تسامح الأديان في السعودية يأتي على مقاس ابن سلمان
لعلّ أكذوبة "التسامح بين الأديان" كانت حصان طروادة لأنظمة آل خليفة وآل نهيان في التمهيد لدخولهما التطبيع الرسمي مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وسبقت "أنظمة" البحرين والإمارات؛ آل سعود بشق طريق التسامح المزمع إياه بين المسلمين واليهود، لتعود "السعودية" وتتفوق عليهما في مستوى الانبطاح للصهيونية متجاوزة القدسية التي تحويها بلاد شبه الجزيرة العربية والتي من المفترض أن تكون فيها "الحسابات" مختلفة.
ولكن مع قدوم محمد بن سلمان، كانت الأمور أسرع من المتوقع، كاسراً كل محظور ديني أو مبدئي، مادّاً السجاد الأحمر في بلاد الحرمين؛ لرموز سياسية و"دينية" و"ثقافية" صهيونية في مختلف المحافل.
الانبطاح "السعودي" الأخير تمثّل برسالة اعتذار من السفارة السعودية في واشنطن إلى الحاخام اليهودي ابراهام كوبر والذي تم منعه من الدخول إلى بوابة الدرعية بعد رفضه إزالة قبعة الكيباه، خلال زيارة وفد أمريكي مؤخراً، وأشارت إلى أن هذا الحادث كان نتيجة سوء فهم للبروتوكولات الداخلية، وأن "الحكومة" تتطلع إلى الترحيب به مرة أخرى في البلاد. أتى ذلك ردا على إعلان اللجنة الأمريكية للحرية الدينية قطع وفدها زيارته للسعودية.
وهو البيان الذي احتفت به وسائل إعلام صهيونية، بمعزل عن أصل الحادثة وحرية الحاخام بالتنقّل في أرجاء البلاد.
من جانبه قال كبور- الذي ألغى واللجنة التي كانت ترافقه رحلتهم الى الدرعية- في بيان استنكاري أنه "في وقت تتفشى معاداة السامية، فإن الطلب إلي بأن أزيل قلنسوتي، هو أمر قد منعنا، نحن أعضاء اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية، من مواصلة زيارتنا" لموقع الدرعية.
الحاخام أبراهام كوبر، وهو رئيس مركز "سيمون فيزنتال" في لوس أنجلس في الولايات المتحدة الأميركية، وهو من ضمن مؤدي دور التقارب بين الأديان، سبق أن نقل عبره "ملك البحرين" -قبل توقيع اتفاقيات ابراهام التطبيعية- إدانته المقاطعة العربية ضد إسرائيل، وتأكيده أنه سيسمح قريباً للمواطنين البحرينيين بزيارة إسرائيل.
كما سبق للحاخام كوبرا أن زار البحرين، قبل اتفاقيات ابراهام، حيث لفت نظره اهتمام "الملك" بكل ما يتعلق باليهود، وبدا ذلك في قوله إن "هناك كنيس صغير وحيد في الخليج الفارسي، ما زال قائماً في البلدة القديمة في المنامة".
يتأتى مما سبق الدور الذي لعبه الحاخام كوبرا في التمهيد لمسار التطبيع بين نظام آل خليفة وكيان الاحتلال الإسرائيلي.
وليس هذا الموقف بالأكثر حديّةً فيما يتعلّق باستضافة الرياض لحاخامات يهودية، سبق أن نصّب أحدهم نفسه "حاخام الرياض الأكبر"، وهو الحاخام الإسرائيلي يعقوب هرتسوغ المقيم في الرياض، والذي نشط خلال الحرب على غزة بين صور له بالزي العسكري الإسرائيلي متفاخراً بالدمار الذي لحق بالمنازل، وبمقطع فيديو حاملا طفلة إسرائيلية بين يديه يشتري لها الطعام مُعلّقاً "مع الأولاد، ووجبة خفيفة على حدود غزة، حيث لن يكون هناك حدود قريبا"!
وتأتي خطوات السعودية في "الانفتاح على الأديان" في ظل تصاعد حالة قمعها لأبناء الجزيرة العربية من الطائفة الشيعية، حيث يُمنعون من ممارسة شعائرهم الدينية في أرضهم، بينما يُؤتى بأصحاب القلنسوة من بُعد بحار عن البلاد ليُرحّب بهم، فيكونوا أدوات تجديد بيعة آل سعود لربيبتهم.
وخلال الشهر الماضي "عوقِب" نادي رياضي على خلفية أهازيج رددها جمهوره على المدرجات بمناسبة ولادة الامام علي، حيث اتخذت وزارة الرياضة حينها قرارين: أولاً، حلّ مجلس إدارة نادي الصفا اعتباراً من تاريخه، وفقا للائحة الأساسيات للأندية الرياضية”. “ثانياً، حرمان المخالفين من الانتساب للنادي أو أي أندية أخرى، وإحالتهم إلى الجهات المعنية لاتخاذ ما يلزم.”
من جهتها، انكبّت ما تسمى بـ “لجنة الانضباط”، والتي بالمناسبة لم يكن يٌعرف بوجودها إلّا عن طريق الإعلام، إلى اقرار عقوبات طالت جماهير النادي وإدارته بعد ترديد الأول “عبارات وهتافات مخالفة لأحكام لائحة الانضباط والأخلاق”، بحسب وصفها.
فيما جاء في سلّة القرارات المضافة “إلزام نادي الصفا بدفع غرامة مالية قدرها مائتي ألف ريال لحساب الاتحاد السعودي لكرة القدم (ما يقارب 53 ألف دولار). وإلزامه بلعب أول 5 مباريات قادمة على أرضه دون حضور الجمهور ضمن مسابقة دوري يلو للدرجة الأولى، بالإضافة إلى إغلاق كامل الملعب”
ولم يُكتفى بذلك، بل تم حينها استعداء أكثر من ١٥٠ إلى ٢٠٠ مشجعا حضر المباراة إلى مركز شرطة صفوى للتحقيق معهم ومن ثم التوقيع على تعهد “عدم إعادة هذه الشعارات “الطائفية”!! التي تحضّ على الكراهية في الملاعب.
ولفتت المصادر، أن عددا من الذين جرى استدعاؤهم حاولوا السفر وفقا لجدول مسبق وفوجئوا بمنعهم، الأمر الذي يؤكد أن النظام السعودي اتخذ هذا الاجراء بحق كل من وقع تعهدا لدى مركز الشرطة.
ارسال التعليق