دخول السعودية "بريكس" لا يريح ربيبتها أميركا
لم يُقرأ الإعلان الرسمي لانضمام "السعودية" إلى "بريكس" لدى الغرب؛ باطمئنان معتاد عند قراءتهما للأخبار القادمة من كبرى مستعمراتهم في الشرق الأوسط في شبه الجزيرة العربية.
تساءل كثيرون في أميركا عن انعكاس هذا الانضمام على رهانات آل سعود بما يتعلق بالضمانات الأمنية- العكسرية التي تطمح "السعودية" توسيعها مع الولايات المتحدة الأميركية. فتساءل بعضهم أنه في الوقت الذي تتفاوض فيه "السعودية" و"إسرائيل" بهدوء على اتفاق تطبيع سيتم تدعيمه بمعاهدة دفاع أمريكية سعودية، "فلماذا يعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ذلك للخطر من خلال الانضمام إلى مجموعة دول البريكس؟".
وسيّما أنه يُنظر بكثرة إلى أن "بريكس" تمثّل إحدى أهم أدوات محور معاداة أميركا قوّة. على اعتبار أن الرئيس الصيني شي جين بينج لطالما كان يحث مجموعة البريكس على التوسع من أجل زيادة نفوذها ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
وعليه يربط المراقبون الأميركيون بين ما يركز عليه "السعوديون" من استقرار الشرق الأوسط بما يخدم مصالحهم الاقتصادية على وجه الخصوص -وعلى اعتبار أن ضمانة أمنية من الولايات المتحدة هي من الأمور الحاسمة لتحقيق هذا الاستقرار- وبين هكذا خطوة تتعارض مع مصلحتها في تأكيد ولائها لأميركا.
وبانضمامها إلى حلف يضم كبرى أعداء أميركا، كل من الصين وروسيا وإيران، فإن هذا لا يبعث برسالة مطمئنة إلى مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي سيتعين عليه الموافقة على معاهدة الدفاع بأغلبية 67 صوتا. كما أنه لن يكون من السهل الحصول على هذه الأصوات في ظل العداء الذي يبديه اليسار الديمقراطي تجاه محمد بن سلمان المليء سجلّه بالانتهاكات؛ بما يتعارض مع صورة هؤلاء أمام الرأي العام في أميركا.
وقد طرح السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية، ليندسي جراهام، هذه النقطة بشكل مباشر في تغريدة له على موقع أكس: "هل ينظر مجلس الشيوخ الأمريكي إلى دولة تنضم إلى مجموعة البريكس باعتبارها محاولة لتعزيز علاقة تلك الدولة مع الولايات المتحدة؟"وتساءل أيضًا عما إذا كانت الدولة المتحالفة اقتصاديًا مع إيران "دولة راعية للإرهاب بموجب القانون الأمريكي" ستخضع لعقوبات أمريكية ضد إيران.
وكان موقع وقع "ميدل إيست آي" البريطاني قد تناول دوافع انضمام "دول الخليج" للتحالف واعتبرت أن هذه "الدول" كانت متحالفة مع الولايات المتحدة، وتسعى الآن إلى الحصول على قدر أكبر من الاستقلال الاستراتيجي عن واشنطن".
وزاد بأن "الأمثلة البارزة على ذلك تشمل إعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية مؤخرا بين السعودية وإيران في صفقة توسطت فيها الصين، وقرار جامعة الدول العربية بإعادة سوريا إلى التكتل، ويرجع الفضل في ذلك بالغالب إلى مبادرة رعتها السعودية والإمارات، على الرغم من رفض القادة الغربيين التعامل مع (رئيس النظام السوري) بشار الأسد، المتحالف علنا مع موسكو في الصراع في أوكرانيا".
واعتبر الموقع أن "دول الخليج اليوم ملتزمة بالحفاظ على علاقات جيدة مع جيرانها المباشرين (بينهم أعضاء في البريكس)، حتى لو كان ذلك يعني تغيير التحالفات التقليدية، كما يشكل الحد من اعتماد المنطقة على عائدات النفط تحديا بالغ الأهمية، وخاصة بالنسبة للسعودية، التي تتحرك نحو قدر أكبر من الاستقلال عن النفط، بدعم من الاستثمارات الأمريكية والصينية".
يأتي القلق الغربي، أو الـ"لا رضا" من هذه الخطوة من منطلقات تتعلق بـ"بريكس" كمجموعة تسعى لكسر الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي. فتسعى دول مجموعة بريكس إلى إطلاق عملة موحدة بينها تنهي بها هيمنة الدولار الأميركي على الاقتصاد العالمي، إذ أعلن ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يونيو/حزيران 2022.
وهو الأمر الذي عاد وكرره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يناير/كانون الثاني 2023، حينما قال إن مسألة إصدار عملة موحدة لدول مجموعة بريكس ستناقش في القمة المقرر عقدها في جنوب أفريقيا نهاية أغسطس/آب 2023.
وتتولى روسيا هذا العام الرئاسة الدورية لمجموعة "بريكس". وتضمّ مجموعة "بريكس" كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وفي الآونة الأخيرة أعربت 23 دولة بالفعل عن رغبتها في الانضمام إلى التحالف الاقتصادي، بما في ذلك الأرجنتين وإيران والجزائر وتونس وتركيا و"السعودية" ومصر.
وبعد أن تقرّر قبول ستدول من بين الدول الـ23، يبقى الآخرون على قائمة الانتظار. وبانضمام الست دول سالفة الذكر يكون التكتّل يشكّل 46% من سكان العالم بعد أن كان يضم 42%.
ارسال التعليق