السعودية تواصل إعدام مواطنيها بدون رادع
في مقال لها نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية أكدت المحامية الرائدة، والخبيرة في قانون حقوق الإنسان والحريات المدنية، هيلينا كندي، أن تصنيف السعودية كدولة مارقة لا يحتاج لدليل كونها تقتل مواطنيها بدم بارد لا سيما في ظل تزايد الإعدامات في المملكة وانتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان. وكتبت كندي أنه، في الأحد 28 يوليو، قبل يوم واحد من صدور تقرير عن الاستخدام غير القانوني لعقوبة الإعدام في السعودية، كان من المقرّر أن يمثل رجل الدين السعودي التقدّمي البارز سلمان العودة أمام محكمة سريّة من دون وجود فريق قانوني، لسماع الحكم بشأن عقوبة الإعدام في قضيته.
وقالت إنه على الرغم من أن جلسة الاستماع قد تمّ تأجيلها حتى نوفمبر، إلا أن الإساءات المنهجية لحقوقه الإنسانيّة، بما في ذلك حقه في محاكمة عادلة، لا تزال مستمرّة بلا هوادة. وأضافت إنه إذا انتهى الأمر بقيام السلطات السعودية بإعدامه، فستكون قضيته مثالًا ينذر بالخطر لكيفية استخدام عقوبة الإعدام لإسكات أي نقد في السعوديّة: “إنه للأسف ليس الاستثناء بل القاعدة”.
وتم اعتقال العودة في عام 2017 بعد أن عبر على “تويتر” عن أمله في حل الأزمة بين السعودية وقطر بشكل سلمي. وقد احتجز منذ ذلك الحين في ظروف مروّعة. ومن بين التهم الـ37 التي وجهت إليه هي “الاستهزاء بإنجازات الحكومة”- التي أشارت الكاتبة إلى أنه سواء كان ذلك صحيحاً أم لا، “فهي بالتأكيد ليست جريمة يعاقب عليها بالإعدام”.
كما تطرقت كندي إلى قضية مجتبى سويكت، الذي أُعدم في وقت سابق من هذا العام، والذي كان مراهقًا عندما ألقي القبض عليه بتهمة ارتكاب مخالفات متعلقة بالاحتجاج. وتم اعتقاله لمدة ثلاث سنوات من دون تهمة، وقد حُرم من أي مساعدة قانونيّة، وتعرّض للضرب بانتظام، وأُحرق بالسجائر، وجُلد على باطن قدميه.
ورأت المحامية الحقوقية أنه ليس مستغربًا أن السعودية هي واحدة من أكثر المؤيدين للإعدام. لكن الأمر المثير للصدمة هو الزيادة المقلقة في استخدامه. كان عدد من تأكد تنفيذ عقوبة الإعدام بحقهم في عام 2010 سبعة وعشرين، ووصل العدد في عام 2015 إلى مائة وثمانية وخمسين، جلهم أشخاص شاركوا في تظاهرات مؤيّدة للربيع العربي في عام 2013.
وفي النصف الأول من هذا العام وصل عدد من أعدموا مائة وأربعة وثلاثين، ويعتقد بأن أربعة وعشرين آخرين ينتظرون أن ينفذ حكم الإعدام فيهم، ويغلب أن يكون ذلك وشيكاً.
لم ينجم من فراغ هذا الإفراط الأخير في لجوء السعودية إلى أحكام الإعدام، بل يأتي في خضم حملة منظمة تشنّ على المدافعين عن حقوق الإنسان وعلى النشطاء السياسيين؛ فمنذ أن وصل محمد بن سلمان إلى السلطة في عام 2017، والضغوط تتزايد بشكل واضح وكبير ضد منتقدي النظام، حيث تمّ اعتقال سبعة عشر معارضاً سياسياً في النصف الأول من عام 2018 كان كثيرون منهم من النساء المعروفات بنشاطهن الحقوقي.
وفي أبريل من هذا العام، اعتقل ما لا يقلّ عن أربعة عشر صحفياً وأكاديمياً وأفراد عائلات الناشطات الحقوقيات اللواتي هن أصلاً رهن الاعتقال. لا تخلو هذه الاعتقالات للأسف من مزاعم باتت مألوفة عن تعرّض أصحابها للتعذيب، وعن ارتكاب السلطات لانتهاكات صارخة لما هو متعارف عليه من إجراءات المقاضاة العادلة والنزيهة. واستعرضت الكاتبة مجموعة من الانتهاكات التي مارستها الرياض بحق الصحافيين والناشطات والمدافعين عن حقوق الإنسان، مشيرة إلى أنه إذا فشلت السعودية في معالجة الانتهاكات المتنامية في سجل حقوق الإنسان الخاص بها، فإن على الدول الأخرى النظر في استخدام العقوبات المستهدفة، وعلى الجمعية العامة للأمم المتحدة إلغاء عضوية المملكة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وأوضحت كندي أن السعودية تستمدّ الشرعية لأعمالها من دعم الدول الأخرى التي تبدو غير مبالية بانتهاكها الصارخ لحقوق الإنسان.
لهذا السبب، فإن سحب الدعم لاجتماع مجموعة العشرين المقرّر عقده في الرياض العام المقبل من شأنه أن يرسل رسالة قويّة إلى المملكة؛ بأنه يجب عدم التسامح مع انتهاك حقوق الإنسان، مهما كان حجم الصفقات التجاريّة.
ارسال التعليق