اقتحام صنعاء !! بين أحلام العسيري وأكاذيبه التي لا تنتهي
عبدالعزيز المكي
أعلن المتحدث باسم العدوان السعودي على اليمن أحمد العسيري على صفحته بالفيسبوك بأن قوات "التحالف" سيطرت على 30 كم من العاصمة صنعاء ومازال التقدم مستمراً دون خسائر تذكر بحسب منشوره ويبدو أن هذا المنشور جاء بعيد تصريحاته التي أدلى بها حول الأوضاع في جبهة فرضة نهم، وقال فيها إن قوات التحالف باتت على وشك اقتحام العاصمة، لكنه امتنع عن إعطاء وقت محدد " لتحرير العاصمة " موضحاً، إن الحوثيين حفروا فيها خنادق ولغموها بالمتفجرات وهذا من شأنه أن يعيق حركة المقتحمين !! بعض المواقع اليمنية الالكترونية سخرت من هذه التصريحات، وقال موقع " شهارة نت " إن للكذب حدود، لكنه في قاموس المتحدث الرسمي باسم العدوان السعودي، احمد العسيري، فقد تجاوز الحد المعقول، خصوصاً بعد تصريحاته الأخيرة، أي التي اشرنا إليها قبل قليل..من جانبه أبدا مصدر أمني يمني استغرابه من تصريح العسيري وقال.. إن العسيري اعتاد الكذب في جميع تصريحاته، إلا أن كذبته اليوم-في إشارة إلى نبأ اقتحام صنعاء- قد فاقت الحد المطلوب من التزييف للوقائع، مؤكداً أن قوات العدوان لم تبرح مكانها في محافظة مأرب بسبب المقاومة الشعبية للعدوان، فضلا عن الاشتباكات المستمرة بين الجيش واللجان وعدد من المرتزقة في الجوف ومأرب.
يشار إلى أن أنصار الله والجيش اليمني وجهوا ضربات ساحقة إلى هذه القوات في فرضة نهم، التي يتحدث العسيري عن اقتحامها للعاصمة صنعاء وسيطرتها على 30كم، واسروا منها فصيلاً كاملاً من32جندي وضابط،اعترف العدوان باسرهم، فيما فرّ الآخرون على وقع ضربات الجيش اليمني واللجان الشعبية.. ليس هذا وحسب، بل شهدت كل الجبهات في تعز وباب المندب في ذبيان والجوف انتصارات وتقدماً لقوات الجيش اليمني وأنصارالله..وكان أنصارالله قد قصفوا معسكر الماس في مأرب بصاروخ توشكا البعيد المدى وقتلوا أكثر من مئة من قوات العدوان وجرح أكثر من 300 آخرين، فضلاً عن تدمير عشرات الآليات والأسلحة الثقيلة والاعتدة أيضاً، ذلك إضافة إلى تقدم الجيش اليمني وحلفائه في جبهات عسير ونجران وجيزان وكيلهم الضربات تلو الأخرى للمواقع السعودية العسكرية في تلك المناطق سيما بعد سيطرتهم على جبال الدود والدخان المشرفة على تلك المناطق والاستراتيجية جداً من الناحية العسكرية، حيث عجزت القوات السعودية لحد الآن من استردادها، وتكبدت خسائر فادحة في أوديتها..
وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها العسيري اقتحام أو قرب "تحرير" صنعاء من الحوثيين وجماعة صالح وعودة منصور هادي إلى العاصمة، إنما كان بين الحين والآخر يعلن هذا الأمر، فبعيد دخول قوات المرتزقة عدن بعد خروج قوات الحوثي وصالح إلى الجبال المحيطة بها، أعلن العسيري أن القوات السعودية وحلفائها أصبحت الطريق سالكة أمامهم للزحف نحو صنعاء، ويمكن أن تستغرق العملية يومين فقط، وتسقط العاصمة صنعاء، وحينها قال متوعداً إن القوات سوف تواصل زحفها نحو صعدة لملاحقة عبدالملك الحوثي وأنصاره ونفيهم إلى كهوف الجبال!!
وفي نهاية شهر آب عام 2015، وبناء على تصريحات عسيري ((سارع إعلام العدوان السعودي إلى بث أخبار تقدم ما يسمى بالمقاومة في جميع الجبهات، بل ولم تخجل العربية، والعربية الحدث، ومعها قنوات الجزيرة وسكاي نيوز وغيرها من الإشارة إلى تقدم متسارع نحو العاصمة صنعاء بل وبلغ الأمر ببعض القنوات إلى نشر أخبار مفبركة عن الوضع الأمني داخل العاصمة صنعاء،كحفر الخنادق ونشر الدبابات، وراجمات الصواريخ وغير ذلك)) كما يقول موقع (يمانيون) اللكتروني، والذي أضاف..إن عشرات المحللين السياسيين والخبراء العسكريين ظهروا على الشاشات المذكورة ليواكبوا هذا التقدم الوهمي على العاصمة !! وما هي إلا أيام حتى اتضحت الحقائق، وتوقفت عن عملية الضخ عن معركة صنعاء!!
مصداقية العسيري في الحضيض
أصبحت مصداقية المتحدث باسم العدوان السعودي أحمد العسيري في الحضيض، بعد تكرار هذه الأوهام باقتحام العاصمة أو أنها على وشك السقوط، ثم اتضاح أن ذلك مجرد أكاذيب وأمنيات ليس إلا، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو، هل الرجل يتلقى معلومات غير دقيقة من مصادر قواته داخل اليمن، حيث يسارع إلى تبنيها ونسج مواقفه على أساسها؟ إذا افترضنا أن ذلك هو سبب وقوعه في فخ الأكاذيب ؟ فإن العقل والمنطق يقودان إلى تحريه الدقة والتأكد من صحة المعلومات التي تصله في المرة الثانية، فلماذا يقع في الفخ أكثر من مرة، بل وبقدر ما أعلنه عن اقتحام العاصمة منذ بدء العدوان ولحد الآن، ما يعني ذلك، أن العسيري ومن لف لفه والإعلام السعودي استمرأوا الكذب والتزييف، وبات يشكل هذا الكذب والخداع والتضليل رافعه أساسية من روافع استراتيجيتهم الإعلامية والعسكرية، لتحقيق أهداف عدة باتت هي الأخرى مفضوحة أمام الرأي العام داخل اليمن والسعودية وخارجها..ومنها ما يلي:
· التغطية على الهزائم التي تمنى بها قوات العدوان السعودي ومحاولة التضليل عليها، سواء في جبهات القتال داخل اليمن، في مأرب والجوف وتعز وحجة وباب المندب وما إليها، أو في جبهات القتال في خارج اليمن في عسير ونجران وجيزان، وبالتالي حجب الحقائق عند الرأي العام داخل السعودية، خوفاً من ارتفاع منسوب التذمر عند أبناء الشعب، الذين ينظر أكثرهم إلى هذه الحرب والعدوان،بأنها حرب عبثية زج آل سعود أبناءهم فيها ليتحولوا إلى محرقة، ذلك أن النظام السعودي يتخوف من انفجار الوضع الداخلي الذي تسري فيه نيران الثورة تحت الرماد.
· محاولة رفع المعنويات القتالية عند القوات السعودية والمرتزقة الذين جلبتهم السعودية والإمارات من السنغال وكولومبيا والسودان وموريتانيا وبلاك ووتر وما إليها، فهؤلاء وعلى اثر الهزائم وهلاك ضباطهم وقادتهم على أيدي أنصارالله والجيش اليمني، فقدوا الروح القتالية لدرجة أنهم يفرون ويتركون ساحة الحرب بعد وقت قصير من الالتحام في المعركة خوفاً من الموت المحقق، وذلك ما شكل معضلة حقيقية الآن في الحرب مع الحوثيين والجيش اليمني الذي يحاربون ببأس شديد وثبات حديدي وإرادة فولاذية، فالنظام السعودي وأعوانه من الإماراتيين والقطريين يجمعون الآلاف المؤلفة من المرتزقة ومن الجيوش الخليجية والسعودية،ولكن هذه الآلاف تُهزم على يد مجموعات صغيرة من أللجان الشعبية والجيش اليمني، لأنها باتت فاقدة للروح القتالية، فضلاً عن فقدانها الدافع لخوض هذه الحرب، لأنها عدوان ليس له مبرر سوى محاولة آل سعود وأسيادهم الاميركان والصهاينة، إخضاع الشعب اليمني إلى الهيمنة الامريكية السعودية، ومنعه من تولى ناصية أموره بنفسه.
·محاولة قتل الروح القتالية عند الشعب اليمني ودفعه إلى الاستسلام، أو على الأقل الهروب والفرار من الحرب،من خلال زرع اليأس والإحباط، وضرب المعنويات، لأنه كما اشرنا، أن الحماس والروح القتالية العالية عند أنصارالله، دوخت المعتدين، لان هؤلاء يجهلون شجاعة وبأس الشعب اليمني وتفانيه واسترخاص روحه دفاعاً عن أرضه وعرضه وكرامته.
· محاولة إقناع المترددين من اليمنيين الذين يقفون أو لا زالوا يقفون في المنطقة الرمادية بانتظار أي الطرفين ستكون له الغلبة في الحرب للالتحاق به، أو الذين يقاتلون مع العدوان، فالعسيري يحاول عبر الخداع والكذب والتضليل دفع هؤلاء إلى الالتحاق بالعدوان،ومنح الذي يقاتلون مع المرتزقة سيما من أنصار هادي والإصلاح، زخماً لمواصلة القتال مع قوات العدوان، لان التقارير الواردة من جبهات الحرب تتحدث عن تزايد ظاهرة الفرار بين أوساط هؤلاء بل والبعض منهم انقلب على العدوان، بسبب الجرائم التي يمارسها العدوان والمعتدون بحق الشعب اليمني من جهة، وبسبب ممارسات المعتدين معهم أنفسهم، من قبيل عدم احترامهم، وسحق كرامتهم وعدم إعطائهم الأموال التي يستحقونها أسوة بالمرتزقة الأجانب، أو بسبب تسليط القاعديين والدواعش على رؤوسهم إضافة إلى انكشاف أهداف العدوان لهم، والذي يؤشر إلى أن مستقبل اليمن سيكون حرباً داخلية، واغتيالات وعدم استقرار وتطاحن داخلي وما إلى ذلك،مما تشهده عدن اليوم من أوضاع أمنية واجتماعية متردية إلى حد لا يطاق.
هذا من جانب ومن جانب آخر،هناك عدد من القبائل اليمنية يقف على الحياد في هذه الحرب،يبذل السعوديون المساعي الحثيثة من اجل إقناعها بالانضمام إلى العدوان وتسهيل أمره، وبوعود الامتيازات والمناصب والنفوذ والسطوة بعد نجاح العدوان، ومن شأن الخداع بوصول صنعاء واقتحامها أن يدفع هذه القبائل إلى التجاوب مع مساعي العدوان تلك، وبالتالي دعم هذا العدوان، فضلاً عن محاولات تفكيك جبهة أنصارالله وحلفائهم ودفع القبائل التي تلتف حولهم، إلى التخلي عنهم، أو على الأقل تحييدها عن الحرب..وبالتالي إضعاف أنصارالله وحلفائهم.
· محاولة إقناع الخلايا النائمة في العمق الاستراتيجي لأنصارالله والجيش اليمني، بالتحرك، وإرباك هذا العمق الذي يمد أنصارالله بالمقاتلين وبالثبات والدعم اللوجستي والمحافظة على تماسك الجبهة الداخلية، فتماسك الجبهة الداخلية هو الذي مكن أنصارالله وحلفائهم من الصمود والاستمرار في مقاومة العدوان والتصدي له وإلحاق الخسائر الفادحة بقوات العدوان الغازية.
على أن كل هذه المحاولات من العسيري و مَن لف لفه باءت بالفشل الذريع، وبقدر ما كشفت التأزم والمأزق الذي يعيشه آل سعود وعدوانهم على اليمن، فإنه ضرب مصداقيتهم إذا كان لديهم مصداقية، وفضحهم أمام الرأي العام اليمني وفي داخل السعودية وبالتالي جاء بنتائج عكسية تماماً، وأصبح مؤشراً آخر على تفاقم مأزقهم وأزماتهم.
عبدالعزيزالمكي
ارسال التعليق