خلافات متصاعدة بين السعودية والإمارات تهدد بصدع جديد
كشفت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية عن خلافات سعودية إماراتية حول قضايا عديدة منها ما يرتبط بالأحداث في اليمن والسودان، وأخرى تتعلق بالمصالح والرؤى الاقتصادية تهدد بصدع في العلاقات بين البلدين.
وأوضحت الوكالة أن جهود واشنطن لمواجهة هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، تواجه عقبة الخلافات بين الدولتين الخليجيتين اللتان تعدان الأكبر في مجلس التعاون الخليجي.
وتؤيد أبوظبي عملاً عسكرياً ضد الجماعة المدعومة إيرانياً، في حين تخشى الرياض من أن تصعيدا كهذا ربما يؤدي إلى استفزاز التنظيم.
وترى السعودية أن أي تصعيد ضد الحوثيين في اليمن قد يعرض الهدنة الهشة للخطر، ويقوض محاولات المملكة الرامية إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في اليمن.
وتهدد تلك الخلافات بتفكك الشراكة الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية بين الإمارات والسعودية، التي جاءت كنتيجة لموقع الجارتين الخليجيتين وتقاطع مصالحهما.
ورغم أنه من الطبيعي أن تكون هناك منافسة بين الدولتين ولا سيما مع وجود جيل جديد من الحكام في البلدين وتكون تلك الخلافات ضمن الكواليس، إلا أن هناك حالات اتضح فيها تعارض مصالح البلدين أو تصادمها.
وتحدث مراقبون عما وصفوه “بصدع كبير” في العلاقات بين السعودية والإمارات بدأ يتشكل جراء عدة أسباب أبرزها:
– الخلافات الاقتصادية العلنية بين أبوظبي والرياض خلال العقدين الماضيين.
– اعتراض الإمارات على اقتراح استضافة الرياض لمقر البنك المركزي لمجلس التعاون الخليجي.
– انسحاب أبوظبي من اتفاق الوحدة النقدية الخليجية، وهو ما أسهم في تعطيل مشروع إصدار عملة خليجية موحدة وبنك مركزي تابع للمجلس.
– مع مساعي السعودية لتمديد قرار تخفيض إنتاج الدول الأعضاء بمنظمة أوبك بلس عام 2021 أصر وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي على زيادة حصة بلاده من الإنتاج.
وتصاعدت تلك الخلافات ووصلت لحد التوترات وانتشرت تكهنات حول وجود نية لدى الإمارات للانسحاب من أوبك بلس، وهو ما نفاه مسؤولون إماراتيون.
وتحدثت “بلومبيرغ” عما وصفته بغضب الإمارات إزاء ما اعتبرته رغبة سعودية في الهيمنة على قرارات منظمة أوبك بلس، وربما على قضايا أخرى.
وبحسب تقرير لشبكة “بي بي سي” سلط الضوء على ذات الأمر، تعمل السعودية على تنويع مصادرها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط وتوسيع دورها الإقليمي والدولي في قطاعات كالبنية التحتية والطيران والسياحة والرياضة وفي إطار ذلك اتخذت خطوات اعتبرها خبراء ضربة لاقتصاد أبوظبي.
وعلى سبيل المثال، أعلنت المملكة في وقت سابق من العام الحالي تدشين شركة طيران جديدة، هي طيران الرياض المملوكة من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي. وستنافس الشركة جيرانها الخليجيين، ولا سيما شركتي طيران الإمارات وطيران الاتحاد.
وقررت الرياض عام 2021 إلغاء الامتيازات الجمركية الممنوحة للبضائع الواردة من مناطق اقتصادية حرة، وهو ما شكل ضربة لاقتصاد الإمارات الذي يعتمد بشكل كبير على تلك المناطق حسبما نقلته بي بي سي.
ومن الخلافات الأخرى ما يرتبط بالسياسات الخارجية في اليمن والسودان حيث تمثل الأخيرة أهمية كبيرة لكل من الإمارات والسعودية، نظرا لموقع السودان الاستراتيجي المهم، فهو يطل على البحر الأحمر ويعتبر حلقة وصل بين الشرق الأوسط وأفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي.
وما يزيد من أهمية السودان بالنسبة للدول الخليجية غناه بالموارد الطبيعية مثل الذهب والفضة والزنك والحديد والنحاس والنفط والغاز الطبيعي وثرواته الزراعية والحيوانية الكبيرة.
ويدور توتر كبير في العلاقة بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” الذي يقود ما يعرف بقوات الدعم السريع.
يتحدث مراقبون عن دعم سعودي للبرهان مقابل دعم معروف ولا يخفى على أحد من نظام محمد بن زايد لقوات الدعم السريع وكافة القوى الانقلابية في المنطقة.
ووفق أكاديميين وخبراء فإن السودان أصبح ساحة للحرب بالوكالة بين السعودية والإمارات، وفق ما نقلته مجلة “فورين بوليسي” قبل أشهر.
وحسب “بلومبيرغ” يمكن القول بأن الحرب في السودان كانت انعكاسا للتنافس بين أبوظبي والرياض للسيطرة على حوض البحر الأحمر، وهو ما يعني أن حل الأزمة في السودان يكمن في تخفيف حدة التنافس السعودية الإماراتية.
ارسال التعليق