الصندوق الاستثماري السعودي الأكثر إنفاقا لعام 2023: استثمارٌ للسُمعة
تصدّر صندوق الاستثمارات العامة السعودي المرتبة الأولى في التصنيف العالمي لإنفاق صناديق الثروة السيادية للعام 2023، وذلك بعد أن كان قد احتل المرتبة الثالثة للعام 2022، مقابل غيابه في العام 2021 حتى ضمن المراكز العشر الأولى.
يأتي ذلك بعد أن أنفق 31.5 مليار دولار على استثمارات تتراوح بين حصة في مطار هيثرو إلى ملكية شركة ألعاب أمريكية. أي أنه أنفق حوالي 25% من المبالغ التي أنفقتها صناديق الثروة السيادية في أنحاء العالم خلال 2023. وهذا وفقا للتصنيف السنوي لإنفاق صناديق الاستثمار السيادية، الذي أعدته شركة الاستشارات العالمية Global SWF.
ووفق ما يظهر بتوزيعات نسب الإنفاق، فإنه أتى بمجمله على مشاريع ترفيهية تغيب عنها أي تطوير للمجالات التي ترفع من قيمة البلد المعنوية.
فمع حصر الدور الديني والمظاهر الدينية عن الصورة العامة لبلاد شبه الجزيرة العربية، يُعمل بشكل حثيث على استبدالها بمظاهر التفلّت الأخلاقي عبر ترويج مظاهر الترفيه بأبشع حِللها من مهرجانات فنية واحتفالات رقص وغناء تحت مظلة "الترفيه" التي يبدو أنها الطريق الأسهل لكسب ود الرأي العام العالمي.
حيث أبرم الصندوق 48 صفقة العام الماضي. وأبرز المجالات التي أنفق فيها الصندوق توزعت بالشكل الآتي: 4.9 مليار دولار، للاستحواذ على شركة الألعاب الأميركية سكوبلي. 3.6 مليار دولار لشراء قسم تأجير الطائرات في شركة "ستاندرد تشارترد". 3.3 مليار دولار لشراء شركة "حديد" لصناعة الصلب.
وكانت فورة الاستثمار الأكثر شهرة هو في عالم الرياضة. فاشترى الصندوق السعودي نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم في عام 2021 وأنفق مبالغ كبيرة لجذب بعض أبرز اللاعبين في العالم إلى الدوري السعودي للمحترفين.
كما أنشأت أيضًا دوري LIV للغولف الممول جيدًا لمنافسة جولة PGA، قبل الموافقة على دمج الشركة الناشئة مع منظم البطولة الأقدم.
ولا تهدف هذه المشاريع، المشكوك في واقعية العديد منها، حصرا لتنويع اقتصاد "السعودية" بعيدا عن النفط، بل تهدف بشكل أساسي لتنظيف سمعتها وخاصة بما يتعلق بالأنشطة الرياضية.
ولم يتنكّر محمد بن سلمان نفسه من تهمة "الغسيل الرياضي". فحين سؤاله عن الأمر خلال مقابلته على شبكة فوكس نيوز، قال "لا أهتم (لهذه الاتهامات)، إذا أدى الغسل الرياضي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1%، فسوف أستمر في ممارسة الغسل الرياضي".
وأما عن الاستثمار بألعاب الفيديو، فسبب ثالث يُضاف إلى دوافع الاستثمار بالمجال الرياضي، وهو هوس ابن سلمان بهذا المجال.
حيث أعلنت "السعودية" مؤخرا عن بناء منطقة ألعاب ورياضات إلكترونية متعددة الاستخدامات في مشروعها الترفيهي بمدينة القدية.
وهي عبارة عن منطقة خارج "الرياض"، تمتد على مساحة أكبر من الفاتيكان، ستكون موطناً لـ 30 شركة لألعاب الفيديو، و25 فريقاً للرياضات الإلكترونية، و 4 ملاعب للرياضات الإلكترونية.
وفي حين تتركز رؤية ابن السلمان على مشاريع رؤية 2030 -التي محال أن تبصر النور في 2030- اعترفت "السعودية" مؤخرا، ولأول مرة، بتأجيل بعض المشاريع التي تم اطلاقها كجزء من هذه الرؤية، معلنة أن "السعودية مضطرة إلى تغيير الجدول الزمني لتحقيق أهداف البرنامج الذي تبلغ قيمته عدة تريليونات من الدولارات".
وقال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، إن "الحكومة"، التي تتوقع عجزا سنويا بالميزانية حتى عام 2026، قررت تأجيل بعض المشروعات "لبناء القدرات وتجنب الضغوط التضخمية واختناقات العرض"، وفقا لما أورده تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ".
ولم يحدد الجدعان المشروعات التي سيتم تأجيلها، لكنه أكد أن "هناك حاجة إلى فترة أطول لبناء المصانع، وبناء موارد بشرية كافية"، واعتبر أن هذا التأجيل يخدم اقتصاد البلد.
وقال الجدعان للصحفيين إن "الحكومة" عادت لمراجعة الجدول الزمني لبعض المشروعات "بعد تحديد حجم الاقتراض المقبول" لديها.
وأوضح أن مراجعة جميع الخطط جرت على أساس "العائدات الاقتصادية والاجتماعية والتوظيف ونوعية الحياة من بين عوامل أخرى على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية"، وأسفرت عن "منح بعض المشروعات قيد التنفيذ، والتي لم يتم الإعلان عنها بعد، إطارًا زمنيًا أطول".
وتابع الجدعان: "هناك استراتيجيات تم تأجيلها وهناك استراتيجيات سيتم تمويلها بعد عام 2030"، مشيرا إلى أن عملية المراجعة تقودها لجنة يرأسها ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان".
وعلق رئيس أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة أوراسيا، أيهم كامل، أن الإعلان عن تغييرات في الجدول الزمني لبعض مشروعات ومبادرات رؤية السعودية 2030 بعد 7 سنوات من إعلانها هو "خطوة محسوبة بعناية من قبل بن سلمان، الذي كان بحاجة إلى تغييرات على الأرض حتى يشعر الناس بتأثير رؤية 2030 قبل أن يخبرهم بأن الأرقام يجب أن تتغير".
من جانبه كان صندوق النقد الدولي قال في أكتوبر/تشرين الأول إن السعودية ستحتاج إلى سعر نفط يقترب من 86 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها وهو سعر أعلى من متوسط الأسعار لهذا العام (2023).
ارسال التعليق