رؤية السعودية 2030 تحولت إلى سراب
تواجه “رؤية السعودية 2030”، لولي العهد “محمد بن سلمان” والهادفة لتقليص اعتماد اقتصاد المملكة على النفط، المزيد من العقبات بعد أن جرد الملك المشروع من ركيزته الأساسية. وفي الوقت نفسه أصبحت البلاد أكثر استبداداً وقمعاً، ويدفع الانزلاق نحو مزيد من القمع رؤوس الأموال إلى الهروب.
وقال موقع المونيتور الإخباري إن محور الخطة الطموحة كان هو الاكتتاب العام في شركة “أرامكو”، شركة النفط الوطنية، للمستثمرين الخارجيين. وكان من المقرر طرح 5٪ من الشركة مبدئياً، في اكتتاب عام أولي. وقد قدر ولي العهد أن تبلغ قيمة الشركة 2 تريليون دولار، الأمر الذي كان من المقرر أن يخلق أكبر اكتتاب في العالم بقيمة تبلغ 100 مليار دولار. وأضاف الموقع إنه منذ البداية، كانت هناك مشاكل خطيرة في الخطة، وكانت قيمة الشركة مبالغاً فيها إلى حد كبير. وكانت هناك صعوبات أيضاً في العثور على بورصة مناسبة للإدراج. وضغط الرئيس “دونالد ترامب” على السعوديين لاختيار “نيويورك”، لكن كان هناك احتمال بأن يعرض إدراج الاكتتاب العام في نيوروك أسهم الشركة لخطر الاستيلاء عليها بسبب المحاكمات التي تتهم السعودية بالضلوع في هجمات 11 سبتمبر. ولقد تم الابتعاد عن بورصة “لندن” بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مستقبل القطاع المصرفي البريطاني.
وأوضح الموقع الاخباري أن منتقدي الخطة بالداخل قالوا إنها ستضع أكبر رصيد للأمة في أيدي الأجانب، ما سيؤدي إلى عكس “السعودة” في صناعة النفط. وقال منتقدون آخرون إن الصفقة ستجبر الحكومة على فتح حساباتها وكشف نصيب العائلة المالكة من أرباح الشركة.
وقال إن حملة ولي العهد السعودي المزعومة ضد الفساد في نوفمبر، والتي احتجز فيها المئات من السعوديين البارزين بمن فيهم أفراد من العائلة حيث تم إجبارهم على تسليم أصولهم إلى الحكومة، أضافت صعوبات أخرى. ودللت الحملة على عدم وجود إجراءات قانونية ملزمة أو سيادة للقانون في المملكة، الأمر الذي لا يشجع الاستثمار الأجنبي. كما أثار ذلك هروباً لرؤوس أموال كبيرة؛ حيث سعى الأثرياء لحماية أصولهم بنقلها للخارج. وقال أحد التقديرات الرسمية إن ما يقرب من 150 مليار دولار من رأس المال قد غادر المملكة في العامين الماضيين.
وأوضح موقع المونيتور أنه مع أفول المكون الاقتصادي لـ “رؤية 2030”، أصبحت عملية الإصلاح الاجتماعي أكثر أهمية. وكان السماح للنساء بالقيادة هو الإنجاز المميز لخطة الإصلاح الاجتماعي، ولكن تم تدمير فوائده بسبب اعتقال الحكومة للعديد من المدافعات عن الإصلاح وحقوق المرأة. وتوضح الاعتقالات حساسية النظام الحادة لأي نوع من المعارضة في الداخل أو النقد من الخارج.
وأكد الموقع أن الاعتقالات التعسفية في الخريف الماضي، وفي صفوف النساء الآن، تعد جزءاً من اتجاه أوسع من السلطوية والقمع في المملكة. وكانت المملكة العربية السعودية دوماً ملكية مطلقة تخنق المعارضة، ولا تمنح الحرية للتجمع أو الحديث، وكانت عمليات الإعدام في الميادين العامة سمة رئيسية للحياة السعودية. وقال إن القمع يزداد سوءاً، وكانت الاضطرابات التي شهدها العام الماضي غير مسبوقة في التاريخ السعودي حيث زادت وتيرة الاعتقالات وأصبحت عمليات الإعدام العامة أكثر تواتراً. وأوضح أن حرب اليمن تضيف إلى الضغوط على القصر الملكي. وكانت الحرب هي المبادرة الأولى في السياسة الخارجية التي حملت توقيع ولي العهد، وقد أصبحت مستنقعاً باهظ التكلفة لا نهاية له في الأفق. وتسبب الحرب انتقادات واسعة الانتشار في العالم الإسلامي والغرب، ومن المرجح أن هناك انتقادات متزايدة للحرب داخل المملكة أيضاً. وكان سحب الطلاب السعوديين من كندا اضطراباً آخر. وكانت “أوتاوا” قد دعت إلى الإفراج عن بعض الناشطات السعوديات، واستجابت الرياض بنوبة غضب زادت من تثبيط الثقة في القرار السعودي.
وعلقت عدة دول أوروبية مبيعات الأسلحة إلى المملكة بسبب الحرب اليمنية. وانضمت أسبانيا مؤخراً إلى ألمانيا والنرويج وبلجيكا في وقف عمليات نقل الأسلحة إلى السعودية، ويتزايد عداء الكونجرس لنقل الأسلحة إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. ولا تزال رؤية 2030 هي الخطة الحكومية التي يرتكز عليها كل شيء. وتحظى إصلاحاتها الاجتماعية، بما في ذلك السماح بقيادة النساء، وفتح دور السينما والمرافق الترفيهية، بشعبية كبيرة. لكن هذا لن يقلل من الاعتماد الاقتصادي للبلاد على النفط، وهو ما يحوّل هذه الرؤية إلى سراب.
ارسال التعليق