أول مواجهة مسلحة بين آل سعود والإمارات في اليمن
التغيير
كشفت مصادر يمنية عن اندلاع أول مواجهات مسلحة بين قوات نظام آل سعود وحلفائهم في دولة الإمارات في اليمن مؤخرا وسط تعتيم إعلامي كامل بما يعبر عن زيادة تصدع تحالف في الحرب على اليمن.
وقال الكاتب اليمني ياسين التميمي إن المواجهات المسلحة وقعت في جنوب محافظة شبوة على ساحل خليج عدن، حيث تقع منشأة بلحاف لتسييل وتصدير الغاز الطبيعي القادم من حقول صافر في محافظة مأرب.
واعتبر التميمي أن المواجهات تمثل “تحولا خطيرا وغير مسبوق في مسار التدخل العسكري لما يعرف بالتحالف العربي على الساحة اليمنية”.
وذكر أن الإمارات تحتفظ في منطقة المواجهات بعشرات الجنود إلى جانب تواجد لها في معسكر العلم الواقع إلى الجنوب الشرقي لمدن عتق بمحافظة شبوة.
والرواية التي نقلتها مصادر قريبة من الاشتباكات تشير إلى أن المواجهة تطورات إثر ملاسنة جرت بين أحد الجنود السعوديين ومقاتل تابع للنخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات، على خلفية قيام القوات الحكومية باستحداث أربع نقاط في محيط المنشأة الحيوية.
أما لماذا لا تزال الإمارات تحتفظ بعشرات من جنودها في منطقتين مفصليتين من محافظة شبوة، فالجواب يمكن استنباطه من الإصرار الذي تظهره أبو ظبي على عدم فقدان النفوذ في هذه المنطقة التي تحتفظ بعدة مواقع حيوية، وتشرف على موانئ وخط استراتيجي يصل عدن بمحافظة حضرموت، ويمكن أن يعرقل وجودها العسكري هناك التواصل بين المناطق التابعة للشرعية الممتدة على طول الساحل الجنوبي للبلاد.
وربما اعتقدت أبو ظبي أن وجودها قد يحرس الأمل بإمكانية إعادة السيطرة على شبوة من قبل الانفصاليين المدعومين من الإمارات، ومن ثم تأمين الشكل المطلوب للدولة الجنوبية التي كانت قاب قوسين من التحقق في آب/ أغسطس من العام المنصرم.
التوتر الذي تطور إلى مواجهة مسلحة في شبوة أدت إلى سقوط جرحى، له علاقة مباشرة بالتصعيد الذي تشهده مناطق التماس الفاصلة بين قوات الجيش الوطني والقوات التابعة للانتقالي شرق مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين، والذي قد يتجه في أية لحظة نحو حرب ربما تسمح بعودة حكومة هادي إلى عدن.
تقف الرياض بقوة خلف التجمع الذي يأخذ شكل الاستعداد القتالي للجيش الوطني في مدينة شقرة الواقعة على بعد خمسين كيلو متراً تقريباً إلى الشرق من زنجبار، وهدفها هو حمل المجلس الانتقالي على القبول بتنفيذ اتفاق الرياض بعد أكثر من خمسة أشهر على توقيعه من جانب حكومة هادي والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات.
ما تخفيه أبو ظبي والرياض من خلافات بلغت هذا الحد من الخطورة؛ يكشفه التصعيد الإعلامي المناهض للسعودية من جانب الجماعات الدائرة في فلك الإمارات والقريبة من المجلس الانتقالي، والذي أخذ أبعاده الميدانية في تنفيذ عمليات تمرد في سقطرى، وفي منع وصول إمدادات آل سعود العسكرية إلى مقاتلين حكوميين في جبهات البيضاء على وجه الخصوص، بالإضافة إلى الاصطفاف الإعلامي إلى جانب أنصار الله.
وعلى خلفية مخاوف من تقدم عسكري وشيك للجيش الوطني باتجاه عدن، بعث المجلس الانتقالي برسالة إلى مجلس الأمن يمكن وصفها بالتطور الخطير الموازي لما شهدته ليل الجمعة السبت منشأة بلحاف من مواجهات مسلحة.
فالرسالة مثلت شكوى ضمنية ضد المملكة التي بادرت إلى التضييق على خيارات الانتقالي في عدن وأبين، رغبة منها في حمله على اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ اتفاق الرياض، الذي يحتكر آل سعود الإشراف على تنفيذه، وتجري التطورات الراهنة في عدن وأبين وشبوة تحت مظلته.
بل إن المجلس الانتقالي رأى أن التصعيد العسكري يجري بدعم من دولة ترعى الإرهاب، وهو اتهام لا يحتمل التأويل فهو يتجه مباشرة صوب السعودة نفسها وليس أي طرف آخر، خصوصاً وأنه قد سبق لعناصر محسوبة على الانتقالي أن تظاهرت أمام المعسكر السعودي في عدن ورفعت لافتات تتهم آل سعود بدعم الإرهاب.
يسوق المجلس الانتقالي ومن ورائه الإمارات بخطابيهما السياسي والإعلامي، ادعاء مفاده أن الجيش الوطني الموالي للرئيس هادي ليس إلا قوات تابعة للإصلاح الذي تصنفه الإمارات إرهابياً، وأكدت رسمياً أن جزءا من مهمتها العسكرية في اليمن كانت مقاتلة هذا الحزب الذي تعتبره الذراع السياسي للإخوان المسلمين. وطبقاً لهذا التصور، فإن الرياض هي من تدعم القوات التابعة (بنظرهم) للإصلاح في المواجهة الراهنة مع الانفصاليين.
من السابق لأوانه الحديث عن تطور دراماتيكي في المواجهة بين الرياض وأبو ظبي على الساحة اليمنية، لكن من الواضح أن الإمارات زرعت ما يكفي من المتاعب أمام نظام آل سعود، وهي متاعب لا تقف عند حدود مساعي آل سعود المعلنة لإعادة تمكين سلطة هادي من نفوذها في الجنوب، بل تتصادم مع خطط الرياض لفرض هيمنة جيوسياسية في اليمن بأدواتها الخاصة، وهو توجه يهدد بتبخر كل الأموال والجهود التي بذلتها الإمارات وهي تؤسس مجالا حيوياً لنفوذ “أسبرطة الصغيرة” في اليمن.
ارسال التعليق