هل أتاك حديث تيران وصنافير؟
أحالت الحكومة اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية للبرلمان، والبرلمان قرر مناقشتها وتمريرها في رمضان. كان المقصود أن لا يتكلم أحد في الموضوع أو ينسى الناس بمرور الوقت.
ولكن كيف يمكن للناس أن تنسى التنازل والتفريط عن الجزيرتين الذي تم في مشهد بائس كُتِبَ تحت سيف تهديد الأجهزة الأمنية وحفنة من ساعات الرولكس وتأشيرات الحج وأموال الكفيل.
بل إن وثائق ويكيليكس كشفت منذ أكثر من عام أن أحد أبطال مسرحية التصويت على تسليم الجزيرتين كان قد طلب سابقا عن طريق سفارة المملكة في مصر أموالا لكي يؤسس جريدة وقناة لمقاومة التشيع في مصر، ربما يتناول المسلسل الذي سيروي سيرته الذاتية، دوره القائد في مكافحة التشيع بأموال الكفيل، وبطولاته في التنازل عن أرض وطنه. ربما نعرف في رمضان المقبل!!
الرئيس قال في رمضان أيضا أن الموضوع انتهى. فهل انتهى حقا حديث تيران وصنافير؟!
العالمون بكواليس اجتماعات اللجنة المصرية السعودية المشتركة التي كانت تجتمع حتى قبل زيارة محمد بن سلمان للتمهيد لزيارة والده لمصر، أن الطرف المصري كان يدافع دفاعا مستميتا عن مصرية الجزيرتين بل وهناك بعض المعلومات تقول بأن أحد هذه الاجتماعات انتهت ربما بطريقة لم تعجب الجانب السعودي نتيجة رفض الطرف المصري أي حديث عن تسليم الجزيرتين ضمن هذه الاتفاقية. بل أنني أعرف أن الخارجية المصرية، وقبل أن تستجد أمورا، كانت تبحث عن كل ما يثبت مصرية الجزيرتين.
ما الذي حدث غير مجريات الأحداث بهذه الطريقة الدرامية؟
ماذا يمكن أن يكون قد تم في ترتيبات زيارة محمد بن سلمان قبل زيارة والده؟
لدي اصدقاء ومعارف يثقون في الرئيس ومؤسسات الدولة ثقة لا يُشق لها غبار، لذلك يقولون أنه طالما قال الرئيس ومؤسساته أنها سعودية فهي سعودية بالتأكيد. سأثق مثلكم في الرئيس ومؤسساته، ربما سأقول مثلكم لدقائق أن الجزيرتين سعوديتان!! لكن هل تسمحوا أن أطرح عليكم بضع أسئلة؟
هل المشهد الهزلي للتصويت في البرلمان لتسليم الجزيرتين يليق بجلال الموقف وحجم الأزمة؟ لماذا كانوا حريصين على أن تضيع ملامح التفريط والتنازل؟
لماذا يخشى رئيس يثق في اتفاقاته من أن يتكلم الناس في الاتفاقية؟ “مش عايز حد يتكلم في الموضوع ده تاني”
ثم العشرات في السجون بتهمة الدفاع عن مصرية الأرض، لماذا يمنع رئيس يثق في اتفاقاته المصريين من القول بمصرية الجزيرتين؟
لماذا دافع أعضاء اللجنة المشتركة عن مصرية الجزيرتين حتى جاءت تعليمات الرئيس بالعكس؟
في أي سابقة في التاريخ تنازلت دولة عن جزر تملكها أو حتى تُمارس سيادتها عليها ولها من الأهمية الاستراتيجية أو حتى غير استراتيجية بهذه الطريقة؟
سيادة مصر على الجزيرتين مقطوع بها ليس فقط، بمنطوق حكمين لمحكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا، مصرية الجزيرتين وسيادة مصر عليهما ثبتت بمئات الوثائق والروايات وحكايات الأجداد والآباء، فأين ذهب هؤلاء الذين حضروا ويعرفون الحقيقة؟
الحديث عن قضية تيران وصنافير لن ينته لأنها حملت في طياتها ما هو أكبر من التفريط في الأرض، ثقة المصريين في مؤسساتهم لم تصبح كما كانت، المشاهد المتتالية لتلك القضية منذ ابريل ٢٠١٦ عبّرت عن قدر كبير من الاستهتار بعقول المصريين ومشاعرهم.
مستقبل هذا النظام وهذه المؤسسات أصبح مكبل بصورة ذهنية شكلها المجتمع المصري عبر صورهم وأصواتهم وهم يقولون أن الأرض سعودية “ومحدش يتكلّم في الموضوع ده تاني” .
بقلم : خالد تليمة
ارسال التعليق