أمطرت جدة .. ولم ينكسر الحاجز النفسي !
بقلم : أ.د.صالح بن سبعان
أرأيت ما الذي يمكن أن يؤدي إليه التسيب والإهمال وعدم الشعور بالمسؤولية من انشغال؟، فبدلا من أن يناقش مجلس الوزراء قضية من قضايا الوطن الكبرى ــ وما أكثرها ــ سيركز على مناقشة آثار السيول والأمطار التي تعرضت لها محافظة جدة وما جاورها الثلاثاء الماضي، وما خلفته من أضرار على الناس والمنشآت وما قامت وتقوم به مختلف القطاعات المعنية والمتعاونون معها من المتطوعات والمتطوعين في سبيل التخفيف عن المتضررين من المواطنين والمقيمين جراء الأمطار والسيول،
لو أن كل مسؤول كان في مستوى ما أسند إليه من مسؤوليات ويتمتع بالقدر المطلوب من الشعور بالمسؤولية والضمير الحي وبالحد الأدنى من الإخلاص، وقد اكتشفت بمحض الصدفة وأنا أقلب صفحات أرشيف صحيفة «البلاد» بأن ما نظنه داء حديثا أصاب مدينة جدة بفعل توسعها العشوائي إنما هو داء قديم ومرض مزمن، حيث أوردت الصحيفة في عددها الصادر يوم (الأحد 1 ربيع الثاني 1400هـ) خبرا تحت عنوان «لمزيد من التقدم والرفاهية.. تصريف مياه الأمطار بمدينة جدة» ، يقول نص الخبر حرفيا «سيبدأ قريبا العمل في مشروع تصريف مياه الأمطار في مدينة جدة ويشمل عددا من الشوارع الرئيسية وسط مدينة جدة ويستمر العمل في هذا المشروع مدة 6 أشهر ..الجدير بالذكر أنه قد تم الانتهاء من الكثير من القنوات الرئيسية لتصريف مياه الأمطار خارج المدينة وقد بلغت تكلفتها حوالى 600 مليون ريال» !!.
أي أن هذا كان قبل حوالى 39 سنة ، ولا أعرف كم تساوي 600 مليون ريال يوم ذاك، الآن، من حيث قوتها الشرائية قياسا بالأسعار يوم ذاك، ولكن المؤكد أنها تساوي اليوم ضعف قيمتها، الأمر الذي يجعلني أجزم بأن المبالغ التي خصصت آنذاك لمعالجة تصريف مياه الأمطار لجدة كانت كفيلة بإرساء بنية تحتية ليس لتصريف مياه الأمطار وحدها، بل ولتصريف مياه الصرف الصحي أيضا، و إذن لكفتنا اليوم شر هذه المركبات العملاقة التي تجوب الشوارع والأزقة مزاحمة حركة السير غادية رائحة بخزاناتها التي تنشر (عبير) مياه الصرف إلى بحيرة (المسك) فيا لجدة من عروس هذا نصيبها من العود والعطور والرياحين والصندل !!.
ثم يأتي بعد 37 عاما ليقول أمين جدة ردا على سؤال عن استعدادات الأمانة للأمطار بعد كارثة الأمطار والسيول قبل اعوام مؤكدا جاهزيتهم التامة، بل إنهم يدعون في الأمانة أن تهطل الأمطار حتى يتم «كسر الحاجز النفسي» وتتأكد استعداداتهم !!.
لقد استجاب الله لدعائهم فغرقت جدة مرة أخرى، ولم ينكسر الحاجز النفسي، بل أصبحنا أكثر رعبا وخوفا من نشرات الأرصاد الجوية !.
ارسال التعليق