لشعار الحماية التي يتحدث عن توفيرها له من قِبَل واشنطن وعواصم غربية أخرى.وفي هذا الإطار، يلفت المصدر إلى أنه تبيّن بشكل واضح خلال الأسبوعين الماضيين أن ابن سلمان «يريد التخفّف من المناخات السلبية التي قامت بعد ضربة أرامكو وضربة نجران، وأنه يبحث عن حلّ مجتزأ، لكن يتيح له العودة إلى الحرب متى يناسبه الأمر». ويذكّر المصدر بما فعله ابن سلمان في الحديدة سابقاً، عندما أراد تجاوز الفشل الميداني والمناخات التي رافقت اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، قائلاً: «يومها قَبِل السعودي بمفاوضات السويد، وبإعلان وقف محدود لإطلاق النار، لكن لم يوقف الحرب، بل عاد إلى التصعيد في وقت لاحق. وهو الآن يبحث عن اتفاق مماثل ولو كان أكبر من اتفاق الحديدة، لكنه يشتري الوقت لا أكثر». ويعرب المصدر عن اعتقاده بأنه «لا مجال أمام السعودية حالياً إلا الدخول في مفاوضات، إلا أنها تفعل ذلك بهدف تجميد الجبهات لكن مع استمرار الحصار والخنق»، مشيراً إلى أن «الحصار النفطي يشتدّ أكثر فأكثر»، مستدركاً بأن «استمرار هذا الوضع لن يكون أمراً محسوماً، لأن جماعة الحوثي، ومع معرفتها بحساسية الموقف وطبيعة الضغوط القائمة، سوف تكون مضطرة إلى اتخاذ قرارات جريئة ونوعية بقصد إلزام الطرف الآخر بالذهاب نحو حلّ شامل. وإن الجانب البريطاني يعرف هذه النقطة جيداً، وهو الذي يعرب عن مخاوفه من انفلاش الأمور وخروجها عن السيطرة».أما في شأن الموقف الإماراتي، يذكر المصدر أن أبو ظبي تحاول بصورة متواصلة إقناع إيران بأنها لم تعد في الموقع نفسه. وهي تحاول القيام بخطوات تجاه سوريا، بقصد إظهار استعدادها لمبادرات «حسن نية تجاه محور المقاومة»، واصفاً ذلك بأنه «بضاعة غير قابلة للتسويق»، مؤكداً أنه «لم يحصل أي تفاهم إيراني ــ إماراتي في شأن اليمن»، وأن «طهران تكرّر دعوة الإمارات إلى التحاور مباشرة مع الجماعة وإلى الإسراع في خطوات عملية على الأرض تظهر صدق نياتها بالخروج من الحرب». غير أن الوقائع على الأرض تقول عكس تلك النيات، إذ تكشف معلومات «أنصار الله» عن استمرار الإمارات في نقل المقاتلين والعتاد عبر البحر بقصد تعزيز جبهتَي الحديدة وتعز، وأنها تعمل على إيجاد علاج لأزمة الجنوب، المقبلة على تصعيد، مع إعلان السعودية وقف صرف مرتبات الموظفين الذين كانوا يعملون تحت سلطة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي. وشرح المصدر القلق الإماراتي بأنه ذو وجهين: «الأول، يتعلق بالخشية من ضربة على طريقة أرامكو. والثاني، من توصل السعودية إلى اتفاق مع أنصار الله من دون المرور بها». وعليه، لا يستبعد أن يلجأ الإماراتيون إلى تفجير الموقف العسكري في الحديدة وتعز بقصد جرّ الآخرين إلى إشراكهم في المفاوضات وفي التسوية.
ارسال التعليق