بعدما دمر وهجر..النظام السعودي يبدأ تطوير الواجهة البحرية
بعد ردم 64 حيّاً تاريخياً في المدينة القديمة لجدة، وتهجير سكانها انطلقت أعمال “مشروع تطوير الواجهة البحرية” للمدينة في مرحلته الأولى بحسب ما أعلنه النظام السعودي.
زعم النظام أن الهدف من المشروع يقوم على “استثمار التاريخِ والعناصرِ الثقافية في المنطقة، إضافةً إلى تطويرِ مجالها المعيشي لتكون مركزاً جاذباً للأعمال وبيئة حاضنة للمشاريعِ الثقافية”.
وكانت الأعمال في المشروع قد انطلقت من إعادة حفرِ منطقة البحر التي تعرَّضت للردم في العقودِ الماضية، في صورة قال مواطنون إنَّها تعكس استهداف المنطقة وتهجير السكانِ الأصليين تحت مزاعم التطويرِ ومشاريعِ محمد بن سلمان.
كشف محمد بن سلمان في 17 ديسمبر/كانون الأول 2021 عن خطة “تطوير” لمشروع وسط جدة، الذي كان يُعرف سابقًا باسم جدة داون تاون الجديدة.
وأكدت الوثيقة أن المشروع المزمع يتصور “هدم الأحياء الموجودة في جنوب جدة لتحويلها من سلسلة من أحياء خاصة بالطبقة الوسطى والطبقة العاملة إلى منازل فاخرة عالية التكلفة ومطاعم راقية وأماكن عامة لجذب الأثرياء السعوديين والمغتربين.
وفي حين أنه من المتوقع أن تنفق الحكومة أكثر من 20 مليار دولار على مشروع التطوير الراقي هذا، إلا أنها على ما يبدو خصصت القليل جدًا من ذلك المبلغ لتعويض 1.5 مليون سعودي ممن فقدوا أو سيفقدون منازلهم وسبل عيشهم وأحيائهم بسبب عمليات الهدم”.
بدأت عمليات الهدم في أكتوبر/تشرين الأول 2021، ومع توالي الأشهر سيما في ديسمبر/كانون الأول إشتدت حركة التدمير وتوسعت مساحتها، وترافق الأمر مع تهجير السكان قسرا دون سابق إنذار ودون التشاور معهم مسبقا أو تقديم تعويض مناسب لهم بعد ذلك.
وأكدت الوثيقة أن الحملة السعودية استهدفت ما بين 16 و20 حيا على مساحة 4,000 كيلومتر مربع. كانت سرعة واتساع عمليات الهدم داخل جدة غير مسبوقة، وسيكون تأثير عمليات الهدم على المواطنين السعوديين كبيرًا.
وتظهر خريطة للمشروع نُشرت مؤخرًا أن عمليات الهدم التي من المتوقع أن تكتمل هذا الشهر ستؤثر على 1.5 مليون سعودي في 63 حيًا موزعة على3 ملايين كيلومتر مربع.
وخلص البحث المعدّ إلى أن “عمليات التهجير القسري للحكومة السعودية تنتهك القانون الدولي، لأن هذه الإجراءات لا تتوافق مع الضمانات القانونية المعترف بها دوليًا لضمان حقوق السكان وحمايتها.
فشلت الحكومة السعودية في استنفاد البدائل المناسبة لعمليات التهجير، واتباع الإجراءات القانونية، بما في ذلك تقديم إشعار مسبق وفرصة للطعن أو تقديم تعويض سريع وكاف وفعال”.
ولفت التقرير إلى أن عمليات التهجير القسري تنتهك “القانون السعودي”، لا سيما قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، الذي يتطلب من النظام استنفاد جميع بدائل نزع الملكية، بما في ذلك الاستملاك العام، وتقديم تعويض عادل وإشعار مناسب ومعقول.
وأضافت الوثيقة أن النظام النظام السعودي “قدم نفس الحجج لتبرير هدم وإعادة إعمار أحياء جدة القديمة. فقد أعلنت الحكومة أن هذه الأحياء تأوي خارجين عن القانون واستخدمت لغة غير إنسانية للإشارة إلى سكان هذه الأحياء من خلال الإشارة إليهم على أنهم “مهاجرون غير شرعيين” و “تجار مخدرات” و “مجرمون”.
كما زعمت الحكومة أن مواطنين سعوديين من سكان الأحياء المهدمة في جدة طالبوا بعمليات الهدم هذه حتى يتم “تنظيف” أحيائهم من هؤلاء الأشخاص”.
الجدير بالذكر أنه منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول، فوجئ سكان جنوب جدة بانتشار غير مسبوق لكلمة “إخلاء” على جدران منازلهم ومحالهم التجارية.
على إثرها، هرع السكان لنقل ممتلكاتهم والعثور على مكانٍ جديد للعيش، في ظل المهلة القصيرة التي حصلوا عليها للرحيل، والتي وصلت في بعض الحالات إلى 24 ساعة فقط.
وبمجرد انتهاء مهلة الإخلاء، كان يتم قطع خدمات المياه والكهرباء عن المنازل.
عمليات الهدم طالت بنايات سكنية، ومدارس، ومساجد، ومساكن خاصة للمسنين والمحتاجين. بينما لجأ العديد من الأهالي إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ونقلوا واقع معاناتهم وما تتعرض له مساجدهم وأزقتهم وأسواقهم المحليّة.
التسلسل الزمني في أكتوبر/تشرين الأول 2021، تحدث سكان جنوب جدة عن دهشتهم من رؤية كلمة “إخلاء” مكتوبة على منازلهم ومحلاتهم.
بعد حوالي شهر، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أعلن صالح التركي، رئيس أمانة جدة، أن المدينة “أكملت مشروع مخطط لتطوير الأحياء الفقيرة في 32 حيًا” تغطي مساحة تزيد عن 214 مليون متر مربع.
أول حيين في جدة هدمتهما “السلطات السعودية” هما غليل (39,785 ساكنًا) وبترومين (30,044 ساكنًا) في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021. وبحسب أمانة جدة، تلقى ما يقرب من 70,000 من سكان هذين الحيين إخطارًا بالهدم في نفس اليوم الذي بدأت فيه عمليات الهدم.
كما قطعت الحكومة السعودية الكهرباء وأوقفت الخدمات الحيوية الأخرى عن هذه الأحياء في ذلك اليوم.
الجولة التالية من هدم الأحياء وقعت في ديسمبر/كانون الأول 2021، عندما دمرت الحكومة السعودية الأحياء التالية: القريات (10,850 ساكن) في 6 ديسمبر/كانون الأول، الكرنتينا (200,00 ساكن) في 13 ديسمبر/كانون الأول، النزلة اليمانية 1 (49,210 ساكن) في 20 ديسمبر/كانون الأول، والثعلبة (10,745 ساكن) في 27 ديسمبر/كانون الأول.
بدأت جولة الهدم الثالثة في 15 يناير/كانون الثاني 2022، وشملت حي البلد (50,715 ساكن) وحي الشفاء (22,988 ساكن).
زعمت الحكومة السعودية أن سكان الحي تلقوا إخطارًا في 25 ديسمبر/كانون الأول 2021، وأنها قطعت الكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى في 8 يناير/كانون الثاني.
بدأت جولة الهدم الرابعة في 29 يناير/كانون الثاني 2022، وشملت الأحياء التالية: العمارية (11,579 ساكن) والكندرة (29,973 ساكن) والسبيل (23,974 ساكن) والهنداوية (44,385 ساكن).
بدأت جولة الهدم الخامسة في 12 فبراير/شباط 2022 وشملت حي النزلة اليمانية 2 و 3 (49,210 ساكن) وحي الثغر (16,674 ساكن).
بدأت جولة الهدم السادسة في 26 فبراير/شباط، وشملت حي البغدادية (19,930 ساكن) وحي الشرقية (19,235 ساكن).
بدأت جولة الهدم السابعة في 12 مارس/آذار، وشملت حي النزلة (7,973 ساكن) وحي السلامة (2,345 ساكن) وحي مدائن الفهد 2 (29,057 ساكن).
ارسال التعليق