بسبب المُغامرات غير المأمونة تحقيق رؤية 2030 يحتاج لعقود
نشر موقع الكونجرس الأمريكي “ذا هيل” مقالاً للخبير في شؤون الخليج والطاقة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سايمون هندرسون، يقول فيه إن رؤية محمد بن سلمان 2030 تبدو في المظهر جيدة لكن هناك محاذير. ويُشير هندرسون إلى الخطة الطموحة لتحويل السعودية واقتصادها من عصر النفط إلى عصر التنوع، التي أعلن عنها محمد بن سلمان قبل ثلاثة أعوام، قائلاً: “لو سألت عن مسار الخطة، فإن الجواب يعتمد أولاً على من تسأله”. ويعلّق الكاتب على مجموعة من الأخبار “الجيدة” للسعودية، التي وردت في الصحيفة الاقتصادية “فايننشال تايمز”، التي أوردت أن مديري شركات، مثل شركة إدارة الأرصدة “بلاك روك” وبنك “أتش أس بي سي”، أعلنوا عن صناديق استثمارية مُلتزمة بالاستثمار في السعودية. ويرى هندرسون أن تحرّكات كهذه تؤشر إلى أن السعودية هي مكان جيد لصناعة المال، وأن الحذر الذي ساد القطاع المالي منذ الجريمة البشعة لمقتل الصحافي جمال خاشقجي، ليس عقبة في التعاون المالي والتجاري مع الرياض، مشيراً إلى عملية الإعدام الجماعية التي قامت بها السعودية الشهر الماضي لـ37 شخصاً.
ويلفت الكاتب إلى أن البعض اعتبر الإعدام وتوقيته بأنهما عملية علاقات عامة سخيفة وعلى قاعدة واسعة، فقد تزامنت الإعدامات مع مؤتمر للمستثمرين الدوليين في الرياض، (خاصة أن الإعدامات حصلت بعد نهاية أعياد الفصح عند المسيحيين، وتم صلب أحد الموتى، الذي يعني في المفاهيم السعودية عرض جسده ورأسه أمام العامة). ويعود هندرسون للحديث عن التفاؤل الحاصل بشأن السعودية والاستثمار، على الأقل من الناحية الرقمية، بناءً على تصريحات نقلتها وكالة أنباء “رويترز” الشهر الماضي، عن مدير منطقة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، الذي توقّع مُعدلات نمو من نوع ما في عام 2019؛ لأن القطاع غير النفطي في السعودية يتوسّع، و”في ضوء زيادة سعر برميل النفط من فئة (برنت خام) عن 70 دولاراً، فإن هذا يعطي نوعاً من الرضا للسعودية”.
ويستدرك الكاتب بأن “رؤية 2030 هي خطة طويلة الأمد، وتقوم على تخفيض دور النفط في الاقتصاد السعودي، وبعد ثلاث سنوات فإن السعودية تحتاج إلى وقت أطول لتحقيق التغيّرات التي تريدها، وسيظل النفط مركز ازدهارها ولعقود مقبلة”.
ويقول هندرسون: إن “موقع النفط تم تأكيده في الاقتصاد السعودي، وبالتأكيد زاد موقعه، فقد اشترت شركة النفط (أرامكو) شركة البتروكيماويات (سابك) بـ 69 مليار دولار، وجمعت 12 مليار دولار من سوق السندات لتدفع فاتورة الشراء، وهذا ما يشير إلى أن المملكة مع غيرها من شركات النفط تعتقد أن الطلب على النفط سيزيد في العقود المقبلة”. ويجد الكاتب أن “تراجع الطلب عن النفط في العالم الأول/ المتقدّم نابع من مظاهر القلق البيئية، وفي المقابل هناك زيادة نسبية على النفط في دول العالم الثالث، التي سيمتلك أصحاب البيوت فيها سيارتهم لأول مرة”. ويعتقد هندرسون أن نجاح أو فشل رؤية 2030 سيكون في النهاية مسؤولية ولي العهد السعودي، الذي يريد إحداث تحوّلات في السعودية، مُشيراً إلى مقال كتبه في الذكرى الأولى لإطلاق الرؤية، وتحدّث فيه عن أربعة معوقات للتقدم: سعر النفط المُنخفض، وكلفة الحرب في اليمن، ومُعارضة المؤسسة الدينية المحتملة، وفيما إن كان ابن ولي العهد السابق يؤيد هذه الخطة. ويقول الكاتب: “تبدو طريقة أداء ولي العهد جيدة: فارتفع سعر النفط، وتم تهميش رجال الدين، وأطيح بولي العهد السابق، ولم يبق من هذه المعوقات إلا حرب اليمن، التي تظل مثاراً للإرباك، وفي 3 مايو أفرج عن بعض الناشطات اللاتي اعتقلن بكفالة، لكن تحديات جديدة برزت، مثل زيادة التوتر مع إيران، فيما بدأت السعودية خلال الأسابيع الماضية بدعم مغامرات أجنبية جديدة في السودان وليبيا”.
ويفيد هندرسون بأن “الأسئلة لا تزال قائمة حول علاقة واشنطن بالرياض، التي ازدهرت حتى وقت سابق بسبب العلاقة الوثيقة بين محمد بن سلمان والمستشار في البيت الأبيض جارد كوشنر، إلا أن الرئيس دونالد ترامب كتب تغريدة بسبب زيادة أسعار النفط، انتقد فيها الملك سلمان بطريقة ساخرة، التي ربما فرحت بها شركات النفط في تكساس، ولم ترض عنها الصحراء. ويختم الكاتب مقاله بالقول: “بالتأكيد يحدث التغيير في المملكة، لكنه لم يكن سهلاً، ولا يبدو أنه سيكون كذلك في المستقبل”.
ارسال التعليق