حركة تصحيحية في المدن لتحريره من الوصاية السعودية الإماراتية
بعد التقرير الذي نشرناه عن التغييرات الجارية في موقع «المدن» الإخباري، ظهرت أخيراً معطيات جديدة في ما يتعلق بقرار القائمين على الموقع في الدوحة، بإبعاد الصحافي ساطع نور الدين عن رئاسة التحرير (الأخبار 6/8/2024). إذ إنّ الخلاف مع نور الدين، لم ينحصر فقط بالخط التحريري لـ«المدن»، الذي تعدّ الدوحة أنّه «انحرف» عن «السياسة الوسطية المعتمدة في ظل التحوّلات السياسية الكبرى التي تشهدها المنطقة» وفقاً لما تردّد سابقاً، بل إنّه يجري الحديث أيضاً عن تحقيق إداري أجرته إدارة «فضاءات ميديا» الشركة المالكة لـ«المدن»، التي يشرف عليها السياسي الفلسطيني المقيم في قطر عزمي بشارة.
في مطلع عام 2023، عمدت إدارة «فضاءات» إلى طلب شراء الأسهم التي يحملها نور الدين في شركة «قوس قزح» اللبنانية المالكة لـ«المدن»، والتابعة لـ«فضاءات». وللغاية، جرت مفاوضات مع نور الدين لإتمامها من دون إبعاده عن الموقع. وعندما وصلت الأمور إلى حائطٍ مسدود بين الطرفين، أبلغت «فضاءات» نور الدين قبل مدة بقرارها الذي يتمثل في إنهاء التعاون معه، من دون معرفة النتائج النهائية للصفقة. وكان نور الدين قد اعتكف عن الكتابة منذ أشهر طويلة، ثم توقّف عن زيارة مكتب الصحيفة في منطقة السوديكو في بيروت، كما توقف عن ممارسة مهامه الإدارية بعد تبلّغه قرار «فضاءات». وفي منتصف الشهر الماضي، استدعت إدارة «فضاءات» أبرز ثلاثة من المسؤولين في الموقع (رشا الأطرش ومنير الربيع ويوسف بزي) إلى قطر، حيث استمرت إقامتهم في الدوحة ثلاثة أيام، وضعتهم خلالها إدارة «فضاءات» في صورة التغييرات على مستوى السياسة التحريرية والأمور الإدارية. ووفقاً لأوساط متابعة، سمع رؤساء الأقسام من القطريين اعتراضاً على مجموعةِ تجاوزاتٍ، من بينها ما يتعلق بمنير الربيع نفسه، وقد فاتحه المسؤولون في الدوحة بأنّه يعمل خلافاً للأصول، مع مواقع صحافية أخرى، وأنّه يتقرّب من السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، ويكتب باسم مستعار في موقع «أساس ميديا» الذي يديره النائب السابق نهاد المشنوق، كما يكتب في موقعَي «ايلاف» و«عكاظ» السعوديين.
وطلب القائمون على الشركة الأم «فضاءات»، من رؤساء الأقسام الثلاثة، مراجعة عقود العمل فور عودتهم إلى بيروت، على مستويين: الأول يهدف إلى تصحيح الخلل الحاصل على مستوى الرواتب والالتزام بجدول واضح، بهدف إزالة الفوارق المالية الظاهرة بين موظفٍ وآخر من الترتيب الوظيفي نفسه، ويقومون بالمهام عينها وكمية الإنتاج عينها. والمستوى الثاني، هو ضبط الموظفين المتفرّغين، لجهة منعهم من الكتابة في مواقع منافسة. ويجري الحديث عن أنّ تحقيقات إدارة «فضاءات» دلّت على «عدم وجود عقود عمل، تنظّم العلاقة بين الصحيفة والموظفين، وعدم وجود ما يضمن حقوقهم، وبطبيعة الحال، هم أيضاً غير مسجّلين في الضمان الاجتماعي، في مخالفة واضحة لقانون العمل». أمر دفع محامي «فضاءات» إلى العمل حالياً على إعداد عقود عملٍ جدّية. إلى ذلك، أبدت «فضاءات» امتعاضها ممّا سمّته «توظيفات عشوائية قائمة على المحسوبيات، تضرب الشفافية في المؤسسة»، وتوجيه أصابع الاتهام إلى نور الدين بصرف موازنات خلافاً للأصول. تحريرياً، خلصت اجتماعات الدوحة، إلى أنّ «المدن فقدت هويتها السياسية، وقد تحولت إلى منبرٍ يخدم القوى السياسية الدائرة في الفلك السعودي والإماراتي»، وأنّ الموقع بات «رأس حربة في الهجوم على الفريق الآخر، وفقد وسطيته المطلوبة منه في المرحلة الراهنة». وكان التأكيد على أنّ هيئة التحرير المؤلفة من رؤساء الأقسام، هي هيئة مؤقتة لزوم المرحلة الانتقالية، إلى حين تعيين رئيس تحرير جديد.
ارسال التعليق