قناة العربية تنصب فخاخ الفتنة بين الأردن وفلسطين.. فتنقلب عليها
لا تقف آلة التضليل السعودية عند حدّ التحكّم في محتوى ما تقدّمه "ثعابينها" على الهواء من تهميش وتخوين حركات المقاومة في المنطقة، من المقاومة في فلسطين (حماس). بل تتمادى في خبثها لاستضافة شخصيات على هوائها وممارسة ما يشبه الإجبار على إدانة المقاومة. كيف لا ومن يديرها يريد من المقاومة أن تضع السلاح جانبا وتحارب بالكلمة الطيبة!
تمظهر الخبث الإعلامي السعودي مؤخراً خلال برنامج "خارج الصندوق" على قناة "العربية"، حيث كان الهدف اصطياد تصريح يبثّ الفتنة بين الأردنيين والمقاومة الفلسطينية، لتتحول القناة ومقدمة البرنامج رشا نبيل نفسها إلى مادة سخرية على وسائل التواصل الاجتماعي بعد الأجوبة التي لجم بها وزير الداخلية الأردني السابق سمير الحباشنة؛ نواياها.
واستكمالاً للحملة التي بدأتها الآلة السعودية على أحرار الأردن، كان عنوان الحلقة "غضب في الأردن من تحريض حماس لاستقرار المملكة"، ليبتعد بشكل فجّ عن مزامع القناة في تعريفها للبرنامج التلفزيوني بأنه يسعى لـ"مناقشة الملفات الإخبارية بعمق"، ليتبيّن أن المقصود هو العمق المطلوب في حوارات البرنامج للوصول إلى غايات القناة.
محطات عديدة مرّت بها الحلقة؛ تضع الإعلامية ومن يهمس في أذنها في موقف العمالة وتضع الضيف الأردني في السكة المقابلة من خلال أجوبته التي قدم فيها منطق الشارع الأردني الحقيقي الواقف إلى جانب خيار المقاومة.
ابتدأت نبيل سلسلة ما حُضّر للضيف من "فخاخ"؛ عبر سؤال "هل تجاوزت حماس الخطوط الحمراء بدعوتها الأردنيين إلى التضامن مع غزة؟"، ليكون الحباشنة كالمربّي ويذكّر المذيعة بأن ما يجري في غزة يجب أن يُنظر إليه "كجرح في القلب العربي" لاجما سؤالها بالتأكيد على أن الشعب والفلسطيني والأردني شعب واحد يعيشان نفس التهديد، وما القضية الفلسطينية إلا قضية أردنية داخلية لا تنفصل عن هموم المواطن الأردني الأخرى.
فتقاطعه محاولةً تزييف الموقف الأردني وحصره في إطار أن "نصف الشعب الأردني (ذوو) أصول فلسطينية"، ليفاجئها بأن وإن صح كلامك فإن النصف الآخر هو أردني أبا عن جد ويرى في فلسطين قضيته الأساسية.
لتعيد المذيعة "النبيهة" توجيه بوصلة الحوار بعيدا عن تبجيل الموقف الأردني الشعبي، فتسأل الضيف عن "الحدود الفاصلة بين التظاهر والتعبير وبين التخريب والفوضى"، ولأن الضيف متيقّظاً لهوية المحطة السعودية، حيث الاحتجاجات وكل أشكال التجمعات محظورة، أعاد تذكيرها بأن التظاهر في القانون الأردني حق مشروع دوناً عن إحداث الفوضى .
وحول محاولات المحطة تحوير مصطلح "الزحف" الأردني إلى فلسطين الذي أتى على لسان اسماعيل هنية، قال الحباشنة "ما قاله الإخوة في حماس بشأن الزحف والتحرير مجازي، والتحرير معركة عربية، ومعركة مستقبلية، وإذا بقي الصهاينة والاحتلال بهذه الروحية، فسيأتي جيل وتتهيأ الظروف للتحرير، ولا يجوز أن يوضع العبء على الأردن وحده، أو على الأشقاء في لبنان وحدهم".
إلى أن تمادى بنبيل الحال حتى محاولة تصوير ما يحصل اليوم في الأردن من تحركات استنكار للعدوان الاسرائيلي على غزة؛ على أنه يمهّد لتكرار أحداث أيلول الأسود، فكانت مباغيها أكثر وضوحا لتحويل الاحتجاجات الأردنية أمام سفارة الاحتلال إلى مظاهرات تهدد استقرار الأردن. ومرة أخرى نبّهها الحباشنة من خطورة تحويل الأمر في هكذا اتجاهات خطرة.
وهو الحديث عينه الذي ردده الذباب الالكتروني السعودي، ويعيد ترديده الذباب الإعلامي.
فقد أثارت الاحتجاجات الأخيرة في الشارع الأردني، من أمام سفارة الاحتلال في العاصمة عمّان “وهوَشَة” حسابات مُطبلي النظام السعودي من ناشطين وكتّاب بلاط. وتحت وسم “معاكِ يالأردن” تمرجل عبداللطيف بن عبدالله آل الشيخ وكتب ” لن نسمح مطلقاً لكائنٍ من كان و لو مجرد التفكير في زعزعة أمن الأردن الشقيق و المزايدة على سيادتة و مَلكيته و أسرته الحاكمة و شعبه الشقيق . حماس ولعبها بالنار لن يزيدها إلا إندحاراً و هزيمة و خسارة .. من الآخر نقول بفمٍ واحد :الاردن خط احمر”.
كما أفتى رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط السابق طارق الحميّد أن “كل من يبرر او يحرض على امن الأردن وكائنا من كان، إعلام او أفراد او دول، يجب ان يكون عدوا لنا. نعم أمن الأردن خط أحمر، هكذا يجب ان يكون موقفنا جميعا”.
بالمقابل، شهدت حلقة "خارج الصندوق" استنكار الشارع الأردني للوقاحة التي وصل إليها الإعلام السعودي.
فكتب أحد الحسابات الأردنية: "مذيعة العربية حاولت بكل الطرق أن تاخذ تصريح واحد من وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة ضد الأشقاء في فلسطين لكنه بكل عنفوان أبى ذلك وخلاصة كلامه ان الأردن تعمل جاهدة من اجل فلسطين وشعبها وان إسرائيل هي العدو الحقيقي للعرب كافة عاش الأردن عاشت فلسطين".
وأشاد آخر باللقاء واصفا المحطة بأنها "عبرية" بدلا من "عربية": "حوار سمير الحباشنة مع العبرية يُدرَس "
وعلّق الإعلامي رضا ياسين "قناة العربية تستضيف وزير داخلية أردني سابق في محاولة لبث الفتنة والترويج لوجود غضب أردني من قيادات المقاومة فجائتهم صفعة قويّة من الوزير سمير الحباشنة : "لا نريد أن نقول كأردنيين أكلت يوم أكل الثور الأبيض، فنحن نعييش نفس الهم والتهديد الإسرائيلي وفلسطين قضية داخلية أردنية ""
حساب آخر كتب "قناة العبرية تلعب بالنار والتاريخ يكتب لها تنفيذها لاجندة صهيونية صفوية"
يُذكر أن وسائل الإعلام السعودية تستضيف المزيد من الشخصيات الإسرائيلية منذ حرب غزة، حيث ظهر المسؤولون الإسرائيليون بشكل متزايد في وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية المملوكة للسعودية للتعليق على الحرب على غزة.
داوود الشريان في طابور الذباب:
وفي السياق استنكر ناشطون أردنيون تفاعل وزير الاتصال الحكومي في الحكومة الأردنية مهند مبيضين، مع إعلاميين سعوديين، بينهم داود الشريان، علقوا على مظاهرات السفارة الإسرائيلية في عمّان.
وقد أثنى الوزير مبيضين على اتهامات الشريان للمتظاهرين الأردنيين أنهم يريدون نقل طوفان الأقصى إلى الأردن، وأنهم أدوان بيد الإخوان المسلمين. وعلق الوزير قائلا: “شكرا أخي الأستاذ داود وحفظكم الله، أنتم أهل المروءات والطيب”، رغم أن الخطاب الرسمي الأردني لا يتهم حركة حماس أو الإخوان المسلمين بما ذهب إليه الشريان.
وكتب الإعلامي السعودي إن احتجاجات الإخوان المسلمين في شوارع الأردن، تذكر باحتجاجات الإخوان في مصر، “الجماعة تهدف إلى نقل الطوفان، الذي ضيع غزة وأهلها، إلى الأردن، لتحقيق أهداف (أيلول الأسود)".
واضعا الاحتجاجات في سياق غبيّ بعيد عن الواقع الحالي في المنطقة، حيث كتب في تغريدته أن "الاحتجاجات التي تشهدها الأردن تذكرنا بنظيرتها المصرية التي تحركت في 25 يناير 2011. بدأت عفوية في الأيام الأولى. ليس لشعاراتها لون سياسي محدد. كانت مجرد تعاطف مع الفلسطينيين الذين يواجهون همجية إسرائيل في غزة. ومع الوقت فقدت الاحتجاجات الأردنية عفويتها."
وعبّر الناشطون عن استيائهم من الأمر من بابا تفاعل وزير أردني مع تغريدة لإعلامي سعودي يتدخل في الشأن الداخلي بالمملكة.
وكان أن انتقد مبيضين حركة “حماس” بعد الرسالة التي وجهها محمد الضيف قائد كتائب القسام الجناح العسكري للحركة للجماهير العربية والإسلامية بما فيها الشعب الأردني بضرورة تجاوز الحدود والدفاع عن المسجد الأقصى وموقف رئيس المكتب السياسي للحركة في الخارج خالد مشعل الذي طالب الأردنيين بالنزول للشارع باستمرار خلال مشاركته في مؤتمر بعمان عبر تقنية الفيديو.
وقال مبيضين في تصريح لقناة “سكاي نيوز عربية” إن أي محاولات للتحريض على الدولة الأردنية هي محاولات يائسة تريد أن تشتت البوصلة وتشتت تركيزنا موجها نصيحة تحمل الكثير من النقد للمسؤولين في حركة حماس قائلا “نتمنى على قادة حماس أن يوفروا نصائحهم ودعواتهم لضرورة حفظ السلم ودعوة الصمود لأهلنا في قطاع غزة”. واتهم الحركة الفلسطينية بالعمل على كسب الشعبية رغم الدمار الذي حل بقطاع غزة بسبب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي مؤكدا “أن الأردن بلد له سيادة وله مرجعياته الدستورية وقيادته تسمو على هذه المرجعيات وعندما يكون الملك عبدالله الثاني في مقدمة الموقف العربي لا ننظر إلى بعض المراهقات السياسية، ولا إلى من يريد أن يحصد الشعبية على أنقاض الدمار الذي حل في غزة نتيجة لهذه الحرب الكارثية”.
ارسال التعليق