بومبيو للسعوديين: اهدأوا.. الأميركي في مشهدية انتخى وارتخى
بقلم: الدكتور محمد بكرتتصاعد الحرب الكلامية بين واشنطن وحلفائها من جهة وبين طهران من جهة أخرى على خلفية التحشيد السعودي ومحاولة كسب الود والدعم من حلفائها للدفع بمواجهة شاملة رداً على ماتقول أنه هجومٌ إيراني على أرامكو، يسارع بومبيو ليس كما قيل لبحث سبل الرد بل لتهدئة تصاعد ألسنة النار، يدرك الأميركي جيداً ماهية الحاصل ومآلات ماتدفع له السعودية، وعلى غرار صديقه نتنياهو ربما قال لابن سلمان ” أهدأ ” مع الفارق الكبير بين مفاعيل ” الهدوء” الذي طالب ونصح به نتنياهو الأمين العام لحزب الله اللبناني فجاءت عملية الأخير في استهداف الآلية العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي المحتلة على قاعدة القول والفعل، فيما تبدو مفاعيل ” الهدوء” لدى بومبيو أكثر حضوراً في سطوتها وتأثيرها على الهيجان السعودي على قاعدة التطبيق الفعلي لنطرية ترامب ” سنتخذ إجراءات ضد طهران ليس من بينها الحرب”.
اللافت في مشهدية الاشتباك السياسي الحاصلة، هو تصاعد الخطاب الناري لطهران انطلاقاً من معرفة دقيقة وإحاطة كاملة بمنطق القدرات، وهو ماتدركه الولايات المتحدة جيداً بعكس الدافعين والداعمين لمنطق القوة مع طهران، أمثال بولتون المقال الذي انتقد سياسة الولايات المتحدة واعتبر ان عدم الرد الأميركي على إسقاط طهران للطائرة الأميركية المسيرة هو الذي أدى إلى هجمات أرامكو، قد يبدو منطق بولتون من حيث الشكل صحيحاً فدولة بحجم الولايات المتحدة من المعيب أن تصيغ التناقضات في الخطاب وخلال جولات الكباش تتقدم خطوة وتتراجع اثنتين، لكن الثابت أن عدم الرد الأميركي والانتصار لما تدفع له السعودية مرده عدة أمور:
– العقلية التجارية التي تسيطر على سلوك ترامب وهو القائل أن بلاده أنفقت سبعة تريليونات دولار على الحروب في الشرق الأوسط والحصاد كان بلا قيمة.
– أن منطق تعامل السياسة الأميركية مع الرغبات السعودية هو لايزال في إطار المزيد من الابتزاز وإمكانية نهب المزيد من المال السعودي على قاعدة تصوير وتعظيم الخطر الإيراني، وتالياً جدوى تدفق المال السعودي للخزائن الأميركية أعلى بكثير من جدوى الدخول في مواجهات عسكرية غير مضمونة النتائج والشكل الذي سترسو عليه المآلات.
– أن الجبهة الأقل تسليحاً وردعاً بالمعنى العسكري في محور بعينه وهي جبهة اليمن صدّرت ماصدّرته من رسائل الردع في استهداف حقلي النفط شرق السعودية بتقنيات رفيعة المستوى أذلت الباتريوت ومنظومات الدفاع الجوي الأميركي، فكيف برأس المحور الذي لايملك فقط منظومات ردعية وهجومية متطورة، بل يحجز مكان وازن في المنظومتين الإقليمية والدولية وبمنطق التحالفات الاستراتيجية.
نعم الولايات المتحدة اليوم قادرة على توجيه الضربات والايلام والدمار، لكن المؤكد أنها غير قادرة بعد اليوم على ضبط إيقاع الردود من جانب الخصوم.
هجمات أرامكو التي جاءت بتوقيع الحوثي الذي أعلن متحدثه العسكري يحيى سريع بأن بلاده تنتج يومياً ستة طائرات مسيرة مجهزة بصواريخ لايمكن أن تكشفها الرادارات، ولديها بنك أهداف في دبي وابو ظبي، كان كفيلاً باستيلاد مابات عليه الأميركي في مشهدية انتخى وارتخى.
* كاتب صحفي وأكاديمي فلسطيني
ارسال التعليق