الانتخابات الأمريكية والتصعيد ضد آل سعود
الانتخابات الأمريكية والتصعيد ضد آل سعود
* جمال حسن
بعد أن كانت ايران ولعقود طويلة سلم صعود مرشحي الانتخابات الرئاسية وحتى البرلمانية الأمريكية عبر كلماتهم وخطبهم الطويلة العريضة باتهامها بدعم الارهاب وزعزعة أمن واستقرار المنطقة والعالم بفعل حفظ العلاقة مع الرياض، انقلبت الامور واذا بالجميع يطلق عنان التصريحات والكشف عن المستور في العلاقات الاستراتيجية القائمة بين ال سعود والبيت البيضاوي ودور السعودية وحكومتها وملوكها وأمرائها في دعم الارهاب وزعزعة الأمن العالمي والاقليمي .
قرار الكونغرس الأمريكي بالسماح لعائلات ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر من الأميركيين بمقاضاة السعودية لمسؤوليتها عن ذلك العمل الارهابي، والتصعيد الاعلامي والسياسي المتناغم وعلى مختلف المستويات ضد السلطة السعودية وبعد 15 عاماً من وقوع الحادثة حيث بقي دور العائلة السعودية الحاكمة في تلك العملية الاجرامية طيّ الكتمان إستناداً لوثائق غير مكشوفة (28 صفحة)، وكذلك غض الطرف عن دورهم في العمليات الارهابية التي تضرب استقرار المنطقة وخارجها؛ لم يأت عن فراغ في وقت يؤكد فيه المراقبون أن السعودية غارقة في مستنقع وحل ما لا نهاية له سوى انهيار السلطة الحاكمة .
للقرار الأمريكي والذي تطرقنا له في مقال سابق وإستناداً لما يراه المراقبون أبعاداً مختلفة على الأسرة السعودية الحاكمة؛ فمن الناحية المالية تشير الملفات الموجودة امام القضاء الأمريكي بأن التعويضات التي سيتم إقرارها لذوي الضحايا الأمريكيين ربما ستوازي الودائع والسندات التي تملكها السعودية في أميركا، ما يضع الرياض في موقع الإفلاس المالي، وبالتالي هدم دور أركان العائلة الحاكمة سياسياً داخلياً؛ هذا بالاضافة الى أنه سيتم وضع السعودية في مركز "الدولة الإرهابية" و"الداعمة للإرهاب" من البعد السياسي الخارجي، وتصنيفها بـ"الدولة الخارجة عن القانون" وفقاً للقانون الدولي ما يعرّضها لعقوبات سياسية واقتصادية ومالية، واتهامات لإمرائها ومسؤوليها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ووضعهم تحت المطاردة القانونية، لمحاكمتهم في المحكمة الجنائية الدولية، أو محكمة خاصة كما حدث مع الرئيس السوداني البشير من قبل أو ملف اغتيال الرئيس الحريري في لبنان أو ما نتجت عنه الحرب في البوسنة والهرسك وغيرها.
التوقيت والأهداف من هذا التصعيد الاعلامي والسياسي الأمريكي بعد صمت طال 15 عاماً ضد آل سعود وتزامنت مع إشتداد الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية؛ يطرح تساؤلات وفرضيات متعددة، خاصة وإن علاقات واشنطن والرياض تمر بفترة فتور كبير لم تتمكن زيارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" الأخيرة من إعطائها أدنى أمل أو دفع نحو التحسن بل زادت من خيبة أمل القصور الخليجية برمتها حسب اعترافات كبار مسؤوليها في مجالسهم الخاصة .
مجلة "فورين بوليسي" الأميركية كتبت، أن "عدد أعضاء الكونغرس الاميركي المهاجمين للسعودية وأسرتها الحاكمة وأتهامهم بدعمها للإرهاب ونشر التطرف وتمويل قادة الجريمة في العالم آخذ بالتزايد الى جانب عدد من مرشحي الرئاسة الأمريكية ايضاً"، وهم يوجهون انتقاداتهم اللاذعة والغاضبة لآل سعود بالتورط في النشاطات الارهابية دون إكتراث، سابقة غير معهودة قد يظهر سلمان والمحمدين لدفع ثمن باهظ في سبيل التكفير عنها ربما تنتهي بزوال عرشهم.
يقول السيناتور الجمهوري الأمريكي “دانا روهراباتشر” إن “السعوديين والعائلة المالكة السعودية متورطون بالنشاطات الإرهابية” وهم “يمولون الإرهاب منذ أكثر من عشرين عاما”. فيما يضيف السيناتور الجمهوري عن تكساس ورئيس اللجنة الفرعية للإرهاب “تيد بو” إنه “يتم تجنيد أتباع الوهابية بسهولة من الجماعات الإرهابية”، كما أن الديمقراطي "براد شيرمان"، اتهم الرياض "بتمويل القادة التكفيريين"، الذين “يدعون إلى الجريمة ضد من يختلفون معهم”.
الكاتب الأميركي "توماس فريدمان" كتب وفي مقال له نشرته صحيفة نيويورك تايمز، تحت عنوان "السعودية الاسلامية المتطرفة"، يقول: "إن الحكم السعودي أنفق عشرات المليارات من الدولارات على محاربة التعددية الاسلامية والترويج للوهابية السلفية التكفيرية المتشددة المعادية للآخر، ومحاربة الاعتدال الاسلامي في المذهبين الشيعي والسني.. وإن الجماعات السنية المتشددة مثل داعش والنصرة والقاعدة هي وليدة الضخ الإيديولوجي الوهابي المتواصل في المساجد والمدارس الدينية الممتدة من المغرب الى باكستان وصولاً لإندونيسيا".
المعروف أنه ليس للولايات المتحدة الأمريكية حلفاء بل أصابع نفوذ وعملاء ينفذون مخططاتها هنا وهناك ولا تعير لهم أدنى أهمية، ودوام علاقتها معهم وفق ما يضمن مصالحها وأمنها القومي، وهي تستبدل الأنظمة والرؤساء كما تبدّل إطارات سياراتها؛ لا عاطفة ولا مجاملات ولا وفاء ولا اعتراف بالجميل، ومن لا يصدّق فليقرأ ما فعلته بشاه إيران وحسني مبارك وصدام حسين ومعمر القذافي وأمير قطر وزين العابدين - حسب مقال لـ"بروس ريدل" مستشار السياسة الخارجية الأسبق للرئيس أوباما وكبير المحللين في معهد بروكينغز في صحيفة واشنطن بوست .
الصورة تتكرر اليوم مع آل سعود فرغم أنهم أداة مطيعة منبطحة منفتحة على جميع الرغبات الأمريكية ينفذون كل ما تطلبه منهم، حيث التمويل للجماعات التكفيرية، والذهاب الى العلن في المصالحة مع الوليد غير الشرعي في المنطقة "اسرائيل"، ومعادة الأنظمة المقاومة والوطنية مثل سوريا، وإشعال نار الحرب في البلدان الذاهبة نحو الديمقراطية كالعراق، ووضعهم كافة الاماكانات المالية وثروات النفط واسعاره تحت تصرف البيت البيضاوي، وذبح القصية الفلسطينية من الوريد الى الوريد من جدهم عبد العزيز وحتى ملكهم المختل عقلياً سلمان، وتحجيم المقاومة الفلسطينية حتى أضحت "حماس" و"فتح" اليوم رمزاً للخذلان الفلسطيني بعدما كانتا علماً للنضال ضد العدو الصهيوني، وإستدراجهما والبعض من الفصائل الفلسطينية الاخرى نحو الحرب الكونية على سوريا، و....، لم يشفع لضمان بقاء سلمان سلطان نجله لأنه خرج جزئياً من بيت الطاعة الأمريكي ووسع نطاق نشاطه على المستوى التخريبي في الشرق الأوسط ما أضر بعض الشيء بالمصلحة الأمريكية في المنطقة، الى جانب ذهاب بعض مال لقمة عيش الشعب نحو إرضاء الدب الروسي والحليف الفرنسي لانقلاباته الداخلية تمهيداً لنقل السلطة الى نجله الأرعن "محمد" خلافاً لرغبة واشنطن في "بن نايف".. كل ذلك أثر سلبياً على التوجه الأمريكي نحو "سلمان" لترفع القلم عنه وتسمح بمسحه في الأرض بتوجيه الاتهامات تلو الاتهامات ضد نظامه القمعي الدموي، والأيام المقبلة ستكون أكثر إيلاماً وإفتضاحاً لآل سعود .
ارسال التعليق