السجن 7 سنوات للعلامة الشيخ محمد الحبيب بعد اعتقال تعسفي خارج نطاق القانون
مشهدية استهداف أبناء “القطيف والأحساء” نشطاء ومثقفين وعلماء دين عبر تغليظ الأحكام القضائية لا تزال مستمرة وبشكل متواتر، وعلى وجه الخصوص استهداف العلماء ورجال الدين الذين برزت أدوارهم في توجيه الناس وتعزيز الوحدة والحرص على الوحدة الاجتماعية والسلم الأهلي.
فبالتزامن مع إحياء الذكرى الثانية لاستشهاد الشيخ الفقيه نمر باقر النمر، بعد إعدامه من قبل السلطات السعودية إستناداً إلى حكم اتخذ بموجب قرار سياسي، قضت المحكمة الجزائية المتخصصة المعنية بقضايا الإرهاب، الحكم بالسجن سبع سنوات على العلامة الشيخ محمد حسن الحبيب، المعتقل في سجون المباحث السعودية منذ 8يوليو 2016.
وجاء الحكم بالسجن على الشيخ الحبيب 7 سنوات، بعد اعتراض الإدعاء العام على حكم بالبراءة أصدرته الجزائية قي العاشر من يوليو 2017، إذ أعيدت القضية من محكمة الاستئناف إلى المحكمة الجزائية وتم إصدار الحكم المُشدد استناداً إلى اتهامات مزعومة ترتبط بمواقف الشيخ الحبيب وخطبه ودوره الديني الرسالي.
العلامة الشيخ محمد الحبيب (6نوفمبر 1964)، ابن مدينة صفوى بمحافظة القطيف، اعتقل في 8 يوليو 2016، أثناء توجهه إلى دولة الكويت عبر منفذ الخفجي البري الحدودي، ومعه ثلاثة آخرين، وقد انقطعت أخباره عن عائلته، بعد احتجازه لفترة من الزمن، إذ رفضت السلطات الإفصاح عن مكان وظروف اعتقاله ولم تسمح له بالاتصال بإسرته.
وقد تواترت معلومات بعد شهور من اعتقاله عن إحالته إلى مباحث الرياض، فيما لفّ الغموض مصير الثلاثة الذين اعتقلوا معه, والذين انقطعت أخبارهم منذ اعتقالهم ولم يتم عرضهم على أية محكمة حتى اليوم.
وخلال فترة اعتقاله تعرّض الشيخ الحبيب للسجن الإنفرادي وقد كشفت معلومات عن بقائه لأكثر من ١٣٠ يوماً في الزنزانة الإنفرادية، قبل بدء جلسات محاكمته التي افتقدت لأدنى معايير العدالة والشفافية، حيث منع من توكيل محام طوال مراحل التحقيق.
عُرف العلامة الحبيب بمواقفه الصلبة في المطالبة بالحقوق ورفض الظلم والطائفية الممارسة على المجتمع الشيعي، ما أدى إلى استهدافه عدة مرات بالاستدعاء للتحقيق والاعتقال لفترات وجيزة بسبب مواقفه المعارضة للسياسات الطائفة التي تمارس بحق المواطنين الشيعة؛ فيما تمحورت العديد من خطبه حول الإصلاح وتحقيق العدالة الإجتماعية والسماح بحرية التعبير، وطالب برفع التمييز، وفتح باب المشاركة السياسية والإفراج عن جميع معتقلي الرأي.
الشيخ الحبيب طالب بالكرامة أثناء تشييع الشهيد خالد اللباد والشهيدين حسن الزاهري ومحمد المناسف، أكدّ العلامة الشيخ محمد الحبيب أن مطالب الأهالي هي، العدل والحقوق، والكرامة والعزة، والإباء والحرية، وتساءل “هل هذه المطالب تُعاب علينا؟!”.
مواقفه المُعلنة وآرائه حول الممارسات القمعية للسلطة السعودية بحق أبناء “القطيف والأحساء”، عرضه مرّات عدة للمضايقات والاستدعاء والاعتقال.
في العام 2012، اعتقلته السلطات من مطار “الملك فهد” الدولي في الدمام، أثناء عودته من سلطنة عُمان بعد مشاركة في فعالية ثقافية، واقتادته السلطات إلى جهة مجهولة، بحسب الحساب الرسمي للشيخ الحبيب على موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” حينذاك، إلا أنها أفرجت عنه بعد ساعات.
الشيخ الحبيب تعرض لاعتقال تعسفي إلى ذلك، كانت منظمات حقوقية طالبت بالإفراج عن العلامة الحبيب، معتبرة أن اعتقاله تعسفي ومخالف لعدد من القوانين والمواثيق الدولية ومنها المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تؤكد أن لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية.
وشددت كل من “المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان” و”منظمة شيعة رايتس”، على أن ما تعرّض له الشيخ الحبيب يناقض ما ادعاه رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية بندر العيبان في 31 مايو 2016 حول التزام السعودية بقوانين حقوق الإنسان.
“الأوروبية السعودية”، كانت قد بيّنت أن التهم التي وُجهت للشيخ الحبيب تؤكد أن اعتقاله بسبب تعبيره عن رأيه ومطالبته بالحقوق والحريات، معتبرة اعتقاله ممارسة إنتقامية على خلفية مواقفه، وليس بسبب إرتكابه أعمالاً جنائية، لافتة إلى أن محاكمته في المحكمة الجزائية المتخصصة والتي تعنى بقضايا الإرهاب، “إساءة صريحة للمدافعين عن حقوق الإنسان, إذ خلص تحليل قانوني لنظام الإرهاب السعودي نشرته المنظمة الأوروبية إلى أن السلطات السعودية تستخدم قانون مكافحة الإرهاب في إستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان”.
يُشار إلى أن استهداف علماء الدين الشيعة بات سمة واضحة في سياسات النظام السعودي الممارسة ضد أهالي القطيف والأحساء، ويأتي في مقدمتها اعتقال واعدام الشيخ نمر النمر, واعتقال عشرات رجال الدين الآخرين بينهم الشيخ محمد الحبيب, الشيخ توفيق العامر, الشيخ علي كبيش, الشيخ علي آل طالب, الشيخ محمد العطية, والفقيه الشيخ حسين الراضي..
نماذج واضحة على ما يواجهه علماء ورجال الدين الشيعة في القطيف والأحساء جرّاء تغول السياسات الطائفية للنظام السعودي.
9 يناير /كانون الثاني 2018
ارسال التعليق