نداء الوطن: الأجندة السعودية على قدم وساق
بقلم: زكية الديراني ...
في مبنى «استديو فيزيون» في النقاش (شمال بيروت)، أطلق رئيس مجلس إدارة mtv ميشال المرّ ورشة لتجهيز طابق كامل، ليستقرّ فيه فريق صحيفة «نداء الوطن» التي ستنطلق بحلّتها الجديدة مبدئياً في شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. بات معروفاً أن الجريدة التي أعاد ميشال مكتّف إطلاقها عام 2019 لأهداف سياسية، تراجعت بعد وفاته عام 2022 ثم توقفت عن الصدور في منتصف حزيران (يونيو) الماضي، لتصبح أخيراً في حضن المرّ وتنضمّ إلى مؤسّساته الإعلامية التي يديرها، على رأسها mtv. لم تكن الولادة الجديدة لـ«نداء الوطن» سهلة. في شهر آذار (مارس) الماضي، أعلن المدير العام (السابق) للصحيفة رجا الراسي عن وقف النسخة الورقية، في انتظار العثور على ممولين جدد بعدما قررت عائلة مكتّف نفض يدها من الجريدة الورقية.
جاء القرار نتيجة الخسائر المالية التي تكبّدتها في ظلّ تراجع قرّائها وانسحاب الممولين منها. وبعد ثلاثة أشهر من العمل في الموقع الإلكتروني فقط، أعلن الراسي عن موقفه النهائي في منتصف شهر حزيران (يونيو) الماضي، وتمثّل في إغلاق الصحيفة ورقياً وإلكترونياً لأسباب مالية. لاحقاً، استغلت الجريدة الأوضاع الاقتصادية التي يمرّ بها البلد، وقضمت تعويضات الموظفين الذين وافقوا على الحصول على الفتات. بعد تسوية أمورها القانونية، اشترى المرّ امتياز «نداء الوطن» في صفقة جرت بينه وبين عائلة مكتّف، على أن يُعيد إطلاقها مجدداً في فصل الخريف المقبل. هكذا، ستنضم الجريدة إلى الإمبراطورية الإعلامية والإنتاجية التي يسعى المرّ إلى تشكيلها، وستتكلّل قريباً بإطلاق إذاعة سياسية بعنوان MFM، لتكتمل بذلك دائرة المؤسسات التي تنطوي تحت جناح المرّ، وتغطي الإعلام المكتوب والمقروء والمسموع. وهذا الأمر يعطي المرّ حيّزاً واسعاً لجذب التمويل المالي، وتحديداً من الدول الخليجية. في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أنّ المرّ عيّن الصحافي اللبناني أمجد اسكندر في منصب رئيس تحرير «نداء الوطن»، وينكبّ حالياً على تشكيل فريق العمل. وقد سبق لاسكندر أن تبوّأ مناصب عدة سابقاً من بينها رئاسة تحرير موقع «إندبندنت عربية» الإلكتروني التابع للسعودية والمتخصّص في الأخبار الفنية والسياسية المتنوعة، ويتّخذ من بيروت مركزاً له. كما أن الصحافي معروف بمواقفه المعادية للمقاومة عبر كتاباته التي ينشرها في مختلف المواقع الإلكترونية.
على الضفة نفسها، تشير المعلومات إلى أنّ المرّ أجرى دراسة حول إعادة إطلاق الجريدة بالشراكة مع رئيس مجلس إدارة مصرف SGBL أنطوان الصحناوي، وعلى أساسها تمّت الشراكة. والأخير يموّل غالبية البرامج في قناة mtv وعلى رأسها برنامج مارسيل غانم «صار الوقت» الذي يخصّص حلقاته للهجوم على المقاومة ومؤيديها. وكان «صار الوقت» لاعباً أساسياً في تلميع صورة المصارف التي قضمت أتعاب اللبنانيين وسرقة ودائع الناس.
في السياق نفسه، تشير المصادر إلى أن المرّ سيستعين بمجموعة من الصحافيين من الفريق القديم لـ«نداء الوطن» التي كان يرأس تحريرها بشارة شربل. أتت هذه الخطوة بعدما قرّر المرّ إجراء توأمة بين «نداء الوطن» و mtv، طالباً من موظفيه في القناة الالتحاق بالوسيلة الإعلامية المطبوعة، ليكتشف أن أكثرية الموظفين لديه من مذيعين (ت) ومحررين (ت)، ليسوا ضالعين في الكتابة باللغة العربية، ويحتاجون إلى دورات في الصحافة المكتوبة. مع العلم أن غالبيتهم هم خرّيجو اختصاصي الصحافة والإذاعة. هذا الأمر أجبر المرّ على التفتيش عن صحافيين من خارج الشاشة الصغيرة، وحتى اليوم لم يكتمل الفريق الجديد.
في المقابل، يبدو أنّ الوضع في قناة mtv غير مستقر. إذ تلفت المصادر إلى أنّ الموظفين في القناة فوجئوا بإعلان المرّ استحواذه على امتياز «نداء الوطن». وتكشف المعلومات أن العاملين يشعرون بالامتعاض من مشروع المرّ الجديد الذي لم تُعرف دوافعه، وخصوصاً أنه لا يتمتع بخبرة في الصحافة المكتوبة. كما أن موظفي mtv يشكون انخفاض رواتبهم الشهرية. إذ يتقاضى الموظفون قرابة 40 في المئة من رواتبهم بالدولار الأميركي، بينما الجزء الأكبر من معاشاتهم بالليرة اللبنانية. وهذه الخطة يتّبعها المرّ منذ أربع سنوات قبيل الأزمة الاقتصادية، وقد انعكست تململاً بين الموظفين في ظلّ الغلاء المعيشي في البلد.
على الضفة نفسها، تلفت المعلومات إلى أنّ المرّ فتح خطاً مع السعوديين للحصول على تمويل. وتكشف المصادر إلى أنّ نجل المرّ المستقرّ في الرياض، قد التقى رئيس مجلس إدارة «الهيئة العامة للترفيه» في المملكة تركي آل الشيخ، عارضاً عليه تنفيذ الأجندة السعودية في لبنان. وتعهّد المرّ الابن أمام «بو ناصر» بأنه قادر على تبنّي سياسة إعلامية قوامها أبلسة وتشويه صورة المقاومة. ويبدو أنّ بوادر التعاون بين الطرفين بدأت تثمر أخيراً، بعدما عرضت قناة mtv مسلسلات كانت تبثّ حصرياً على تطبيق «شاهد» المنضوي تحت الشبكة، من بينهما مسلسلا «عَ الحلوة والمرّة» و«صالون زهرة» وغيرهما. علماً أنّه لا يمكن الاستخفاف بخطوة عرض المشاريع الدرامية، فقد رفض السعوديون مراراً العروض القاضية ببث مشاريعهم الدرامية بالتوازي مع قنوات عربية ولبنانية. لكن يبدو أنهم غيّروا رأيهم أخيراً، وسيواصلون العمل مع المرّ في القريب العاجل.
ارسال التعليق