النظام السعودي يبتز القاهرة مالياً
علَّق “صندوق الاستثمارات السعودي” خطة للاستحواذ على أحد الأصول المصرية التي يمتلكها البنك المركزي، الأمر الذي يُعمّق الأزمة الاقتصادية التي تُعاني منها القاهرة.
وكشفت وكالة رويترز عن أنَّ “السعودية” علَّقت خطة لصندوقها السيادي للاستحواذ على المصرف المتّحد المصري، بعد خلاف مع مصر بشأن تقييمه، والذي يقدر بملايين الدولارات، وهو ما يمثل حجر عثرة أمام جهود القاهرة للحصول على تمويلات خارجية لمساعدتها في أزمتها الاقتصادية.
ونقلت وكالة بلومبرج عن مصادر، لم تسمها، أن الخلاف بشأن بيع البنك المملوك للدولة، يتعلق بكيفية حساب قيمة البنك في ضوء انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار.
هذا وكان ما يسمى “صندوق الاستثمارات العامة” قد بدأ في العام الماضي مفاوضات لشراء البنك المصري كجزء من حزمة استثمارات قيمتها 10 مليارات دولار تعهد النظام السعودي بضخها في مصر.
وفي ذلك الوقت، قالت بلومبرج إن الصفقة قد تصل إلى 600 مليون دولار.
وقالت المصادر، إن “صندوق الاستثمارات العامة السعودي” يريد حساب قيمة المصرف المتحد وفقا لسعر الجنيه المصري أمام الدولار وقت إتمام الصفقة، في حين يفضل البنك المركزي المصري الحساب وفقا لسعر الصرف منذ بداية التفاوض بشأن الصفقة.
هذا وخفضت مصر قيمة الجنيه 3 مرات خلال حوالي عام ليصبح ثالث أسوأ عملة من حيث الأداء على مستوى العالم خلال 12 شهرا. وتأسس المصرف المتحد عام 2006 ويمتلك 65 فرعا في مختلف أنحاء مصر وأكثر من 200 ماكينة صراف آلي بحسب موقعه الإلكتروني.
وذهبت الحكومة المصرية في الأشهر الأخيرة إلى بيع أصول وشركات أو حصص منها لدول خليجية في ظل العجز الاقتصادي وأزمة النقد الأجنبي، وسط رفض واستياء شعبي. وثمة مخاوف من أن دولا عربية قد تستغل حاليا الأحوال الاقتصادية المتردية في مصر للاستحواذ على الممتلكات العامة بأسعار أدنى بكثير من قيمتها السوقية، وأن إيرادات البيع ستستخدم لسداد الديون المتراكمة على البلد.
النظام السعودي يبتز مصر:
ويأتي القرار عقب هجمة إعلامية بين الطرفَين شهدتها الاسابيع الماضية، على خلفية ابتزاز سعودي للنظام المصري لتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، بالتزامن مع حملة انتقادات ممنهجَة ضد الجيش ونظام الحُكم من بوابة تدخله في السياسة، وسيطرته، عبر أذرعه، على غالبية الاستثمارات في البلاد، ما جعل جميع الأموال المحوَّلة إلى الاستثمار تمرّ على الأرجح عبْره.
يذكر أنه مع إحكام محمد بن سلمان قبْضته على مختلف جوانب الحُكم، تغيّرت ديناميات علاقات النظام السعودي مع مصر، ليس فقط لأن الحاكم المستقبلي في الرياض لديه رؤية يرغب في تنفيذها سريعاً ومن دون اعتراضات، ولكن أيضاً لأن مَن هم على رأس السلطة المصرية عارضوا، في جلسات مغلَقة، توجّهات عديدة افتتحها ابن سلمان في السنوات الماضية، ولعلّ مِن أبرزها انخراطه في حرب اليمن من دون جدوى.
وحتى أشهر قليلة، لم يكن للعلاقات الفاترة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وابن سلمان، أيّ أثر على تواصُل مسؤولي البلدَين، غير أن الأمور اتّخذت منعطفاً حادّاً في نهاية ديسمبر/كانون الأوّل الماضي، في ظلّ تكرار السيسي، في أحاديثه الخاصّة مع الزعماء العرب، حديثه عن أن هناك ضرورة للتروّي قبل الإقدام على أيّ خطوة، وطلبه عدم الاندفاع في قرارات يَصعب العدول عنها، وتُكلّف المنطقة مزيداً من الأزمات، في إشارة منه إلى تورُّط النظام السعودي في المستنقع اليمني.
وعلى هذه الخلفية، رفَض ابن سلمان، خلال الأسابيع الماضية، على رغم الدعوات المتكرّرة، أيّ تواصل مع السيسي، حتى عبر “الفيديو كونفرنس” بمشاركة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، وسلطان عُمان هيثم بن طارق، فيما يُحكى عن أن هناك جهوداً لترتيب قمّة تجمع الزعيمَين على أرض محايدة، من أجل تسوية الخلافات بينهما.
وعلى رغم تلميحات السيسي حول الخلاف المصري – السعودي، وتشديده توازياً على متانة العلاقات الثنائية وقوّتها، إلّا أن هذه التصريحات لم تأتِ إلّا لتعبّر عن ذروة الخلاف الذي باتت محاولات ابن زايد لحلّه واضحة، فيما تتزايد الضغوط السعودية اقتصاديّاً وسياسياً على «المحروسة».
ولم تكن إشارة الرئيس المصري، أخيراً، إلى “حُسن العلاقات” بين مصر والدول العربية، سوى جزء من محاولاته التودُّد إلى الأمير السعودي، الذي تُكال إليه الشتائم يوميّاً في الدائرة المحيطة بالسيسي، وهو الأمر الذي عَلِم به “السعوديون” وأثار غضبهم.
خصخصة 32 شركة خلال عام وفي وقت سابق، أعلن مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، طرح 32 شركة مملوكة للدولة في البورصة المصرية أو لمستثمر استراتيجي على مدار عام كامل وتشمل 18 قطاعاً ونشاطاً اقتصادياً.
وقال مدبولي، خلال مؤتمر صحافي بمجلس الوزراء، إنّ الحكومة “بدأت تنفيذ ما ورد في وثيقة سياسة ملكية الدولة والخاص بالطروحات”، مشيراً إلى أنّ “المستثمر سيكون دوره زيادة رأس المال أو الاستحواذ على حصة من الشركة بهدف التطوير وتعظيم أصول الدولة، أو إجراء طرح عام لأسهم هذه الشركات في البورصة بهدف توسيع مشاركة المواطنين للملكية العامة وهو في إطار الوثيقة”.
وأضاف أنّ الطرح يضم 3 بنوك هي: “بنك القاهرة” و”المصرف المتحد” و”البنك العربي الأفريقي الدولي”، بالتنسيق الكامل مع البنك المركزي، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الشركات تطرح للمرة الأولى في البورصة أو لمستثمر استراتيجي وتشمل قطاعات مختلفة وتضم شركتين تابعتين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة وهما: “وطنية” و”صافي”، وتشمل كل القطاعات المختلفة سواء بتخارج الدولة منهم أو بتقليص الدولة من وجودها فيها. وشدّد على ضرورة أن تكون عملية الطرح بنسبة 25% على الأقل من هذه الشركات ينتهي خلال 6 أشهر ويتم إعداد ذلك مع بنوك الاستثمار والجهات المتخصصة من أجل استهداف الانتهاء منها بالكامل، مؤكداً أن الحكومة تعد سيناريوهات مختلفة للاقتصاد المصري بالاستعانة بخبراء مصريين المتخصصين خارج إطار الحكومة لعامين مقبلين في ظل امتداد تداعيات الأزمة الروسية – الأوكرانية.
وأشار رئيس الوزراء المصري إلى أنّ “لإجراءات الخاصة بطرح أي شركة للمرة الأولى تكون لها خطوات وتوقيتات زمنية معروفة لكل المتخصصين والخبراء بعضها يحتاج إلى بضعة أشهر والآخر إلى عام”، مؤكداً أنّ هناك 32 شركة سيتم طرحها للمرة الأولى في الفترة المقبلة خلال هذا العام.
ولفت إلى أنه من المرجح “إضافة شركات وقطاعات وكيانات أخرى خلال المدى الزمني نفسه طبقاً للانتهاء من إعداد الشركات الأخرى، ونحن كدولة سنطرحهم للمرة الأولى منهم قطاعات، على غرار التأمين والكهرباء والطاقة والبترول والنقل وتداول الحاويات وهي قطاعات متنوعة ستطرحها الدولة في توقيتات المدى الزمني”.
ارسال التعليق