القطيف: الخطط التنموية الهشّة تُعرّي السياسات “الطائفية” و”التمييزية” للنظام السعودي
فصول متتالية من مشهدية استهداف السلطات السعودية للمواطنين في شرق البلاد، والقطيف والأحساء تحديداً؛ حيث معاناة الحرمان من الخطط الإنمائية تتمدد على اتساع البلدات الشيعية، لتكشف زيف ادّعاءات السلطات بشأن السياسات التنموية المعدومة في مناطق الشيعة.
وضمن سيناريو الاستهداف المستمر والمتجدد لأهالي القطيف، بعد استباحة بلدة العوامية، يرى متابعون أن الخطط الإسكانية تُبرهن سياسات التقسيم والاستهداف الطائفي، الذي يسعى النظام السعودي لتطبيقه عبر مخططات متعددة، بينها ما جرى على حيّ المسوّرة التارخي، وفي هذا السياق، نشر الباحث في الشأن الشيعي بالجزيرة العربية مالك السعيد، دراسة تحت عنوان “دراسة في الأزمة السكنيةٌ بمحافظة القطيف” كشف من خلالها ما أسماه “زيف المخطط الرسمي للنظام في الرياض”.
الدراسة التي وزّعت على عدة فصول، استندت الى أرقام وبيانات ميدانية، تُبرز التقسيم غير العادل في الخطط التنموية الحكومية، التي لا تنال القطيف منها سوى التدمير والخراب، وهذا ما شدّد عليه (ع، ز) الذي لفت إلى أن أسباب معضلة الإسكان بمحافظة القطيف تعود إلى سياسة طائفية تهدف إلى تهجير السكان الأصليين المتمثل في المكوّن الشيعي في المنطقة، مشيراً الى أن أحداث العوامية الاخيرة والتدمير الذي لحق الممتلكات، وما تبعه من تهجير ونزوح للأهالي، ومن ثم منعهم من العودة إلى منازلهم حتى اليوم، دليل على سياسات النظام السعودي، في استهداف الأهالي وحرمانهم وسلب خيرات المنطقة، استكمالاً لبسط نفوذها على ما تبقى من عناوين الحياة الشيعية.
فصول ستة تضمنتها دراسة الباحث السعيد، كشفت عن الخطط العُمرانية التي تتبعها سلطات السعودية في إطار مزاعم تحقيق التنمية في مناطق البلاد، حيث يتبيّن أن ما نصيب القطيف من الخطط الاستراتيجة للإسكان ضيئل جداً مقارنة مع المحافظات الأخرى داخل “المنطقة الشرقية”، ويوضح أحد البيانات نصيب كل ألف نسمة من القطع السكنية المتوفرة في مخططات وزارة الإسكان، على امتداد المحافظات، حيث يتبيّن أن القطيف تُعطى النسبة الأقل جداً بين المناطق المجاورة (نموذج رقم 69- الشكل رقم 35)، فيما لفتت الدراسة الى أنه استناداً إلى المعايير المعتمدة في التوزيع يجب أن تنال القطيف الحصة الأكبر. يأتي ذلك، وسط تزايد النمو السكاني للقطيفيين، فقد بيّنت الدراسة أن الخصائص الديمغرافية تتطوّر كل عام، اذ ترتفع نسب الشباب المقبل على الزواج وبالتالي، فالأمر يتطلب مساكن جديدة، غير أن المخططات الحكومية للسطات السعودية لا تستجيب لتلك المتطلبات.
وعن الخصائص الإدارية والجغرافية للقطيف، بيّن الباحث السعيد أنها تنطوي على معوّقات جمّة للتمدد العمراني، اذ يحدّ المحافظة من الشمال والشمال الشرقي الجبيل ورأس تنورة ومن الجنوب والغرب مدينة الدمام، حيث تتوزع المرافق النفطية، غير أن أهالي المنطقة لا يستفيدون منها كما يجب، فالحرمان يلاحقهم اقتصادياً، عبر نسب الدخل المنخفضة،التي تمنع المواطنين من إمكانية امتلاك مسكن، بالمقابل، يشير مراقبون الى أن القطيف التي تعاني من أزمات افتصادية متلاحقة، تحوي ثروات طبيعية ونفطية كبيرة،وأضافوا أن المخططات التي تنفذها السلطة للنيل من القطيف تهدف إلى الاستيلاء على الثروات وحرمان الأهالي منها، عبر ترحيلهم قسراً خارج مناطقهم الغنية بالثروات.
مصدر محلي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أوضح لـ”مرآة الجزيرة”، أن السلطات السعودية لم تكتفِ يوماً بحرمان المنطقة من المخططات التنموية، بل سعت مرات عدة الى استقطاع مساحات هائلة من القطيف وعمدت إلى ضمها للمحافظات المجاورة، كالدمام والجبيل ورأس تنورة. هذه الخطوة اعتبرها مراقبون أنها تهدف و”بكل وضوح” الى تقليص الأراضي التي تحتاجها المحافظة للمخططات السكنية والمشاريع الخدمية الحديثة.
وفي السياق، أضاءت مصادر أهلية على عمليات استقطاع الأراضي والاستيلاء عليها، وتضمينها ليس فقط لمحافظات أخرى، بل منحها للأمراء وورثتهم، ومن بينها “أراض تقع شرقي بلدة عنك” في المخطط المعروف بالنايفية الذي كان بحراً فاستولى عليه نايف بن عبدالعزيز ودفنه وحوله إلى مخطط سكني وبعد أن اشتراه مستثمر من أهالي المنطقة تم انتزاعه منه وتخصيصه كمنح ملكية لأهالي بلدة عنك، دون تعويض المستتثمرين الذين خسروا مئات الملايين من الريالات، المصادر أشارت إلى القرار الذي أصدره وزير العدل وليد الصمعاني، وألغى بموجبه صك لاراضي تبلغ مساحتها 2.6 مليون متر مربع، شرقي بلدة عنك التابعة لمحافظة القطيف، وذلك بزعم أن الصك يخالف الأنظمة والتعليمات على الرغم من أنه صادر عن بلدية المنطقة، التابعة لوزارة الشؤون البلدية في أمانة “المنطقة الشرقية”، وفق ما كشفت مصادر مطلعة على مضامين القرار.
مراقبون أشاروا الى أن اجتياح السلطات السعودية لبلدة العوامية وما نفذته قواتها من هدم وتدمير يهدف الى استكمال خطط التهجير القسري للأهالي والاستيلاء على ممتلكاتهم، وإفراغ المناطق الشيعية بدوافع مذهبية طائفية، وهي السياست التي اتضحت مشاهدها وتفاصيلها من خلال يوميات الأحدث في العوامية على امتداد أكثر من مئة يوم، وفق ما أكد المراقبون.
بقلم : سناء ابراهيم
ارسال التعليق