ابن سلمان رفض استقبال ابن زايد ولم يحضر قمة أبو ظبي متعمداً
دخلت الإمارات والسعودية منذ سنوات، في تحالفات اقتصادية وسياسية موضوعية تقاطعت خلالها مصالحه في قضايا كثيرة، لكن ذلك تراجع في الفترة الأخيرة وتحول التحالف إلى تنافس شديد على استقطاب رؤوس المال وإختلاف في المواقف تجاه قضايا عربية شائكة مثل وسوريا واليمن. ففي الأخيرة تضع الدولتان الخليجيتان نصف أعينهم الثروة النفطية الضخمة لليمن المقدرة وفقاً لمصادر رسمية، بـ11.950 مليار برميل.
صحيفة “وول ستريت جورنال“، سلطت الضوء على الصراعات الإماراتية السعودية التي أصبحت “ظاهرة إلى العلن” في علاقة “بثروة اليمن النفطية” التي تريد كلاهما الاستحواذ عليها لتعزيز موقفهما كمتحكمين رئيسين في أسواق النفط العالمية، مع أفضلية للرياض، بسبب مقدراتها النفطية وقدراتها الإنتاجية الكبيرة.
وتقول الصحيفة الأمريكية في تقريرها أنه صحيح “على المستوى الرسمي لا تزال السعودية والإمارات حليفتين… إلا أن خلافاتهما السرية حول اليمن، والتي بدأت تتسرب بشكل متزايد إلى العلن، تُهدد بإعادة ترتيب التحالفات في الخليج العربي”.خلاف السعودية والامارات حول اليمن والتحكم بموارد اليمن والسيطرة عليها
ونقلت الصحيفة عن مصادرها المطلعة قولهم أن “التوترات بين أبو ظبي والرياض لم تهدأ رغم الزيارات المتكررة لمستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، شقيق حاكم الإمارات محمد بن زايد”.
حتى أن طحنون بن زايد “لم يتمكن خلال زيارته التي تلت القمة السداسية بأبو ظبي في يناير الماضي (غاب عنها محمد بن سلمان) من لقاء ولي العهد السعودي”، حسب ذات المصادر.
صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت أن حاكم الإمارات محمد بن زايد (61 عامًا)، الذي كان سابقا بمثابة “المرشد” لمحمد بن سلمان، وتحدثت عن “انفصال” يشوب علاقتهما بسبب تباين مواقفهما في قضايا عديدة.
ونقلت الصحيفة عن “دينا اسفندياري” وهي كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية قولها “حتى سنوات قليلة مضت، كان هذا النوع من الانقسام والسعي الصريح لتحقيق أهداف تتعارض مع ما يسعى إليه الأشقاء (محمد بن زايد و محمد بن سلمان) أمرًا غير مسموع” لكنه “الآن أصبح طبيعيًا بشكل متزايد” على حد تعبيرها.
وفي السياق، امتنع مسؤولون إماراتيون عن التعليق على تقرير الصحيفة الأمريكية، في حين لم يرد المسؤولون السعوديون على طلبات التعليق هم أيضا.
في تغريدة له خلال فبراير / شباط الماضي، أعاد “أنور قرقاش“، مستشار السياسة الخارجية لحاكم الإمارات “محمد بن زايد”، التأكيد على وحدة الإمارات مع السعودية وقال إن التقارير حول التحولات في التحالفات الخليجية خاطئة وتخلق انقسامات في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى التضامن.
كان الخلاف الأكثر حدة حول اليمن، حيث قاد السعوديون والإماراتيون تحالفًا عسكريًا عربيًا تدخل في عام 2015 لأجل مواجهة قوات الحوثيين المدعومين من إيران.
تركت الحرب الأهلية اليمن منقسمة بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على الشمال وحكومة معترف بها دوليًا في معظم الجنوب.
قال مسؤولون خليجيون إن الإمارات سحبت معظم قواتها البرية من اليمن في عام 2019 لكنها ما زالت تخشى تهميشها من المناقشات حول مستقبل وجودها في اليمن، فيما تواصل السعودية محادثات مباشرة مع المتمردين الحوثيين بشأن إنهاء الحرب.
تحدث مسؤولون خليجيون إلى الصحيفة الأمريكية بقولهم “إن الإمارات تريد الحفاظ على موطئ قدم استراتيجي على الساحل الجنوبي لليمن وتوجيه قوتها في البحر الأحمر لتأمين الطرق البحرية من موانئها إلى بقية العالم”.
في ديسمبر، وقعت الإمارات اتفاقية أمنية مع الحكومة اليمنية المدعومة سعوديًا تسمح للقوات الإماراتية بالتدخل في البلاد في حالة وجود تهديد وشيك، وتدريب القوات اليمنية في الإمارات، وتعميق التعاون الاستخباراتي، وفقًا لتصريحات مسؤولين سعوديين وإماراتيين وغربيين.
وتسعى الإمارات، حسب وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤولين خليجيين، إلى بناء قاعدة عسكرية ومدرج للطائرات، على جزيرة في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر.
في السعودية، اعترض المسؤولون سرا على الاتفاق الأمني والخطط الخاصة بالقاعدة، واعتبروا أن الإماراتيين يعملون ضد أهداف الرياض الرئيسية المتمثلة في تأمين حدودها البالغ طولها 800 ميل مع اليمن، ووقف هجمات الحوثيين بالطائرات المسيرة والصواريخ.
وكردة فعل على الخطط الإماراتية، نشر السعوديون قوات سودانية من التحالف العسكري العربي في مناطق قريبة من العمليات الإماراتية، وهو ما اعتبره المسؤولون الإماراتيون تكتيكًا للترهيب، على حد قول مسؤولين خليجيين.
في ديسمبر الماضي، عندما لم يحضر محمد بن زايد القمة الصينية السعودية العربية في الرياض، قال المسؤولون السعوديون إنهم فسروا ذلك على أنه علامة على استياء الإماراتيين من المنافسة المتزايدة في اليمن.
وبدلاً من حاكم الإمارات محمد بن زايد، حضر حاكم إمارة الفجيرة الصغيرة القمة (رفيعة المستوى) التي ضمت الزعيم الصيني شي جين بينغ .
داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول التي تقودها السعودية، فإن الإمارات ملزمة بضخ أقل بكثير مما تستطيع، مما يضر بعائداتها النفطية. وقال مندوبو أوبك إنها تعمل منذ فترة طويلة لدفع المواقف نحو ضخ المزيد من النفط لكن السعوديين رفضوا ذلك.
يذكر هنا أن منطمة أوبك بلس (تقودها السعودية)/ كانت قد أعلنت بدءا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، خفض إنتاجها من النفط بنحو 2 مليون برميل، في خطوة أثارت جدلا واسعا.
يقول مسؤولون إماراتيون إن الإمارات الآن تجري نقاشا داخليا بشأن مغادرة أوبك، وهو قرار من شأنه أن يهز المنظمة ويُقوض قوتها في أسواق النفط العالمية.
اشتبك الإماراتيون مع السعوديين في أكتوبر الماضي عندما قررت منظمة أوبك + – وهي مجموعة تضم 13 دولة تضم أوبك وعشر دول أخرى، بما في ذلك روسيا – خفض إنتاج النفط بشكل كبير لدعم أسعار الخام.
في العلن، دعمت الإمارات خفض الإنتاج. لكن المسؤولين الأمريكيين قالوا إن الإماراتيين أخبروهم سراً أنهم يريدون ضخ المزيد، تماشياً مع رغبات واشنطن، لكنهم واجهوا مقاومة من المملكة العربية السعودية. وقد ضغطت الإمارات بشكل خاص على أوبك + منذ قرارها بتخفيض الإنتاج، للسماح لها بإنتاج المزيد.
في هذا السياق، قالت دينا إسفندياري إن الإماراتيين “قلقون بشأن الموقف السعودي الذي يعمل ضد مصالحهم”. وقالت إن السعوديين قلقون من أن الإمارات تشكل تهديدا للهيمنة السعودية في الخليج.
قال مسؤولون إماراتيون إن الخلاف مع السعودية بدأ بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 على يد عملاء للحكومة السعودية، الأمر الذي جعل الإماراتيين يعيدون النظر في مدى قربهم من النظام السعودي الذي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان منذ 2017.
في عام 2019، شعر السعوديون بالتخلي عنهم في اليمن عندما بدأت أبو ظبي في سحب قواتها، كما أن التطبيع الإماراتي مع إسرائيل عام2020 قد زاد من حدة الخلافات، تقول الصحيفة الأمريكية.
وفي هذا الصدد تنقل الصحيفة عن مسؤولون ودبلوماسيين سابقين (لم تذكر هويتهم) قولهم “إن المصالحة السريعة بين الرياض والدوحة بعد أن ضغطت (الرياض) لإنهاء الحصار في أوائل عام 2021 أزعجت أبوظبي، التي ضغطت في الأصل لعزل قطر وأرادت مواصلة الحصار”.
ارسال التعليق