من الإعلام
ايها الوزراء : قبل أن تهرولوا نحو الخصخصة
يبدو مصطلح «الخصخصة» براقا وصاحب سحر خاص. صدق السادة أصحاب المعالي أن الخصخصة هي أن تدفع الأقل لتحصل في المقابل على الخدمة الأفضل، ولهذا ينتابني هاجس الخوف وأنا أشاهدهم في هذا الماراثون سباقا أيهم صاحب المبادرة لتحويل وزارته أو قطاعه إلى تحت عباءة هذا المصطلح.
خذ مثلا أن وزارة التعليم قالت إنها تنوي تحويل الجامعات إلى مؤسسات «غير ربحية» في الطريق لأن تمول هذه الجامعات مصاريفها المختلفة. على ماذا؟ على القيمة البحثية جراء بيع أبحاث أعضاء هيئة التدريس، وكأن معالي الوزير لا يعلم أن محتوى «وشحم» هذه الأبحاث لا يشبه إلا «حطب شاقية» في موروثنا الشعبي حين جلبته لسوق المدينة على ظهر حمارين وحين تعارك الحماران على مدخل السوق بعنف وجدت «شاقية» كل حطبها وقد تحول رمادا وغبارا. قشاش شاقية تحت أرجل الحمارين. أخشى مع هذا التسارع نحو بالون الخصخصة أن يظهر لنا معالي وزير التنمية الاجتماعية لتحويل الأيتام إلى مناقصة شركة أو وزير العدل لتحويل القضاء إلى عكس واقعه: مؤسسة غير ربحية.
سأكتفي اليوم بالتركيز على موضوع خصخصة قطاع الصحة بوصفه آخر المطروح على الطاولة. أكتب خواطري بوصفي قادما من عائلة طبية زودوني بهذه الآراء والشوارد وإلا، فأنا مثل معالي الوزير، لا يربط كلانا طرف خيط بالطب. أولا: وفي غمرة الزحام يجب ألا تكون أميركا هي الأنموذج والمثال في كل شيء. أميركا لديها أسوأ نظام صحي عند المقارنة مع جوارها في دول الغرب. نظامها الصحي الخاص ما زال محل نقاشها منذ خمسين سنة، وهذا النظام يطيح بنواب ورؤساء ويأتي بآخرين. أميركا هي الوحيدة في محور الكرة الأرضية الغربي التي تتبع نظاما صحيا للقطاع الخاص، بينما جارتها كندا ومعها كل دول غرب أوروبا وأسكندنافيا أبقت كلها على رعاية الدولة للصحة.
ثانيا: النظام الصحي الخاص يحتاج إلى ثقافة «تأمين» تحمل إرثا عريقا وتاريخا طويلا لا نملك منه اليوم ولو مجرد باع بحجم ذراعي القصير. سوق التأمين لدينا «حارة كل من إيده له»، ونحن معه نفحط لأشهر من أجل تعويض «رفرف» سيارة في حادث سير، فمن سيضمن لعشرات آلاف الحالات الصحية الطارئة سلاسة التأمين؟ من سيدفع لعمليات مثل زراعة الكبد، ومن سيضمن أن يحصل كبار السن على حقوقهم الباهظة التكلفة؟
ثالثا: تحتاج تقابلية «العلاج الخاص/ التأمين» إلى نظام قضائي سريع جدا ونافذ القرار الفوري، وفعال في مواجهة آلاف الشكاوى الساخنة التي ستظهر ما بين المريض وشركات التأمين. نحن ننتظر اليوم أمام أجهزتنا القضائية لسنوات من أجل حضانة طفل ومثلها في الخلاف على بضعة أمتار ما بين أرضين. كيف سيكون الحال إذا ما كان المريض على السرير وينتظر غدا عملية جوهرية والشركة ترفض الدفع انتظارا لقرار محكمة قد تستأنف عليه.
خذ مثلا أن وزارة التعليم قالت إنها تنوي تحويل الجامعات إلى مؤسسات «غير ربحية» في الطريق لأن تمول هذه الجامعات مصاريفها المختلفة. على ماذا؟ على القيمة البحثية جراء بيع أبحاث أعضاء هيئة التدريس، وكأن معالي الوزير لا يعلم أن محتوى «وشحم» هذه الأبحاث لا يشبه إلا «حطب شاقية» في موروثنا الشعبي حين جلبته لسوق المدينة على ظهر حمارين وحين تعارك الحماران على مدخل السوق بعنف وجدت «شاقية» كل حطبها وقد تحول رمادا وغبارا. قشاش شاقية تحت أرجل الحمارين. أخشى مع هذا التسارع نحو بالون الخصخصة أن يظهر لنا معالي وزير التنمية الاجتماعية لتحويل الأيتام إلى مناقصة شركة أو وزير العدل لتحويل القضاء إلى عكس واقعه: مؤسسة غير ربحية.
سأكتفي اليوم بالتركيز على موضوع خصخصة قطاع الصحة بوصفه آخر المطروح على الطاولة. أكتب خواطري بوصفي قادما من عائلة طبية زودوني بهذه الآراء والشوارد وإلا، فأنا مثل معالي الوزير، لا يربط كلانا طرف خيط بالطب. أولا: وفي غمرة الزحام يجب ألا تكون أميركا هي الأنموذج والمثال في كل شيء. أميركا لديها أسوأ نظام صحي عند المقارنة مع جوارها في دول الغرب. نظامها الصحي الخاص ما زال محل نقاشها منذ خمسين سنة، وهذا النظام يطيح بنواب ورؤساء ويأتي بآخرين. أميركا هي الوحيدة في محور الكرة الأرضية الغربي التي تتبع نظاما صحيا للقطاع الخاص، بينما جارتها كندا ومعها كل دول غرب أوروبا وأسكندنافيا أبقت كلها على رعاية الدولة للصحة.
ثانيا: النظام الصحي الخاص يحتاج إلى ثقافة «تأمين» تحمل إرثا عريقا وتاريخا طويلا لا نملك منه اليوم ولو مجرد باع بحجم ذراعي القصير. سوق التأمين لدينا «حارة كل من إيده له»، ونحن معه نفحط لأشهر من أجل تعويض «رفرف» سيارة في حادث سير، فمن سيضمن لعشرات آلاف الحالات الصحية الطارئة سلاسة التأمين؟ من سيدفع لعمليات مثل زراعة الكبد، ومن سيضمن أن يحصل كبار السن على حقوقهم الباهظة التكلفة؟
ثالثا: تحتاج تقابلية «العلاج الخاص/ التأمين» إلى نظام قضائي سريع جدا ونافذ القرار الفوري، وفعال في مواجهة آلاف الشكاوى الساخنة التي ستظهر ما بين المريض وشركات التأمين. نحن ننتظر اليوم أمام أجهزتنا القضائية لسنوات من أجل حضانة طفل ومثلها في الخلاف على بضعة أمتار ما بين أرضين. كيف سيكون الحال إذا ما كان المريض على السرير وينتظر غدا عملية جوهرية والشركة ترفض الدفع انتظارا لقرار محكمة قد تستأنف عليه.
ارسال التعليق