الأزمة الخليجية.. هل تحرك المبادرة الكويتية الجديدة المياه الراكدة؟
التغيير
بعد دخول الأزمة الخليجية عامها الرابع وفي ظل وساطات الحل التي قادتها بعض دول مجلس التعاون، والتدخلات الدولية، عاد الحديث مجدداً عن طرح مبادرة كويتية جديدة للحل وإعادة اللُّحمة للبيت الخليجي.
وجاءت المبادرة، وفق ما كشف عنه وزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، الجمعة (5 يونيو)، مع تأكيده أن بلاده منفتحة على الحوار مع دول الأزمة الخليجية.
مبادرة جديدة
وفي تصريحات لشبكة "الجزيرة" قال وزير خارجية قطر إن بلاده تأمل في أن تختلف المبادرة الجديدة عن سابقاتها، وأن تجد جديّة في التعامل معها، مؤكداً: "الأجواء إيجابية تجاه المبادرة الجديدة، ونأمل أن تسفر عن خطوات إيجابية".
وحول الحوار القطري السعودي خلال العام الماضي، وصفه "آل ثاني" بالإيجابي، ولكنه توقف دون معرفة بلاده للأسباب، مضيفاً: "كنا ملتزمين باتفاق الرياض، والمحاضر تثبت ذلك، ودول الحصار انقلبت على الاتفاق".
وتابع: "نحن حريصون على وحدة مجلس التعاون بصرف النظر عمّا حدث، والحصار أضرّ بسمعته (المجلس)"، مؤكداً أن المنطقة "تعيش فترة ساخنة تتطلب حكمة في الحلول لضمان عدم انفجار الأوضاع".
واستخدمت دول الحصار خلال الأزمة، وفق وزير الخارجية القطري، منصات التواصل الاجتماعي لتجييش الرأي العام ضد قطر التي لطالما طالبت جيرانها بعدم إقحام الشعوب في الأزمة وخلق الكراهية بينها.
وأضاف: "للأسف وجدنا، خصوصاً من مغردين بالإمارات، تجاوزاً على حرمات وتجاوزاً على النساء.. هذه التجاوزات كانت تعتبر خطاً أحمر بالنسبة لمجتمعاتنا".
حديث كويتي
حديث وزير الخارجية القطرية جاء بعد يومين من تأكيد رئيس الوزراء الكويتي، الشيخ صباح الخالد الصباح، أن أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مهتم بالاستمرار في السعي لرأب الصدع وإيجاد الأرضية للبناء عليها لعودة اللُّحمة الخليجية.
وأضاف الصباح: "أؤكد اهتمام سمو الأمير بأن تكون دولة الكويت دائماً هي من تجمع الأطراف المختلفة على أسس تحقق كل الطمأنينة لأي اتفاق مُقبل إن شاء الله".
وأمام حالة التفاؤل القائمة لإنهاء الأزمة، خرجت الإمارات، من خلال وزير الدولة فيها للشؤون الخارجية أنور قرقاش، بموقف بدا بأنه غير متجاوب مع المبادرة الكويتية الجديدة، على الرغم من عدم صدور أي موقف إماراتي أو سعودي رسمي عن المبادرة الكويتية الجديدة.
وفي تغريدة عبر حسابه في موقع "تويتر" قال قرقاش: إن "الخليج تغيّر ولا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه قبل أزمة قطر".
وكتب قرقاش: "لا أرى أن أزمة قطر في ذكراها الثالثة تستحق التعليق، وتغير الخليج لا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه، وأسباب الأزمة معروفة، والحلّ كذلك معروف، وسيأتي في أوانه، والنصيحة الأفضل هي تجاهل وتجاوز التصعيد، والعمل للمستقبل"، على حد تعبيره.
تطور حديث
الباحث والمحلل السياسي مدير المركز الكندي للاستشارات الفكرية، مهنا الحبيل، يؤكد أن حديث وزير الخارجية القطري عن المبادرة الجديدة لحل الأزمة الخليجية يقدم مؤشراً لتطور حديث، ولكنه يحذر من الإغراق في التفاؤل.
ويعد الدخول العماني الصلب للوساطة، وفق حديث الحبيل لوسائل إعلامية هو الجانب الأبرز، وحسب رأيه فهناك أمر فيما يتعلق في تقدير الموقف من نجاحها يخص القرار الداخلي في مملكة آل سعود وظروف الحالة السياسية فيها، و"كيف يُتخذ القرار، وارتباطه بعلاقة الرياض مع أبوظبي".
ويضيف الحبيل: "دخول سلطة عُمان وما أُنجز في مفاوضات فض الاشتباك الثنائي في المرحلة السابقة بين آل سعود وقطر أمر يؤخذ في الاعتبار"، مستشهداً بتصريح وزير الخارجية القطري الأخير عن ذلك.
ويستدرك بالقول: "مراهنة دول الحصار كان مبالغاً متطرفاً فيه، ومراهنتهم لوضع قطر تحت نفوذ أو هيمنة كلية لمحور أبوظبي، بما فيه التهديد بالاجتياح العسكري وغيره، وهو رهان فشل كلياً، قد تدرك الرياض ذلك ضمن المراجعات، بغض النظر عن خطابها الإعلامي".
ويردف بالقول: "لو كان هناك أي فريق من المتخصصين في موقع القرار بالرياض وراجعوا هذا الملف فهم سيصلون إلى خسائر كبيرة على المستوى القومي لمملكة آل سعود، وعلاقة الرياض بالخليج العربي وبقية الوطن العربي، وخسائرها الاقتصادية، وصورة تعاملها مع دولة شقيقة تجمع بين شعبيها مشتركات دينية واجتماعية، وثقافية".
وحول الموقف الأمريكي من الأزمة الخليجية، يوضح الحبيل أن الرئيس دونالد ترامب حقق مصالح اقتصادية واستنزافاً ضخم على حساب الشعوب الخليجية، ولكنه الآن عاد لتحريك ملف إنهاء الأزمة لأن استمرارها يهدد فرصه الانتخابية.
تحركات الكويت
وشهدت الفترة الماضية تحركات كويتية لتبديد الأزمة الخليجية، ووقف الحملات الإعلامية "الصارخة" التي خرجت إلى العلن في الأسابيع والأيام الأخيرة بدعم أمريكي كامل، كما كشفت صحيفة "القبس" الكويتية، نقلاً عن مصادر خليجية وصفتها بالرفيعة (لم تسمها)، الخميس (4 يونيو).
وترغب الولايات المتحدة، وفق المصادر، في حل الأزمة ولو بشكل جزئي، لمسألة إغلاق الأجواء أمام الطيران القطري، الذي بات يستخدمه الجيش الأمريكي الموجود بالمنطقة بشكل مكثّف، في ظل توقّف حركة الطيران العالمية، من جراء تفشّي فيروس كورونا.
ويرى الأمريكيون، كما تؤكد المصادر، أن استمرار استخدام الطيران القطري للأجواء الإيرانية في معظم الأحيان قد يشكّل خطراً غير محسوب على جنودهم.
وأردفت: "كما أن طهران تستفيد من المردود المالي لاستخدام أجوائها بشكل يعاكس التوجّه الأمريكي لتضييق الخناق الاقتصادي على إيران".
ويوم الأربعاء، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تضغط على الإمارات وآل سعود لفتح أجوائهما أمام الخطوط الجوية القطرية.
وأضافت الصحيفة: إن "إدارة ترامب تتخذ مساراً جديداً في محاولتها حل الخلاف المستمر منذ ثلاث سنوات، بين قطر وجيرانها في الخليج، من خلال الضغط على آل سعود والإمارات العربية المتحدة لوقف الحظر الذي تفرضانه على شركات الطيران القطرية التي تحلّق فوق بلديهما".
ومنذ 4 سنوات، فرضت مملكة آل سعود والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة وحظراً برياً وجوياً وبحرياً على قطر، في 5 يونيو 2017، بزعم دعمها للإرهاب وعلاقتها مع إيران، وهو ما نفته الدوحة تماماً واعتبرته محاولة لـ"النيل" من سيادتها.
وتؤكد الدوحة أن من الضروري حل الأزمة الخليجية بالحوار من دون أي شروط مسبقة.
وتقود الكويت، ومؤخراً سلطنة عُمان، وساطة للحل؛ من خلال تقريب وجهات النظر وقيادة جهود دبلوماسية مستمرة لإعادة اللُّحمة إلى البيت الخليجي.
ارسال التعليق