الصحافة الإسرائيلية تفضح الادعاءات السعودية بشأن أزمة الأقصى
أظهرت أزمة البوابات الإلكترونية في مداخل المسجد الأقصى، العديد من النوايا العربية تجاه القضية الفلسطينية، ففي البداية التزمت الدول العربية الصمت، ولم تجرؤ إحداهاعلى انتقاد الكيان الصهيوني خوفًا من غضب الحليف والصديق بنيامين نتنياهو، ومع انتهاء الأزمة وانتصار المقدسيين سارعت العديد من الدول إلى المتاجرة بالقضية والتسلق على أكتاف المقدسيين في محاولة لنسب الانتصار لأنفسهم، حتى جاءت الروايات الصهيونية لتنسف زيف إدعاءات هذه الدول.
وصف محلل الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تسفي بارئيل، البيان الصادر عن الديوان الملكي السعودي، الذي نسب قرار إسرائيل بإزالة البوابات الإلكترونية والجسور الحديدية والكاميرات والحواجز من أمام بوابات المسجد الأقصى إلى جهود الملك سلمان بن عبد العزيز، بأنه غريب جدًا، متسائلًا في الوقت نفسه “مَنْ هم الزعماء الذين تواصل معهم الملك السعودي؟”، وقال إن مصادر سياسية وصفها بأنها رفيعة المستوى في تل أبيب، ألمحت إلى أن البيان الرسمي الذي أكد أن اتصالات الملك سلمان أثمرت حل مشكلة الأقصى، هو عمليًا يتحدث عن الاتصالات التي أجراها ولي العهد محمد بن سلمان، وليس والده.
ونقل بارئيل، عن المصادر عينها قولها إنه من غير المستبعد أن يكون قسمًا من هذه الاتصالات قد جرت بين الديوان الملكي السعودي وديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيرًا إلى أن ولي العهد السعودي تربطه علاقات وطيدة مع صناع القرار في تل أبيب، وأكد المحلل الإسرائيلي أن الكثيرين في البلدان العربية يحاولون نسب الانتصار الفلسطيني لأنفسهم، موضحًا أنه عمليًا كان الحديث عن صراع قوة على السيادة والسيطرة على الحرم القدسي بين الوقف الإسلامي وبين الحكومة الإسرائيلية من أجل المحافظة على الوضع القائم.
بارئيل كشف أيضا عن أن إسرائيل، في الأزمة الأخيرة، لم تكُن وحيدة في خشيتها من اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، بل كان هناك العديد من الزعماء العرب شركاء في الخوف والخشية من الانتفاضة، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى احتواء الأزمة وعدم تدويل الصراع على الأقصى ونقله إلى الأمم المتحدة، وكذلك منع انتشار الغضب في الوطن العربي والعالم الإسلامي، بشكلٍ قد يؤدي إلى فقدان الأنظمة السيطرة على المظاهرات الشعبية.
وتابع المحلل السياسي أن تجربة ثورات “الربيع العربي” كشفت أن الانتفاضة باتت مرضًا معديًا وخطرًا، والانتفاضة الفلسطينية بشكل خاص قادرة على تجنيد الدعم الجماهيري في جميع أرجاء الوطن العربي، الأمر الذي سيضع الأنظمة العربية في مواجهة دموية مع الذين سيخرجون للتظاهر نصرة للأقصى المبارك، ورأى بارئيل، أن التهديد والتجنيد من أجل الحرم القدسي هو كبير وخطر جدًا، ليس لأنه يهم جميع الدول الإسلامية فقط، بل لأنه لا يترك مجالًا بالمرة للأنظمة الإسلامية لقمع المظاهرات التي كانت ستخرج نصرة للأقصى، بسبب أهميته الدينية بالنسبة للمسلمين، الأمر الذي كان سيُجبر ويُلزم هذه الأنظمة على التظاهر بأنها تدعم نضال الجماهير في الدفاع عن المقدسات الإسلامية.
في ذات السياق، نسفت صحيفة “ميكور ريشون” الإسرائيلية، مزاعم السعودية بأن الملك سلمان بن عبد العزيز، هو من أقنع إسرائيل بإزالة البوابات الإلكترونية، وقالت الصحيفة إن السعودية كانت أكثر الدول العربية التي أبدت تفهما لقيام إسرائيل بنصب البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، على اعتبار أن ذلك تفرضه الإجراءات الأمنية في المكان، ونوّهت الصحيفة إلى أنه يستدل من الاتصالات غير المباشرة التي جرت بين ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والسعوديين عبر الولايات المتحدة، أن الرياض اقتنعت بحجة نتنياهو الذي ذكّر السعوديين بأن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الأقصى تشبه تلك التي تتخذها السعودية في المسجد الحرام في مكة.
بعيدًا عن الروايات الإسرائيلية التي تحتمل الصواب والخطأ، فإنه بالنظر إلى بيان الديوان الملكي السعودي يبدو التناقض تمامًا مع سياسات المملكة الحالية في التعامل مع السعودية، والترحيب السعودي بتعميق العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية، وتؤكد الأنباء التي تخرج من داخل الاحتلال بشكل شبة يومي وجود علاقات وطيدة مع دول عربية وخليجية، الأمر الذي يعني أن القضية الفلسطينية قد سقطت من قائمة اهتمامات المملكة، وأن الأزمة الأخيرة للأقصى لم تُصدر المملكة خلالها موقفًا يليق بدورها الإقليمي والدولي وموقعها الذي تضع نفسها فيه على أنها زعيمة العالم والشقيقة الكبرى للدول العربية.
بقلم : هدير محمود
ارسال التعليق