الإصلاحات الاقتصادية لا تجذب المستثمرين بسبب سياسات ابن سلمان
قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية إن الإصلاحات الاقتصادية السعودية لا تجذب المُستثمرين، مُؤكدة أن أرقام الناتج المحلي مضللة، وتبين المجلة أنه إذا تجوّلت في الرياض سوف يبدو لك اقتصاد المملكة العربية السعودية نابضاً بالحياة، حيث تزدحم مراكز التسوق في العاصمة بالمُتسوّقين والموظفين، بينما يبدو الشباب حريصين على إنفاق المال على وسائل الترفيه الآن بعد أن كانوا يخشون الخروج إلى الشوارع بسبب الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). وتبدو المدينة وكأنها موقع بناء، حيث يعمل العمال على إنشاء فنادق ومراكز تسوق جديدة.
وارتفع سوق الأوراق المالية السعودي بأكثر من 9% هذا العام. ومن المتوقّع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.9%، وأن ينمو القطاع غير النفطي بنسبة 2.3% العام المقبل. ويشير هذا إلى أن “رؤية 2030”، وهي خطة المملكة الطموحة لتنويع اقتصادها، تعمل. وتهدف الرؤية إلى خلق فرص العمل وجذب الاستثمارات وتطوير الصناعات، مثل السياحة. وبالنظر إلى “البورصة”، يتضح الأمر جزئياً، حيث دعمتها الحكومة سراً بوضع أوامر شراء ضخمة لمواجهة عمليات البيع في أعقاب الأزمات السياسية الأخيرة، وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال”. وتعد أرقام الناتج المحلي الإجمالي مضللة أيضاً، ولا يزال الاقتصاد يميل إلى النفط. ويعزز ارتفاع أسعار النفط، على الرغم من الانخفاض الحاد في الأسابيع الأخيرة، كل القطاعات. ولكن بالنسبة لاقتصاد يفترض أن ينمو بسرعة مع زيادة النمو السكاني، فإن الأداء ليس مرضياً.
وقبل 3 أعوام، بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 4%. ويريد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن يعتقد المستثمرون الأجانب أن المملكة رهان آمن. لكن سياساته المُتقلبة، من سجن السعوديين الأثرياء عام 2017، إلى الصراعات الدبلوماسية التي لا طائل من ورائها مع كندا وألمانيا، تخيف هؤلاء المُستثمرين. وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 1.4 مليار دولار (0.2% من الناتج المحلي الإجمالي) عام 2017، من 7.5 مليار دولار في العام السابق. وتسابق الكثيرون للانسحاب من مؤتمر استثماري في الرياض، في أكتوبر، بسبب قتل “جمال خاشقجي”، الصحفي السعودي المنفي، في قنصلية سعودية في تركيا. ويحاول السعوديون الأغنياء نقل أموالهم إلى الخارج؛ حيث غادرت 80 مليار دولار البلاد في العام الماضي. وكانت هناك خطوات لتحسين مُناخ الاستثمار، بما في ذلك قانون جديد لإجراءات الإفلاس في السعودية.
ويتمّ إعادة النظر في المشاريع التي كانت الدولة تسيطر عليها لآن ويتم التخطيط لها كشراكات بين القطاعين العام والخاص. على سبيل المثال، ترغب وزارة الإسكان في أن تقوم الشركات الخاصة بتمويل ما يقدر بـ 100 مليار دولار مطلوبة لبناء مليون مسكن بأسعار معقولة. ويوجد أكثر من 1.5 مليون سعودي على قائمة الانتظار للحصول على الإسكان المدعوم. لكن عندما ينظر المستثمرون إلى المملكة، يجدون أن “ابن سلمان” يركز على المشاريع الضخمة التي تديرها الدولة، مثل “نيوم”، وهي مدينة مستقبلية تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، ويعمل بها رجال آليون، على الساحل الشمالي الغربي للمملكة، ورغم ذلك فلم يتم إنجاز إلا القليل منها. وتعدّ الوظائف هي المشكلة الأكثر إلحاحاً لدى المملكة. وتحتاج السعودية إلى خلق 1.2 مليون وظيفة بحلول عام 2022، لتحقيق هدفها بتقليل البطالة إلى نسبة 9% من المواطنين السعوديين.
ولتوفير فرص العمل لهم، أصبحت تشجع على تقليص توظيف الأجانب. ومنذ يناير 2018، تمّ فرض رسم 400 ريال (107 دولارات) شهرياً على كل عامل أجنبي، مع خصومات لمن يوظف المزيد من المواطنين السعوديين مقارنة بالمغتربين. وسوف تتضاعف هذه الضريبة بحلول عام 2020، ويدفع المغتربون رسوماً أخرى لكل من يعولونهم. وللوهلة الأولى، يبدو أن هذه الإجراءات تجدي، فقد غادر ما يقرب من مليون عامل أجنبي المملكة منذ بداية عام 2017.
لكنّ السعوديين لا يسارعون لشغل الكثير من تلك الوظائف. ولقد تأثر التوازن في قطاع البناء بشكل غير متناسب. ويستخدم القطاع 45% من المغتربين، ومع ذلك، انخفض عدد السعوديين العاملين في قطاع البناء. وبشكل عام، منذ يناير 2017، نما عدد السعوديين العاملين بأقلّ من 100 ألف. وارتفع معدل البطالة بنسبة 0.2%، ليصل إلى 12.9%. ولا يتمّ شغل الوظائف التي شغلها المغتربون سابقاً، لأنهم لم يعودوا موجودين.
ارسال التعليق