السلطات السعودية تواصل اعتقال الفلسطينيين
على الرغم من انتهاء مدة اعتقاله، إلا أن السلطات السعودية لم تطلق سراح الدكتور محمد الخضري، الطبيب و العضو في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، والذي كان ممثلًا للحركة بالسعودية بين عامي 1992 و 2009.
وكانت محكمة الاستئناف السعودية، قد أنهت في 4 يناير/كانون الثاني الماضي، النظر في الأحكام الصادرة بحق 60 معتقلاً فلسطينياً وأردنياً في آب/أغسطس 2021، والذي كان من ضمنهم الدكتور الخضري، حيث خفضت مدة الحكم من 15 عاماً إلى ستة أعوام، مع وقف التنفيذ لثلاث منها، “وهي المدة الفعلية التي قضاها بالفعل في معتقله.
حساب معتقلي الرأي، كتب اليوم الجمعة أنه رغم انتهاء مدة حكم الخضري، في شهر فبراير/شباط الماضي، إلا أن السلطات ما تزال تماطل في الإفراج عنه.
وأشار إلى أن الخضري تجاوز عامه الـ83، ويعاني من عدة أمراض مزمنة، بالإضافة إلى إصابته بمرض السرطان، ولافتا إلى اعتماده التام على نجله الدكتور هاني، المعتقل معه، في قضاء حاجاته الأساسية.
واعتقال الخضري كان ضمن حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات السعودية، في 2019، والتي طالت أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين بالمملكة، ولم يشفع للخضري عمره حيث كان يبلغ آنذاك الـ81 عاما ولا وضعه الصحي إذ يعاني من “مرض عضال”، ولا مكانته العلمية كونه أحد أبرز الأطباء الاستشاريين في تخصص الأنف والأذن والحنجرة، ولا مكانته النضالية التي عرف فيها بخدماته الجليلة التي قدّمها للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية بالداخل والخارج.
ويوم الرابع من أبريل/نيسان 2019، عقب صلاة الفجر، بمدينة جدة، اعتقل جهاز أمن الدولة السعودي الدكتور محمد صالح الخضري، حيث أبلغوه آنذاك أن الجهاز يريده في قضية صغيرة لفترة زمنية قصيرة، وسيتم إعادته إلى منزله، لكن القيادي الثمانيني المُصاب بمرض السرطان، ما زال قيد الاعتقال..
ولم تمضِ ساعات على اعتقال الدكتور محمد الخضري حتى أوقف عنصرا أمن سعوديان ابنه هاني، المحاضر في جامعة أم القرى في مكة المكرمة، تحت بيته، وطلبا منه توصيلهما إلى عنوان ما، ليجد نفسه بعد لحظات مختطفاً بسيارة.
وكانت “مي”، ابنة الخضري، قالت إن الأسئلة التي وجهها المحققون للخضري وابنه كانت تدور حول علاقته بحركة “حماس”، وطبيعة عمله كممثل لها، الذي هو بعلم المملكة، وبموافقة رسمية وموثقة من الملك الراحل فهد.
وأوضحت أن والدها المصاب بمرض عضال والذي أجرى عملية جراحية قبل مدة قصيرة، من اعتقاله قد طلب اصطحاب أدويته الخاصة بمرضه، لكن عنصرَي الأمن أكدا عدم أهمية ذلك؛ لأن مدة التحقيق معه لن تطول، ولكنه أصر على أخذ العلاج، وهو ما حدث.
وقالت إنهم مروا بأربعة أسابيع صعبة للغاية، لا تعلم فيها أي أخبار عن والدها المريض، الذي أجرى عملية جراحية ويحتاج إلى أخرى، وشقيقها هاني، ولم يتركوا أحداً إلا اتصلوا به، ولكن لا فائدة ولم تصلهم أي معلومات”.
وبعد أربعة أسابيع اتصلت العلاقات العامة لمعتقل ذهبان بزوجة محمد الخضري لتطلب إحضار تقاريره الطبية وأدويته الخاصة إلى سجن ذهبان في جدة، كما قالت ابنة الخضري.
وخلال الأيام الأولى من الاعتقال خضع الدكتور الخضري وابنه هاني لتحقيق لمدة 3 أشهر متواصلة، ووُضعا خلالها في زنازين عزل انفرادي لكل واحد منهما، مع تعرضهما لضغط وتعذيب نفسي.
أما الأسئلة التي وجهها المحققون للخضري وابنه فكانت تدور حول علاقته بحركة حماس، وطبيعة عمله كممثل لها، “الذي هو بعلم المملكة، وبموافقة رسمية وموثقة من الملك الراحل فهد، وفق ابنة القيادي في الحركة الفلسطينية”.
ووجه المحققون السعوديون اتهامات لابن الخضري هاني بتحويل أموال من السعودية إلى دولة أجنبية، ولكنها كانت مقابل شرائه لشقة سكنية خاصة، وفق تأكيدات شقيقته مي.
وبعد 3 أشهر من انتهاء التحقيق بدأ بالاتصال بعائلته من السجن مرة واحدة أسبوعياً ولمدة 5 دقائق، برفقة ابنه الذي وُضع معه بغرفة واحدة بالسجن، مع السماح بزيارتهما، ولكن فجأة توقفت الاتصالات والزيارات.
ورغم اعتقال القيادي في حركة حماس فإنه رفض التصعيد الإعلامي في قضيته، لكونه حريص على المملكة الموجود فيها منذ أكثر من 30 عامًا، حسب ما قالت ابنته.
وشقيق القيادي في حركة حماس عبد الماجد الخضري، أكد أن شقيقه موجود في السعودية منذ سنوات طويلة، ومعتمد لدى المملكة إبان حكم الملك فهد وخالد لجمع التبرعات لحساب غزة بموافقة ملكية، ومعه جواز سفر سوداني إلى جانب الفلسطيني.
وأوضح أنه كان ممنوعاً من رؤية ابنه، حيث اتهم بقضايا تمويل مالي، ولم تعرضهما جهات التحقيق على النيابة العامة أو على أي محكمة من أجل البت بقضيتهم بشكل قانوني.
وبين أن عائلة الخضري أرسلت كتاباً إلى الملك السعودي سلمان وطالبته بالإفراج عن محمد وابنه، ولكن لم يكن هناك أي جواب.
حركة “حماس”، وعلى لسان القيادي فيها أسامة حمدان، أكدت وجود سعي سياسي وتدخل وسطاء عبر قادة حركته لإنهاء قضية الخضري المعتقل في السجون السعودية بعيداً عن الإعلام والضوضاء، لكن الحركة وصلت إلى مرحلة لم تعد تستطع الصمت.
وقال حمدان، في حديث لموقع مؤسسة “القدس الدولية”: “الخضري أول من مثل الحركة في السعودية وشخصية أساسية، واعتقل بعد إجرائه عملية جراحية، ولا تزال مساعينا متواصلة لحل المشكلة”.
وبين حمدان أن صمت حركته عن اعتقالات السعودية ضد ممثلها وعناصرها لم يكن ضعفاً في موقفها، ولكن لإعطاء جملة من المحاولات والسعي السياسي لحل مشكلتهم.
وأضاف: “الحركة مرت بكثير من الآلام والجراحات، وأساء لها مقربون وكثيرون، فهي تقاوم الكيان الصهيوني، وتقدم قادتها شهداء، ولا يعجزها خوض أي معركة، وإذا قرر أحد ما الوقوف إلى جوار الاحتلال ضد شعبنا وأن يبيع القدس فعليه أن يدرك أن هذا لن ينفعه”.
وأوضح حمدان أن حركته ستصبر وستواصل العمل من أجل الإفراج عن المعتقلين، وتأمل الاستجابة لذلك “ليس على سبيل الجميل أو المن، ولكن لأجل عملهم لصالح فلسطين، فهم من يستحق التكريم لا الوضع في السجون”.
وكان حساب “معتقلي الرأي” على تويتر، قد أفاد بأن السلطات السعودية قامت بنقل الدكتور هاني الخضري إلى الزنزانة التي يوجد فيها والده الدكتور محمد الخضري، ممثل العلاقات بين حركة حماس والمملكة، بعد تدهور وضعه الصحي وعدم قدرته على الحركة أو خدمة نفسه.
منظمة العفو الدولية، صرحت بأنه خلال فترة الاعتقال تعرض الدكتور محمد الخضري وابنه هاني الخضري لانتهاكات جسيمة لحقوقهما الإنسانية، بما في ذلك الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي والاحتجاز بمعزلٍ عن العالم الخارجي داخل الحبس الانفرادي، كما لم يحظ الرجلان بأي تمثيل قانوني منذ اعتقالهما”.
وأشارت إلى أن الدكتور محمد الخضري عرضة لخطر كبير بسبب فيروس كوفيد_19، وأن حالته الصحية تتطلب رعاية طبية وعلاجاً من السرطان، ودعت الملك سلمان إلى ضمان الإفراج عن الدكتور محمد ونجله هاني فوراً من دون قيد أو شرط.
وأصدرت “مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي”، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تقريرا في أعقاب دورته الـ91، المنعقدة في الفترة من 6 إلى 10 سبتمبر/ أيلول2021، يطالب بالإفراج عن الخضري ونجله من السجون السعودية.
واعتبرت “مجموعة العمل” في تقريرها، أن استمرار السلطات السعودية من حرمان محمد صالح الخضري وهاني محمد الخضري من الحرية، “إجراء تعسفي”.
يذكر أن الخضري من مواليد 1938، تخرج في جامعة القاهرة بكلية الطب عام 1962.
عاد بعد التخرج إلى قطاع غزة وعمل في مستشفى الشفاء الطبي 9 شهور، قبل أن يغادرها إلى الكويت.
وعمل الخضري فور وصوله للكويت في شركة طبية خاصة، ومن ثم التحق بالجيش الكويتي ليعمل فيه طبيباً. وبعد مدة حصل على درجة “الزمالة” من جامعة “إدنبرة” البريطانية في تخصص أنف وأذن وحنجرة.
واصل الخضري بعد ذلك عمله في الجيش الكويتي بصفة رئيس قسم “أنف وأذن وحنجرة”، في المستشفى العسكري بالكويت.
وبعد أن غادر الفلسطينيون الكويت عام 1990 (من جراء تداعيات الغزو العراقي)، انتقل الخضري إلى عمان.
وفي عام 1992، انتقل الخضري للإقامة في السعودية، وعمل آنذاك ممثلاً لحركة “حماس” بشكل علني ورسمي وبعلم السلطات السعودية، لكنه غادر هذا المنصب منذ نحو 11 سنة.
ارسال التعليق