مساعٍ دوليّة لتنحية ابن سلمان.. والأمير أحمد أبرز البدلاء
بفعل تسارع ردود الأفعال الدولية على خلفيّة قضيّة مقتل الصحفي السعوديّ، جمال خاشقجي، في قنصليّة بلاده بإسطنبول، في الثاني من أكتوبر الجاري، بدأ الحديث داخل دوائر صنع القرار بالولايات المتحدة عن اتخاذ قرار بمنع ولي العهد، محمد بن سلمان، من تولّي السلطة خلفاً لوالده.
ورغم أن التفاصيل النهائية لمسار التحقيق بمصير خاشقجي لم تصدر بعد، فإن مراقبين وعدداً من الشخصيات الغربية الهامة أكّدت أن ما قبل هذه الحادثة لن يكون مشابهاً لما بعدها، خاصة أن جميع الأدلّة تشير إلى تصفية خاشقجي بطريقة وحشيّة من قبل فرقة اغتيال جاءت خصّيصاً من المملكة، وبعلم ابن سلمان شخصيّاً.
وفي هذا السياق هدّد مسؤولون أمريكيون، في مقدّمتهم الرئيس دونالد ترامب، بفرض عقوبات على السعودية إذا ما ثبت وقوفها خلف تصفية خاشقجي، الأمر الذي فسّره مراقبون باقتراب تخلّي الإدارة الأمريكية عن ولي العهد السعودي، بعد أن كان "الحصان الرابح" الذي لطالما راهن عليه ترامب وصهره جاريد كوشنر.
وان المعلومات تؤكّد أن هناك سعياً وإرادة دوليّة وعربية ومحليّة للتخلّص من ابن سلمان وإنهائه سياسيّاً؛ بعد أن تسبّبت سياساته الداخلية والخارجية بإدخال بلاده والمنطقة في سلسلة من الأزمات غير المسبوقة.
مصادر أكّدت أن حالة الغضب والسخط على ابن سلمان ليست على الصعيد الدولي فقط، بل إن الجو العام الذي يسود عائلة "آل سعود" في المملكة يُشير إلى التحضير لأمر كبير خلال الفترة المقبلة، قد يصل إلى الاصطفاف خلف شخصيّة توافقيّة ودعمها للقيام بتحرّك مدروس ضدّ الملك سلمان وابنه.
وتضيف المصادر: إن "ابن سلمان أصبح يعيش في عزلة أشدّ من ذي قبل على مستوى مكانته وشعبيّته داخل العائلة، وبدأ يشعر بتهديد وجوديّ له أكثر من ذي قبل (في إشارة إلى اعتقالات فندق الريتز كارلتون التي طالت أمراء ومسؤولين)، خاصة أن عمّه، أحمد بن عبد العزيز، الذي يعدّ الأحقّ بالملك منه، موجود خارج المملكة، ولا تعرف الدوائر المحيطة بولي العهد ماذا يخطِّط بالوقت الحالي".
وبحسب المعلومات فإن هناك مساعي حثيثة داخل العائلة لإقناع الأمير أحمد بن عبد العزيز بالتحرّك دولياً ضدّ ابن سلمان؛ من خلال قبول مقترحات بعض الجهات الغربية بأن يكون البديل المحتمل للملك سلمان، العاجز فعليّاً عن إدارة مقاليد البلاد، خاصة أن الأول يتمتّع بعلاقات قويّة جدّاً مع مسؤولين نافذين داخل الإدارتين الأمريكية والبريطانية.
ليس هذا فحسب، بل إن الأمير عبد العزيز، نجل الملك الراحل عبد الله، ونائب وزير الخارجية السابق، والموجود حالياً في باريس، يبذل هو الآخر مساعي حثيثة لإقناع قصر الإليزيه بالتحرّك الفعليّ لمنع ابن سلمان من الوصول إلى الحكم، ودعم الأمير أحمد بدلاً منه. ومنذ تصريحه الذي هاجم فيه الملك سلمان ونجله، بداية شهر سبتمبر الماضي، اختار الأمير أحمد بن عبد العزيز الاستقرار بالعاصمة البريطانية لندن، في خطوة فسّرها مراقبون على أنها تخطيط الأخير لإعداد السيناريوهات المثلى لإزاحة الملك وابنه من السلطة.
وكان الأمير أحمد بن عبد العزيز قد ظهر في مقطع فيديو وهو يناشد المتظاهرين الغاضبين الذين هتفوا أمامه أثناء دخوله مقرّ إقامته في لندن بهتافات مندِّدة بسياسات العائلة الحاكمة في المملكة، بأن أسرة "آل سعود" لا دخل لها بهذه السياسة، وأن المسؤولية تقع كاملة على الملك سلمان وولي عهده.
في سياق متّصل، بموضوع خليفة ابن سلمان، ذكرت تقارير إعلامية أن هنالك حديثاً عن إمكانيّة إعادة مراهنة الإدارة الأمريكية على ورقة وزير الداخلية وولي العهد السابق، محمد بن نايف، لأداء دور محتمل بإزاحة ابن سلمان، لكن المعطيات تؤكّد بشكل قاطع أن الأخير انتهى سياسيّاً منذ أن نجح ابن سلمان بإزاحته من منصبه بطريقة مُهينة نزعت منه هيبته.
ومنذ إزاحته عن منصبه كوليّ للعهد، في شهر يونيو 2017، ووضعه تحت الإقامة الجبرية بمرحلة أولى، يعيش ابن نايف تحت رقابة أمنية مشدّدة تمنعه من التحرّك بحريّة، الأمر الذي يؤكّد استحالة أن يقوم بأي خُطوة ضدّ ابن عمّه الذي نجح في هزّ صورته وتشويهه إعلامياً بمرحلة أولى، وبعزله عن الأمراء المؤثّرين داخل العائلة. ويتخوّف مُراقبون من نتيجة الصراع على الحكم بالسعودية، وسط تحذيرات من إمكانية لجوء ابن سلمان لاستخدام القوّة المادية وحرق الأخضر واليابس لمنع كلّ من يقف أمامه ليكون أصغر ملك في تاريخ المملكة.
ارسال التعليق