تحديات هائلة أمام المحادثات السعودية الإيرانية
بقلم: بانافشه كينوش...
أثارت الجولة الخامسة من المحادثات بين السعودية وإيران - والتي عقدت في أواخر أبريل/نيسان 2022 - آمالًا في أن يجتمع وزراء خارجية البلدين لإعادة فتح السفارات في الرياض وطهران بعد أن انهارت العلاقات الدبلوماسية بين العاصمتين في عام 2016.
ومع ذلك، فلا يوجد ضمان على أن السعودية وإيران يمكنهما العمل معًا ما لم تلتزم الولايات المتحدة باستعادة توازن القوة بينهما، بغض النظر عن التحولات المتكررة في السياسة الخارجية الأمريكية مع التغير في الإدارة.
وشرعت الرياض وطهران في جولتهما الأولى من المحادثات في أبريل/نيسان 2021. وفي وقت مبكر من هذه العملية، وصفت الرياض محادثاتها بأنها ودية واستكشافية وقالت إنها حريصة على الوصول إلى نتائج مع إيران.
وجاءت المحادثات في أعقاب الجهود التي بذلتها إدارة "بايدن" لإحياء الاتفاق النووي مع طهران. وعندما فشلت محادثات إحياء الاتفاق النووي في تحقيق نتائج بحلول نهاية عام 2021 عانت المحادثات السعودية الإيرانية أيضًا من نكسة مؤقتة.
وردا على تعثر المفاوضات، رفعت إيران مطالبها وربطت آفاق السلام بين الحوثيين المدعومين من طهران والحكومة اليمنية المدعومة من الرياض بنتائج المحادثات النووية، والتي من شأنها أن تؤدي إلى إزالة العقوبات المفروضة على طهران.
ثم في يناير/كانون الثاني 2022، دعمت إيران مظاهرات بعد صلاة الجمعة في جميع أنحاء البلاد لإدانة الحرب التي تقودها السعودية في اليمن. وبحلول فبراير/شباط، أشار وزير الخارجية السعودي الأمير "فيصل بن فرحان" إلى أن إحياء الاتفاق النووي يمكن أن يكون نقطة انطلاق لمعالجة القضايا الأخرى بين السعودية وإيران، بما في ذلك برنامج الصواريخ وتدخلها في شؤون الدول المجاورة.
في المقابل، رفضت إيران أي اتفاق نووي يتجاوز شروط الاتفاق الأصلي، وقد توقفت المحادثات الآن بسبب خلاف مع الولايات المتحدة بشأن إزالة الحرس الثوري من القائمة الأمريكية اللمنظمات الإرهابية الأجنبية.
تأثير حرب اليمن:
صعّد الحوثيون في اليمن هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة ضد منشآت الطاقة السعودية في مارس/آذار 2022. وادعى المسؤولون في واشنطن أن طهران دعمت الهجوم؛ وردت طهران من خلال تعليق الجولة التالية من محادثاتها مع الرياض.
ومع ذلك تم استئناف الجولة الخامسة من المحادثات السعودية الإيرانية في أبريل/نيسان، لكنها بدأت في أجواء متوترة بعد أن نددت طهران علنًا بإعدام السعودية لـ81 فردًا، قيل إن من بينهم 41 شيعيًا أُدينوا بأعمال الإرهاب. ووقعت عمليات الإعدام عندما صعد الحوثيون هجماتهم ضد الأهداف السعودية.
ومع ذلك، ربما تكون واشنطن شجعت الرياض على التمسك بالمحادثات مع طهران، حيث ظهرت علامات أيضًا تشير إلى التقدم المحتمل في المحادثات النووية. على سبيل المثال، تم تداول أنباء عن إمكانية الإفراج عن 7 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في البنوك الخارجية لمساعدة البلاد على التغلب على العقوبات.
بالإضافة إلى ذلك، تم التوصل إلى هدنة في اليمن لمدة شهرين (من 2 أبريل/نيسان حتى 2 يونيو/حزيران المقبل) ودعمت السعودية استقالة رئيس الحكومة اليمنية "عبدربه منصور هادي" لصالح مجلس رئاسي جديد.
وفي غضون ذلك، حاولت إيران إقناع الكويت والسعودية بقبول آلية لتشارك الموارد عبر تطوير حقل غاز درة/أراش المشترك في المنطقة المحايدة المقسمة، بالرغم من الفشل الإيراني الطويل في ترسيم الحدود البحرية في الخليج الشرقي حيث تتشارك الحقل مع جارتيها الكويت والسعودية.
هل سيستمر الحوار؟
في الوقت الحالي، يبدو أن جميع العلامات تشير إلى أن السعودية ستستمر في المحادثات مع ايران طالما ظلت ضرورية لتحقيق بعض النتائج.
ومع ذلك، يبدو أن السعودية لمست بأن واشطن غير راغبة في لعب هذا دور الحماية ودعم المصالح السعودية، بما في ذلك رغبتها في احتواء نفوذ إيران في اليمن. ووفقًا للرئيس السابق للمخابرات السعودية الأمير "تركي الفيصل"، فقد شعر السعوديون بالخذلان من عدم الرد الأمريكي على هجمات الحوثيين على منشآت النفط السعودية.
وكشف حوار الصحفية "بانافشه كينوش" مع أحد كبار أفراد العائلة المالكة السعودية عن زاوية جديدة من المخاوف السعودية حيث قال إن السعوديين يرون الصواريخ الحوثية التي استهدفت مكة في عام 2019 باعتبارها محاولات إيرانية للسيطرة على المدينة المقدسة ثم الانطلاق من هذا المكان نحو عدة مواقع يُتوقع أن يعود إليها "المهدي".
وبالنظر إلى هذه المخاوف السعودية العميقة حول النوايا الإيرانية، وإذا كانت الولايات المتحدة ستنسحب من الخليج مع تقديم القليل من الضمانات الأمنية للسعودية، فمن المحتمل أن التوترات الناتجة في المنطقة ستقف أمام شراكة قوية بين الرياض وطهران.
مصلحة إيران في الاستمرار:
ومع ذلك، نظرًا لأن إيران تحتاج إلى تخفيف العقوبات في الوقت الحالي، فإن البلاد ما زالت ترحب بالتواصل مع السعودية.
وفي محاولة لإظهار حسن النية، أبدت إيران أيضًا استعدادًا لاستيعاب السعودية في ساحات أخرى. على سبيل المثال، دعمت إيران المحادثات الأخيرة بين الرياض وبغداد لربط شبكات الطاقة. ورحبت طهران بجهود التواصل بين السعودية وسوريا.
لكن أي سلام بين الرياض وطهران سيظل هشًا ما لم تشجع الولايات المتحدة شراكة ثابتة بين العاصمتين. وسيحتاج ذلك إلى سياسة أمريكية ثابتة بغض النظر عما إذا كان في الحكم الجمهوريون أو الديمقراطيون لكن ذلك يبدو غير محتمل.
وحتى في أفضل السيناريوهات إذا قامت الرياض وطهران ببناء مؤسسات إقليمية متعددة الأطراف، سيكون ذلك إجراء شكليا ولن يدعم مصالحهما الأمنية المتبادلة بما فيه الكفاية، ولن يعالج طموحات الهيمنة لدى كل طرف، ولن تتبقى سوى مساحات محدودة للاستخدام الدبلوماسية في معالجة التحديات الأكثر إلحاحًا في علاقاتهما.
ارسال التعليق