النظام السعودي يدعم خيار الفوضى في باكستان على عودة عمران خان
تتوالى التطورات على الساحة الباكستانية منذ أن سحبت الثقة عن حكومة عمران خان. وفي آخر تمظهراتها إقدام الشرطة الباكستانية على توجيه تهم الإرهاب لرئيس الوزراء السابق عمران خان الذي يقود مظاهرات شعبية تطالب بتنظيم انتخابات مبكرة، فيما تجمع أنصاره أمام منزله تحسبا لاعتقاله.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس أن تهم الإرهاب الموجهة لعمران خان تتعلق بخطاب ألقاه السبت في العاصمة إسلام آباد حيث تعهد بمقاضاة ضباط من الشرطة وقاضية، متهما السلطات بتعذيب أحد مساعديه المقربين أثناء الاعتقال.
وقد انتقد عمران خان سياسات الحكومة الحالية، معتبرا أنها تخدم مصالح أعضائها ومقربيهم وليس مصالح الشعب. وقد تجمع عدد من مؤيدي رئيس الحكومة الباكستانية المُقال عمران خان أمام منزله في إسلام آباد، بعد تردد أنباء عن عزم الشرطه اعتقاله.
ونشر حزب حركة الإنصاف الذي يقوده خان مقاطع مصورة على منصات الإنترنت تظهر تجمع مؤيدين له حول منزله لمنع الشرطة من الوصول إليه.
وحذر الحزب من أنه سينظم مسيرات في جميع أنحاء البلاد إذا تم القبض على خان.
ويأتي هذا بعد يوم من إصدار قرار يحظر على القنوات التلفزيونية بث خطابات مباشرة لرئيس الوزراء السابق عمران خان. وصدر الحظر -الذي دخل حيز التنفيذ فورا- ليل السبت، وهو اليوم نفسه الذي أقام فيه خان تجمعا في العاصمة انتقد فيه مسؤولي الشرطة والقضاء على خلفية اعتقال أحد قادة حزبه. وقالت هيئة تنظيم الإعلام الإلكتروني في باكستان (بيمرا) في مذكرة إلى القنوات التلفزيونية، إن خان "يوجه اتهامات لا أساس لها وينشر خطاب كراهية"، وأضافت أن "تصريحاته الاستفزازية ضد مؤسسات وضباط الدولة ستُحدث اضطرابات -على الأرجح- للسلم والهدوء العام".
من جهته، اتهم رئيس وزراء باكستان السابق الحكومة بحجب موقع يوتيوب لفترة وجيزة في البلاد لمنع الباكستانيين من الاستماع مباشرة إلى كلمة ألقاها أمام تجمع سياسي مساء أمس الأحد.
وقال على تويتر إن "الحكومة المستوردة حجبت يوتيوب في منتصف خطابي".
يشار إلى أن خان أقيل من منصب رئيس الوزراء في أبريل/نيسان الماضي بعدما خسر تصويتا في البرلمان على حجب الثقة إثر أزمة سياسية استمرت أسابيع.
ومنذ إطاحته من السلطة، ينظم نجم الكريكت السابق وأنصاره مظاهرات شعبية مناهضة للحكومة تطالب بتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، ويقولون إن الولايات المتحدة تآمرت للإطاحة بحكومة خان ردا على اتخاذه مواقف لا ترضى عنها الحكومات الغربية، مثل موقفه المحايد من الحرب الأوكرانية والانحياز إلى القضايا الإسلامية.
ووصل خان إلى السلطة عام 2018 بفضل ناخبين ضاقوا ذرعا بالسياسات العائلية لأكبر حزبين في البلاد، إذ تعهد نجم الرياضة السابق بالقضاء على عقود من الفساد والمحسوبية.
وما زال خان يحظى بشعبية واسعة في أوساط الشباب، وتجذب خطاباته نسب مشاهدة تُعد الأعلى على القنوات التلفزيونية، كما تتم مشاركة أبرز الكلمات الواردة فيها بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأعقب تجمع ليل السبت الاحتجاجي توقيف قيادي بارز في حزب خان "حركة إنصاف"، اتهمته السلطات بالإدلاء بتصريحات ضد الجيش على قناة تلفزيونية تم لاحقا تعليق بثها.
ويُعد انتقاد المؤسسة العسكرية -التي حكمت باكستان على مدى نصف تاريخها البالغ 75 عاما تقريبا- خطا أحمر.
وندد المسؤول الرفيع في "حركة إنصاف" أسد عمر بخطوة الهيئة الناظمة لوسائل الإعلام بحظر خطابات خان، قائلا لوكالة الصحافة الفرنسية إن "حظر بث خطابات عمران خان محاولة أخرى لإيجاد حل إداري لمشكلة سياسية"، وأضاف أن حزبه سيقدم طعنا ضد القرار أمام المحكمة.
يشير تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن خطاب خان أصبح مناهضا للولايات المتحدة منذ وصوله إلى السلطة في عام 2018، كما أعرب عن رغبته في التقارب مع الصين، ثم عقد مؤخرا محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 24 فبراير/شباط الماضي عشية بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. وفيما يبدو أنه إشارة لاستياء الولايات المتحدة من بعض مواقف خان وتصريحاته، يلفت التقرير الذي نشرته الصحيفة إلى أنه بالرغم من أن الجيش الباكستاني القوي يحكم قبضته على السياسة الخارجية وعلى الدفاع، فإن خطاب خان العام الذي يتسم أحيانا بالحدة أثر سلبا على بعض العلاقات الرئيسية لباكستان.
في السياق منفسه، يمكن الحديث عن حالة من الاستياء شابت العلاقات بين خان ومحمد ابن سلمان. والتي دشنها خان في العام 2015 حيث رفضت اكستان إرسال قواتها للمشاركة في العدوان على اليمن بعد أن أصدر البرلمان الباكستاني بالإجماع قرارا يدعو إلى حياد حكومته في حرب اليمن، وقد كانت النتيجة أن شنَّ “السعوديون” والإماراتيون حملات انتقامية قاسية ضد باكستان. غير أنه، ومع العام التالي، تم تعيين، رحيل شريف، قائدًا عامًّا للتحالف العسكري الإسلامي، وهي الخطوة التي تسببت في الكثير من الجدال، وفُسرت على أنها اتُّخذت من أجل استرضاء “دول الخليج”. ثم في أعقاب الأزمة القطرية-الخليجية في يونيو/حزيران 2017، وعلى الرغم من الضغوط الممارسة عليها، لم تُساوم باكستان في علاقتها مع قطر. ففي سبتمبر/أيلول من عام 2017، أطلقت مجموعة بحرية، مقرها قطر، خدمة تسيير سفن/حاويات سريعة بين ميناء قاسم (في باكستان) وميناء حمد (في قطر).
أما الشوكة الأخرى التي زادت من توتر العلاقات بين الرياض وإسلام وأباد فتمثلت في حالة التعاون المتزايدة بين باكستان وتركيا؛ حيث شهد التعاون البحري بين البلدين زخمًا متزايدًا، وأبدى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حرصه على مشاركة بلاده في مشاريع إقامة الممر الاقتصادي الصيني. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أدانت تركيا، الأعمال العسكرية الهندية في كشمير؛ الأمر الذي أدى إلى ازدياد مشاعر الرضا العارمة تجاه تركيا من قبل الباكستانيين.
يتضح إذا أن "للسعودية" مصلحة كبيرة في إخفات وهج عمران خان في باكستان وتقديم كل المتطلبات اللازمة لإعلاء الصوت الموالي لمصالحها، سيما تلك التي تدعم مواجهتها مع إيران، وما يجمع طهران وكابل من حدود جغرافية ومصالح إقتصادية وهم أفغاني.
ارسال التعليق