السعودية وجبهة النصرة: “حليف” أم “حليف الحليف”؟
كثيرة هي الإتهامات العربية والغربية للسعودية بدعم “جبهة النصرة” في سوريا، إلا أن هذه الإتهامات تواجَه دائماً برفض سعودي قاطع، ليس ذلك فحسب، بل تدعي أنها تشارك في محاربة الإرهاب، الأمر الذي طرح علامة إستفهام كبرى حول حقيقة إرتباط السعودية مع “جبهة النصرة”.
تنحصر العلاقة بين السعودية وجبهة النصرة بين أضلع ثلاث، إما وجود علاقة مباشرة معها، أو علاقة غير مباشرة عبر بعض الجماعات الإرهابية الأخرى التي تدين بالولاء للسعودية، أم أنه لا توجد أي علاقة بين الجهتين، وهو الرأي الذي لطالما تبنّته السعودية رغم وجود العديد من الدلائل التي تؤكد العكس.
كثيرة هي القيادات العسكرية السعودية في “جبهة النصرة”، نذكر منها صنفي النصر، أحد الاسماء الحركية، لعبد المحسن عبد الله ابراهيم الشريخ، وهو سعودي، قتل العام الماضي صنفته وزارة الخزانة الأمريكية عام 2014 بانه “إرهابي عالمي” وينشط في سوريا لحساب النصرة والقاعدة، إضافةً إلى عبدالله المحيسني أحد أبرز مایسمی ب “قضاة جيش الفتح” والقيادي في جبهة النصرة. ورغم طفرة الأسماء السعودية في “جبهة النصرة”، إلا أن هذا الأمر قد لا يكون دليلاً قاطعاً على تورّط السعودية، لكن مراجعة التقارير الغربية تزيد من طينة الرياض بلّةً. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أكد السيناتور الأميركي ريتشارد بلاك أن جبهة النصرة التي تؤيد القاعدة “باتت تحصل على دعم أميركي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”، حيث تسلمت 500 صاروخ تاو من السعودية. كذلك، نشرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية في وقت سابق تقريراً تناول مسألة دعم كل من الرياض وأنقرة للتنظيمات التكفيرية المرتبطة بتنظيم القاعدة، ونقل التقرير عن مسؤولين غربيين قولهم أن ذلك النهج يقلق الحكومات الغربية لما هو معروف من ارتباط النُصرة بالقاعدة. في حين أن صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية نشرت تقريراً مطولاً بقلم الكاتبة “كارلوتا غال” أكدت فيه إن السعودية هي من زرعت بذور الإرهاب في العالم، إضافةً إلى قول الصحيفة أن “داعش والنصرة نتاج الوهابية التي زرعتها السعودية”، وفيمايخص العلاقة بين الطرفين تجدر الإشارة إلى الآتي:
أولاً: إن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أعلن في تصريح لمجلة “دير شبيغل” الألمانية عن تأييد بلاده تسليم مجموعات “المعارضة السورية المعتدلة” صواريخ أرض-جو، في حين أسقطت جبهة النصرة يوم الثلاثاء 5 إبريل/ نيسان 2016، طائرة حربية سوريّة، في بلدة العيس، في ريف حلب الجنوبي شمال البلاد، فهل “جبهة النصرة” هي المعارضة المعتدلة في كلام الجبير؟ أم أن هناك جهات أخرى قصدها الجبير وحضرت في مؤتمر الرياض؟
ثانياً: إذا كان قصد الجبير من المعارضة المعتدلة الفصائل المسلحة غير النصرة، فهل دعم هذه الجهات التي تتوحّد مع النصرة في ما يسمى بجش الفتح لا يعد دعماً للجبهة نفسها؟ وهل تمرير السلاح إلى جبهة النصرة الإرهابية عبر وسيط إرهابي أخر يختلف عن دعمها بصورة مباشرة في المضمون، وإن إختلاف في الشكل؟
ثالثاً: حاول البعض تبرئة السعودية عبر الإعلان بأن هذه الصواريخ كانت موجّهة لكل من حركة أحرار الشام وما يسمى بجيش الإسلام، ما يطرح جملة من التساؤلات: ألا تعد حركة أحرار الشام من أبرز حلفاء النصرة في جيش الفتح؟ من الذي شكّل بالأمس مجلس شرعي دعي بإسم “تجمع أهل العلم في الشام”، والذي يضمّ الشرعي العام السابق لجبهة النصرة العراقي أبو ماريا القحطاني، والقاضي في جيش الفتح السعودي عبد الله المحيسني، والقيادي في جبهة النصرة “مظهر الويس”، ورئيس هيئة الدعوة والارشاد في احرار الشام “أبو محمد الصادق”، بالاضافة الى عضو المجلس الشرعي في أحرار الشام “أيمن هاروش”؟
رابعاً: رغم تشارك حركة أحرار الشام مع جبهة النصرة في معظم المعارك، إلا أنها تبرأت مؤخراً عن جبهة النصرة، وغسلت يدها من انتهاكات جيش الفتح في المناطق التي يتواجد فيها، والتي تحدث عنها تقرير منظمة العفو الدولية قبل أيام، فهل هذا يلغي إرتكابها لهذه الجرائم؟ ألا تتحمّل أي جهة دعمت وسلّحت هذه الجماعات جزءاً من المسؤولية؟
في الواقع، إن السعودية متورّطة حتى أذنيها في دعم الجماعات الإرهابية فی سوريا، وجبهة النصرة في مقدّمة هذه الجماعات، سواءً بشكل مباشر وفق ما تؤكد التقارير العربية والغربية، وغير المباشر عبر دعم الجماعات التي تقاتل كتفاً إلى كتف مع جبهة النصرة، وتمدّها بالسلاح الذي تتسلّمه من الرياض.
19/7/2016
ارسال التعليق