هل يحتفل #نتنياهو بـ “صفقة أحلامه” مع #محمد_بن_سلمان في #البيت_الأبيض
بقلم: ألون بن دافيد....
مع كل يوم يمر يتواصل تفكك الجيش الإسرائيلي عن رجاله وقدراته. وكان الناطق العسكري قد اعترف هذا الأسبوع بوجود ضرر ما في الأهلية، لكن الجيش يمتنع حالياً عن عكس عمق هذا الضرر للجمهور. وجدير بنا جميعاً أن نعرف الحقائق: منذ اليوم، مع مئات أصحاب وظائف مركزية في سلاح الجو أوقفوا تطوعهم للخدمة، سيصعب على إسرائيل الخروج إلى خطوة عسكرية مبادرة وواسعة في إيران ولبنان.
ثمة أسراب قتالية يصعب عليها إجراء تدريبات أو تكييفات مع عتاد جديد حين يكون أكثر من نصف الطيارين في الاحتياط أعلنوا عن تجنيد أو وقف الامتثال. وثمة أسراب مُسيرات توقفت عن التدريب، وبصعوبة تنجح في إيجاد الأشخاص لنشاطات عملياتية بغياب مشغليها، وتدير شعبة عمليات سلاح الجو الأعمال الجارية بغياب أصحاب وظائف ذات مغزى ولا يمكنهم إدارة قتال واسع في ظل تغيب بشري كهذا.
إذن نعم، نفذ سلاح الجو هذا الأسبوع هجوماً مهماً في سوريا (حسب منشورات أجنبية) وقتل شخصاً مركزياً على الأرض السورية. يمكن الافتراض أن ثلث الطيارين على الأقل في هذا الهجوم كانوا رجال احتياط. لكن دولة إسرائيل تفقد قدراتها الاستراتيجية، ومشكوك أن بإمكانها في هذا الوضع العمل على إزالة الخيمة التي أقامها “حزب الله” على أرض إسرائيلية، وهي هناك منذ شهرين ونصف.
آلاف رجال الاحتياط من الجيش الإسرائيلي، الذين يخدمون في المنظومات الأكثر حساسية، ألقوا قبل ثلاثة أسابيع قنبلة نووية في قلب الجيش، تنتشر أصداؤها كل يوم في صفوف الجيش الدائم والنظامي. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي لا يمكن الاشتباه به في أنه لا يفهم خطورة الوضع، نهض ودهن طلاء على حروق الإشعاع وخرج من كوخ الاستجمام المحاصر إلى قمة جبل الشيخ كي يروي لنا بأن كل شيء رائع.
من اكتسب لنفسه سمعة كزعيم متفكر وحذر، ينظر اليوم باستخفاف إلى تفكك قوة الردع الإسرائيلية، لا يرف له جفن أمام أفول الاقتصاد الإسرائيلي ويوجه نظرة لامبالية إلى انهيار العلاقات الخارجية لإسرائيل. يبدو أن أمر الإبعاد الذي صدر له من البيت الأبيض، يحز به في مكان ما، لكن ليس بالقدر الذي يجعله يوقف حملة الهدم. ليس هذا نتنياهو الذي عرفناه.
هل الجوهرة اللامعة والمغرية التي أعدها له الرئيس الأمريكي (اتفاق تطبيع مع السعودية) سيحرفه عن مسار الخراب؟ وفقاً لكل المؤشرات – لا. نتنياهو مصمم على تعيين القضاة الذين سيجلسون في استئنافه في العليا، ولهذا الغرض هو مستعد أن يطأطئ رأسه أمام “فتى التلال” الذي يشغل منصب وزير المالية، وأن يدفع الثمن بالضم الفعلي لـ “يهودا والسامرة”. لا يمكنه أن يجلب اتفاقاً مع السعودية مع هذين الاثنين.
في لحظة نادرة من اليقظة، فهم الرئيس بايدن بأنه يوشك على وضع السعودية بين يدي الصين. تدخل إدارته في نمط عمل أيام الحرب الباردة، وقررت إبقاء السعودية إلى جانبها مهما يكن. وهي مستعدة لأن تنقل جملة قدرات عسكرية متطورة لمحمد بن سلمان، الذي كان بايدن يسميه قبل لحظة “قاتل”. بل إنها مستعدة لمنح قدرات نووية مستقلة للمملكة على ألا تنتقل إلى جانب الصينيين. وعلى الطريق شخصت فرصة انتخابية أيضاً: اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل يثبت دعم الصوت اليهودي في انتخابات 2024.
الولايات المتحدة تريد بقدر لا يقل عما تريده السعودية. محمد بن سلمان يستطيب التكنولوجيات الإسرائيلية (التي حسب منشورات أجنبية، أتاحت له قطع الصحافي جمال خاشقجي) والقرب مع من بدت لتوها قوة عظمى شرق أوسطية.
أما الفلسطينيون فلا يهمونه إلا على أطراف الأصابع. لكن كونه يواجه التحدي من معظم أخوته وأعمامه فإنه ملزم بجلب إنجاز جماعي – اتفاق يترك فتحة لإقامة دولة فلسطينية.
بالنسبة لبايدن، فإن حفظ خيار الدولتين هدف أساسي بالفعل. سيكون المبرر لعقد اتفاق مع من رأى فيه قاتلاً وسيضمن أيضاً تأييد الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي. بايدن ملزم بتوقيع هذا الاتفاق سريعاً، في السنة ما قبل الانتخابات. ليس واضحاً بعد إذا كان سيشترط الاتفاق بوقف قوانين الانقلاب. الواضح أن لا نية له لمنح جائزة لنتنياهو إذا ما أصر على مواصلة ضم الضفة الغربية.
لإسرائيل غير قليل من الملاحظات على الاتفاق المتبلور. المطلب السعودي لشراء عتاد عسكري متطور من الولايات المتحدة يهدد التفوق النوعي لإسرائيل. لكن ما يستفز جهاز الأمن هو مطالبهم في المجال النووي. فالسعودية لا تكتفي بقدرة إنتاج طاقة مدنية، بل تريد أيضاً قدرة نووية مستقلة: دائرة وقود تنتج فيها بنفسها قضبان الوقود لمفاعلها النووي. وهي قاعدة لإقامة برنامج نووي عسكري في المستقبل.
لقد كان جهاز الأمن والجيش الإسرائيلي مبعدَين حتى وقت أخير مضى عن الحديث في بنود الاتفاق المتبلور. فقد أداره نتنياهو أيضاً مع رجال لجنة الطاقة الذرية. لكنهما دخلاه الآن، ومن الصعب رؤية كيف ستنزل مطالب النووي السعودية في حلوقهم. لا ينبع قلقهم فقط من القدرات التي ستكون لدى السعودية التي استقرارها موضع شك دوماً، بل أيضاً في أن هذا سيشجع دولاً أخرى في المنطقة على تطوير قدرة نووية مستقلة. سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط هو كابوس إسرائيل.
ما يمكن له أن يخفف بعضاً من قلق جهاز الأمن هو صفقة مردودات: قدرة وصول إلى تكنولوجيات أمريكية كانت ممنوعة عن إسرائيل حتى الآن، وضمان اتفاق مساعدات عسكرية جديد في 2028، مشابه في حجمه للاتفاق السخي القائم. لكل من يتابع الميول والتيارات في السياسة الأمريكية يرى أن تحت كل إدارة تصعب استعادة اتفاق المساعدة السخي الذي وقعه معنا الرئيس أوباما والذي تزود فيه الولايات المتحدة إسرائيل 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية سنوياً.
أما نتنياهو فتبدو هذه صفقة أحلامه: كلها معاً؛ اتفاق تاريخي، وضمان المساعدة العسكرية، ومكانة احتفالية للسير في ساحة البيت الأبيض برفقة ولي العهد السعودي، ويمكن الافتراض أن سيحظى في نهاية الاحتفال برؤية الغرفة البيضوية من الداخل مرة أخرى. لا شك لدي أن نتنياهو يدرك حجم الفرصة، ومثله أيضاً الوزير المقرب من رون ديرمر.
لكن ومن أجل هذا، سيكون نتنياهو مطالباً بوقف الضم الذي يقوده سموتريتش، ومشكوك أن يصل إلى المكانة إذا أصر على مواصلة تشريع قوانين الائتلاف. مع نتنياهو السابق، كان يمكننا معرفة أن الأمن هو قبل كل شيء، لكن يخيل اليوم أن رائحة “الليزول” تتفوق لديه على الأمن القومي.
ارسال التعليق