بعد الحامد.. هؤلاء مهددون بالموت في سجون آل سعود
التغيير
لم تكن وفاة المفكر السعودي المعروف "عبدالله الحامد" قبل أيام، في سجون آل سعود، هي الأولى من نوعها، فقد سبقه إلى المصير ذاته، الداعية الإسلامي "صالح الضميري"، والشيخ "أحمد العماري"، وآخرون.
ومن غير المرجح أن تكون وفاة "الحامد" هي الأخيرة لمعتقل في سجون آل سعود، لا سيما مع استمرار ظروف الاعتقال غير الآدمية لعشرات الدعاة والمفكرين والأكاديميين في المملكة، ممن يتهددهم خطر الإهمال الطبي والموت.
ولم تفلح مناشدات المنظمات الحقوقية الدولية في إطلاق سراح هؤلاء، أو تحسين ظروف اعتقالهم، وسط اتهامات لمحمد بن سلمان، باستهداف معارضيه، والتخلص ممن يخالفه الرأي، منذ توليه منصبه، يوليو/تموز 2017.
حسن بن فرحان المالكي
يعد الشيخ حسن بن فرحان المالكي أبرز المهددين بالقتل من المعتقلين الذين يقبعون خلف قضبان سجون ابن سلمان.
وكانت سلطات آل سعود اعتقلت المالكي في أيلول/سبتمبر 2017، واحتجزته من دون توجيه تهم إليه، حتى تشرين الأول/أكتوبر 2018 عندما وجهت إليه 14 تهمة طالبت فيها بإعدامه "جميعها تقريباً لا تشبه الجرائم المتعارف عليها. تتعلق أول تهمتين بتعبيره السلمي عن آرائه الدينية حول صحة أجزاء من الحديث النبوي وانتقاداته بعض الشخصيات الإسلامية من القرن السابع. تشمل التهم الأخرى سب ولاة أمر هذه البلاد، وهيئة كبار العلماء ووصفهم بالتطرف، واتهام دول الخليج بدعم تنظيم داعش".
وبحسب البيان، اتهم المالكي بالإشادة بزعيم "حزب الله" حسن نصر الله، وتعاطفه مع جماعة أنصار الله في اليمن، والتعبير عن آرائه الدينية في المقابلات التلفزيونية، وحضور مجموعات النقاش في مملكة آل سعود، وتأليف كتب وأبحاث ونشرها خارج المملكة، وحيازة كتب محظورة، وتشويه سمعة رجل كويتي من خلال اتهامه عبر "تويتر" بدعم "داعش"، وانتهاك قانون الجرائم الإلكترونية السعودي السيئ الصيت.
سلمان العودة
يتعرض الداعية "سلمان العودة" للتعذيب والعزل الانفرادي والحرمان من الرعاية الطبية منذ اعتقاله منذ سبتمبر/أيلول 2017، بسبب تغريدة دعا الله فيها أن "يؤلف القلوب" بعد نبأ حول اتصال هاتفي بين "ابن سلمان" وأمير دولة قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني".
وتطالب المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، بإعدام "العودة" (64 عاما)، بينما تجرى محاكمته في جلسات سرية، لا تحضرها وسائل الإعلام، أو المنظمات الدولية.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشف نجله "عبدالله العودة"، عن تعرض والده للتعذيب، وحرمانه من العلاج وحتى حقه في النوم، مضيفا عبر مقطع فيديو: "يتم تقييد يدي الشيخ وقدميه ويُلقى داخل زنزانة العزل الانفرادي مغمض العينين، ثم يُرمى له الطعام في أكياس صغيرة وهو ما زال مقيدا، فيضطر لفتحها بفمه حتى تجرحت أسنانه في فترة من الفترات".
سفر الحوالي
أما الشيخ "سفر الحوالي" المعتقل منذ يوليو/تموز 2018، فهو في حالة صحية سيئة، جراء تعرضه لكسر في الحوض وجلطة دماغية سابقة.
واعتقل "الحوالي" (68 عاما) بعد نشره كتابا قدم فيه نصائح للعائلة المالكة، أكد خلاله أفول القوة الأمريكية، وأن المستقبل للإسلام، وأن السياسة الحكيمة تقتضي الوقوف مع القوة الصاعدة التي لها مستقبل، وليس القوة الآخذة في الأفول.
ولم يتوقف التنكيل به عند حدود ذلك، بل طالت الاعتقالات أبناءه "عبدالرحيم" و"عبدالله" و"عبدالرحمن"، وجرى منعه من الخروج لتلقي العزاء في والدة زوجته، يونيو/حزيران 2019.
وعلى الرغم من تلقي الرئيس السابق لقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة أم القرى، عرضا من سلطات آل سعود لإطلاق سراحه، وذلك مقابل تقديم اعتذار والتراجع عن أفكاره وتصريحاته، فإن "الحوالي" رفض التخلي عن موقفه.
عوض القرني
ويعاني الداعية "عوض القرني" الذي يوشك أن يكمل عامه الثالث خلف القضبان، تدهورا شديدا في حالته الصحية، لا سيما عقب مطالبة النيابة العامة بإعدامه.
ووفق إفادات حقوقية، شوهد "القرني" يحضر جلسات محاكمته على كرسي متحرك، في إشارة إلى استمرار تدهور وضعه الصحي داخل السجن، بعد إعطائه عمدا جرعات خاطئة من الدواء، وفق حساب "معتقلي الرأي"، المعني بأخبار المعتقلين في المملكة.
وتوجه سلطات آل سعود لـ"القرني"، (63 عاما)، اتهامات بـ"التعاطف مع قطر ومناصرة جماعة الإخوان المسلمين، والانتماء لمنظمة محظورة (رابطة العلماء المسلمين)، إضافة إلى عدم الدعاء لولي الأمر، والسعي للإفساد في الأرض".
عبدالعزيز الطريفي
ويقبع الداعية "عبدالعزيز الطريفي" في سجن الحائر منذ أبريل/نيسان 2016، بسبب تغريدة انتقد خلالها الانصياع للإرادة الأمريكية، وندد بزيارة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" للمملكة.
وقال "الطريفي" وقتها: "يظن بعض الحكام بأنّ تنازله عن بعض دينه إرضاء للكافر سيوقف ضغوطهم، وكلما زاد درجة دفعوه أخرى، الثبات واحد والضغط واحد، فغايتهم (حتى تتبع ملّتهم)".
ويعاني "الطريفي" (44 عاما) تدهورا صحيا حادا، وجرى نقله إلى المشفى أكثر من مرة، فضلا عن قطع الاتصالات والزيارات عنه، والتكتم على طبيعة حالته الصحية.
موسى القرني
وتسببت ظروف الاعتقال غير الإنسانية، في ضرر كبير لمدرس أصول الفقه ومدير الجامعة الإسلامية للعلوم والتقنية السابق "موسى القرني"، ما تسبب في تعرضه لجلطة دماغية وإلحاقه بمستشفى الأمراض العقلية.
وتعرض "القرني" لظروف سجن قاسية، جرى خلالها إجباره على الوقوف المتواصل لساعات طويلة على قدم واحدة، والعزل انفراديا في زنزانة ضيقة، والتعذيب بالعصي الكهربائية، وفق تقارير حقوقية.
ويقضي الأكاديمي السعودي المعروف (66 عاما)، المحال إلى التقاعد بقرارٍ ملكي، حكما بالسجن لمدة 20 عاما، والمنع من السفر لمدة 20 سنة أخرى بعد إطلاق سراحه.
وتوجه السلطات لـ "القرني" المعتقل منذ عام 2011، تهمة "الخروج على ولي الأمر، ونزع يد الطاعة من خلال الاشتراك بتأسيس تنظيم سري يهدف إلى إشاعة الفوضى والوصول إلى السلطة".
سعود العبيد القحطاني
أما عميد المعتقلين السياسيين "سعود العبيد القحطاني"، المعتقل منذ العام 1991، فقد تعرض للتعذيب، على خلفية اتهامه بتوزيع منشورات ضد حكومة آل سعود.
وعلى الرغم من انتهاء محكومية "القحطاني" المحبوس بسجن الطرفية بمحافظة بريدة، في عام 2009، فإنه لم ير النور إلى الآن.
ويعاني "القحطاني" (65 عاما)، مشاكل في القلب، وسوء التغذية، ما يجعل حياته مهدد في ظل استمرار اعتقاله بشكل تعسفي.
محمد صالح المنجد
يحاكم الشيخ "محمد بن صالح المنجد" (سوري الأصل)، على ذمة عدة تهم، منها، تأييده جماعة "أنصار الله"، وجماعة "الإخوان المسلمون"، والتحريض على القتال في سوريا.
ويحضر "المنجد" المولود عام 1961 في الرياض، جلسات محاكمته على كرسي متحرك، في إشارة إلى تدهور وضعه الصحي منذ اعتقاله في 25 سبتمبر/أيلول 2017.
لجين الهذلول
لا يقتصر القمع والتنكيل في سجون آل سعود على رجال الدين فقط ولكن يمس الناشطات من النساء، وفي مقدمتهن "لجين الهذلول" التي يبدو أن تتعرض لجرعات خاصة من التنكيل والقمع.
وجرى اعتقال "الهذلول" في 15 مايو/أيار 2018، ضمن حملة استهدفت عدد من الناشطات السعوديات وتعرضت لتعذيب شديد إلى درجة أن "سعود القحطاني"، مستشار "محمد بن سلمان"، هددها بالاغتصاب والقتل.
إضافة إلى هؤلاء، هناك الكثيرون ممن يتهددهم خطر الموت في سجون آل سعود، ومنهم الأكاديمي السعودي "سعود مختار الهاشمي"، والمعتقل "وليد السناني"، والمعتقلة "عايدة الغامدي"، والدة الناشط السعودي المعارض المقيم في بريطانيا "عبدالله الغامدي"، وآخرون.
ولا شك أن وفاة "الحامد" بلجلطة دماغية، بعد تركه لساعات مغشيا عليه في زنزانته، ستسلط الضوء على حجم الانتهاكات التي ترتكب داخل سجون المملكة، وسياسة الموت البطيء التي ينتهجها النظام بحق معارضيه.
وتتكتم سلطات آل سعود على حالات الوفاة في المعتقلات، كما أنها لا تفصح عن أعداد سجناء الرأي ودعاة حقوق الإنسان لديها، وترفض السماح للمنظمات الحقوقية بزيارة المعتقلين والاطلاع على أوضاعهم، بحسب "منظمة العفو الدولية".
ومن المؤكد أن وفاة "الحامد" بهذه الطريقة، ستفتح ملفات آخرين ينتظرون الموت عبر التعذيب، أو الإهمال الطبي، وهو الأمر الذي يزيد الضغوط على "بن سلمان" الذي تتسع قائمة ضحاياه يوما بعد الآخر.
ارسال التعليق