التحالف السعودي يرتكب اقذر الجرائم في اليمن باسم الشرعية
بقلم: محمد صالح المسفرقد تصل مقالتي هذه إلى القاريء الكريم وقد انقلبت الأمور في اليمن والخليج العربي إلى حال اسوأ مما نحن فيه اليوم. لكن اربعة اعوام ونيف مضت والحرب مستعرة في جمهورية اليمن الشقيق.
كانت نقطة انطلاقتها عام 2015 بعنوان "عاصفة الحزم" وهللنا وكبرنا لها وكتبنا وتحدثنا نشيد بها وبقيادتها، سلمان وابنه محمد، واستبشرنا خيرا بانها الشرارة التي ستنطلق من قلب جزيرة العرب، الرياض، العاصمة السعودية نحو استعادة اليمن من "مختطفيه الحوثيين انذاك".
ثم تحلق في معراج "مجرة" حركة تحرير الوطن العربي من الغاصبين في العراق وسورية وليبيا وفلسطين، لتعيد مجد العروبة الذي فقدناه، وقلنا في حينها سنستعيد إقليم الأحواز الذي اختطف من ارض العرب عام 1925 في غفلة منا.
ومنها الى اوغادين والاسكندرون وسبتة ومليلة وتحرير جزر الإمارات العربية، المحتلة عام 1971م. لقد استبشرنا خيرا بـ"عاصفة الحزم" لكن سرعان ما ذابت أمانينا كذوبان قالب الثلج على كومة جمر، وتحطمت آمالنا في استعادة ما فقدناه عبر تاريخنا الحديث والمعاصر.
* * *
معروف أن "عاصفة الحزم" من تخطيط وتنظيم وإعداد القيادة السعودية وعلى رأسها سلمان وابنه محمد بذريعة استعادة الشرعية لعبدربه منصور هادي ـــ كما اعلن رسميا ـــ من يد وسلطة الحوثيين الذين استولوا على العاصمة اليمنية صنعاء واعتقال اكبر عدد من قادة اليمن الرسميين بمن في ذلك عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء وآخرون الذين استطاعوا الانفكاك من الاعتقال كل بطريقته.
أربع سنوات ونيف ولم تعد الشرعية الى العاصمة صنعاء ولم يُدحر الحوثيون بل تمددوا وهيمنوا على شمال اليمن ويهددون الأمن والاستقرار للدولة السعودية، صواريخهم البالستية وطائراتهم المسيرة وصلت الى اقصى شرق الدولة السعودية، حقول الشيبة، والظهران والرياض وجدة وتهدد المدن والمطارات الجنوبية بشكل يومي، ولم تستطع العسكرية السعودية ولا السلاح الذي بلغت قيمته اكثر من 200 مليار دولار في هذه الاعوام الخمسة التي خلت.
راحت السعودية تفرغ شحنتها السياسية والعسكرية في جنوب اليمن، حيث مقر السلطة عبدربه المؤقت، وحيث لا يوجد " حوثيون " ولا ما يحزنون.
* * *
القيادة السعودية الراهنة تتحمل وزر كل ما يجري في اليمن. والحق ان الدولة السعودية فقدت هيبتها في المجتمع الدولي بما تفعل في اليمن وما يفعل حلفاؤها، وانفض من حولها اكثر القادة مثل ماليزيا، والمغرب، وتركيا، والباكستان، والصومال.
واستعدت عليها برلمانات الدول الغربية بما في ذلك الكونغرس الامريكي، رغم حماية الرئيس الامريكي للنظام السياسي في الرياض.
الرئيس الامريكي ترامب اذا جدد له لفترة ثانية اربعة اعوام قادمة فسيمتص ما تبقى في خزائن السعودية من مال، تحت ذريعة حماية العرش السعودي.
والحقيقة التي قد لا يدركها بعض القيادات السعودية ان السياسة الخارجية الامريكية متغيرة، وتحت الضغوط الداخلية والخارجية قد تغير الادارة الامريكية الراهنة موقفها من السعودية، وتصبح الخاسر الاكبر.
* * *
الإدارة السياسية السعودية الراهنة استعدت الى جانب الحكومات المذكورة اعلاه كل طبقات المفكرين على امتداد العالمين العربي والاسلامي وكذلك في الغرب كله، كما استعدت الاسلاميين والقوميين والليبراليين، واليساريين وكبار رجال الأعمال في الداخل واصبحوا لا يضمرون للدولة السعودية خيرا ويشهرون بها في كل محفل، وبذلك يتزعزع الأمن والاستقرار الداخلي.
ان النصيحة التي قدمت للقيادة السعودية من بعض حلفائهم في الخليج هي الاستعانة بقوى امنية من المرتزقة لحماية النظام وافراده، والاندفاع نحو اسرائيل هي نصيحة كارثية ولن تعود بالنفع على النظام وأشخاصه.
في الأسبوع المنصرم قام الطيران الحربي الإماراتي عضو التحالف العربي في اليمن بقصف قوات وقواعد جيش عبدربه وراح ضحية ذلك القصف اكثر من 300 قتيل من الجماعة الى جانب المئات من الجرحى والمصابين وتدمير آلات ومعدات عسكرية ملك لحكومة عبدربه.
تلك الطائرات الحربية الاماراتية التي من المفترض أن الإمارات والسعودية أتت لحماية الشعب والجيش اليمني ومساعدته في استعادة شرعيتهم على كامل تراب الدولة اليمنية.
ورأينا بالصوت والصورة ما فُعل بأحد ضباط جيش عبدربه الذي سقط جريحا كيف عومل من قبل مليشيات مرتزقة مدعومة ومسلحة وممولة من قادة دول التحالف.
ذلك المنظر الشنيع لم يكن من اخلاق الجيوش المحترفة وانما هو اسلوب العصابات واللصوص الحاقدين.
في ذلك المنظر الشنيع اللااخلاقي الذي وقع على ضابط يحمل رتبة عسكرية وقع جريح حرب، كل الاعراف وتقاليد الجيوش المحترمة تقدم له كامل المساعدات الطبية والانسانية وتأخذه اسير حرب معززا مكرما وليس كما فعل به السفهاء ومليشيات ما يسمى بقوات الحزام الامني والنخب المسلحة التي تديرها وتسلحها وتمولها دولة الامارات "مليشيات المجلس الانفصالي الانتقالي ".
* * *
صحيح ان الفاعل هو سلاح الطيران الحربي الاماراتي، لكن اللائمة تقع على قائد التحالف " الدولة السعودية " فوزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان هو نائب القائد العام للقوات المسلحة السعودية وقيادة التحالف ونائبه شقيقه الأمير خالد بن سلمان، ورئيس غرفة العمليات سعودي ايضا ولا يمكن ان تطير اي طائرة حربية في سماء اليمن أو عبر الاراضي السعودية إلا بموافقة سعودية.
وعلى ذلك فان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الادارة السعودية وان اليمنيين لن ينسوا ما حل بهم يوم الخميس الأسود يوم 29/8 الماضي.
إن الذرائع التي تبنتها الامارات لتبرير جريمة ما حل بجماعة عبدربه يوم الخميس الاسود، هي تهمة " محاربة الارهاب " امر لن يصدقها مخلوق رغم محاولة غسل عقول العامة، لان من وقع عليهم العدوان جيش يرتدي بزة عسكرية وليس عصابات دواعش.
ان الرياض في موقف لا تحسد عليه، فاما ان تفك التحالف مع ابوظبي التي وضعت السعودية في هذا الموقف المهين، واما ان تتحمل كافة المسؤوليات الاخلاقية والعسكرية وما حل باليمن من دمار وخراب وامراض أمام الله عز وجل وأمام العالم كله.
آخر القول: اليمن عصي على كل الطغاة والبغاة عبر التاريخ ولن ينجو من غضب الشعب اليمني الحر اي معتد أثيم. وها هي السعودية قد ركست حتى أخمص قدميها وذاقت أمر الهزائم فيه.
* أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.
ارسال التعليق