رغم القلق الدولي.. أين وصلت مملكة آل سعود في مفاعلها النووي؟
التغيير
على الرغم من اعتماد مملكة آل سعود على الحليف الأمريكي في تحقيق التوازن الاستراتيجي، عبر الصداقة القوية وشراء جميع أنواع الأسلحة الدفاعية والهجومية، فإن امتلاك السلاح النووي يبدو أنه هدف تريد من خلاله جر المنطقة إلى سباق تسلح نووي.
الموقف الأمريكي
المثير في موضوع البرنامج النووي للرياض أنه رغم العلاقة الأمريكية مع مملكة آل سعود قوية فإن واشنطن لا تعطي قراراً جدياً في امتلاك المملكة للطاقة النووية، رغم أنها ساهمت في تشكيل مفاعلات نووية بعدة دول من أجل مواجهة دول أخرى (أو لم تكن تمانع بامتلاكه)، ثم فرضت عقوبات على تلك الدول.
وكالة بلومبيرغ الأمريكية قالت، منتصف 2019، إن مملكة آل سعود قاربت على الانتهاء من بناء أول مفاعل نووي؛ إذ أظهرت صور الأقمار الصناعية المنشأة الجديدة في جنوب غربي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
والخشية المعلنة من قبل واشنطن بهذا الخصوص هو أن الرياض لم توقع بعد على الإطار الدولي للقواعد التي تتبعها القوى النووية الأخرى لضمان عدم استخدام البرامج النووية.
والعمل في البرنامج النووي السعودي، الذي يخضع بالفعل للتحقيق الأمريكي، قد يواجه تأخيراً؛ لأن المملكة لم تتبنَّ بعد قواعد المراقبة الدولية اللازمة قبل أن تتمكن من توليد الطاقة.
لكن في المقابل كشفت وكالة "رويترز"، في مارس عام 2019، وثائق تشير إلى تورط إدارة الرئيس دونالد ترامب في إبرام صفقة سرية تساهم في بناء محطتين نوويتين على الأقل.
ومع ظهور ضغوط من الكونغرس الأمريكي يظهر أن هناك خلافات بين المؤسسات الأمريكية بما يخص "مشروع النووي السعودي"، حيث يرى المشروعون الأمريكيون أن مشاركة تكنولوجيا نووية مع مملكة آل سعود في نهاية المطاف ستؤدي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.
"يورانيوم صيني"
وتظهر جدية مملكة آل سعود بالحصول على طاقة نووية في بحثها عن دول أخرى تمكنها من امتلاكها بشكل سريع ودون عقبات المؤسسات الأمريكية وبيروقراطيتها في تتبع كل ملف، لذلك كانت وجهتها نحو الصين.
الاستخبارات الأمريكية تفحصت "بقلق" الجهود التي تبذلها مملكة آل سعود عبر تعاونها مع الصين لإنتاج الوقود النووي، والذي سيمكنها من تطوير أسلحة نووية، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في (6 أغسطس 2020).
الصحيفة الأمريكية أكّدت وجود منشأة سعودية جديدة قرب الرياض يشتبه في أنها منشأة نووية، ناقلة عن مسؤولين أمريكيين شعوراً بالاطمئنان، قائلين إن التقييمات تشير إلى أن الجهود النووية لمملكة آل سعود ما زالت في مرحلة مبكرة، وأن المملكة أمامها سنوات لو قررت تطوير برنامجها النووي لإنتاج رؤوس حربية نووية.
الموضوع سبق أن أثارته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، يوم (4 أغسطس 2020)، مؤكدة التعاون السعودي الصيني بما يخص مشروعها النووي.
الصحيفة أوردت تفاصيل من مسؤولين غربيين بينوا أن مملكة آل سعود شيدت، بمساعدة شركتين صينيتين، منشأة لاستخراج ما يعرف بـ"كعكة اليورانيوم الصفراء" التي تُستخدم وقوداً للمفاعلات، مؤكدة أن هذه الخطوة مهمة للمملكة في إطار امتلاك التكنولوجيا النووية.
والمنشأة الجديدة التي لم يُكشف عنها تقع في بلدة "العلا" النائية في شمال غربي مملكة آل سعود، ذات الكثافة السكانية المنخفضة، وأثارت مخاوف بين المسؤولين الأمريكيين من أن البرنامج النووي الناشئ للمملكة يمضي قدماً، وأن الرياض تبقي خيار التطوير مفتوحاً.
المشروع النووي السعودي
لم تفكر مملكة آل سعود في بناء مفاعلات نووية إلا مؤخراً بشكل جدي، وإن كان الهدف المعلن عنه هو أنها سلمية من أجل إنتاج الطاقة الكهربائية، مع أن المملكة كانت قد ذكرت على لسان أكثر من مسؤول أنه إذا امتلكت إيران أسلحة نووية فإن مملكة آل سعود سوف تمتلك أسلحة نووية.
لكن إيران بدأت بمشروعها قديماً، وأصبح لديها باع طويل في المجال، رغم العقوبات المفروضة عليها، في حين أن مملكة آل سعود بدأت بإثارة الموضوع في العقد الماضي، ولا يوجد أي مفاعل نووي جاهز حتى الآن.
وفي عام 2003 بينت مصادر أن مملكة آل سعود تملك ثلاثة خيارات حول الأسلحة النووية؛ الأول أن تتحالف مع دولة تملك أسلحة نووية لكي تحميها، الخيار الثاني التخلص من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، والخيار الثالث امتلاك برنامج نووي سعودي.
موقع "الأمن العالمي" ذكر، عام 2003، أن باكستان قد دخلت في اتفاق سري مع مملكة آل سعود بشأن التعاون النووي مقابل حصولها على النفط الرخيص.
وفي مارس 2006 تداولت وسائل إعلام ألمانية أن مملكة آل سعود تلقت صواريخ نووية من باكستان، حيث عُرضت صور للأقمار الصناعية تكشف عن مدينة تحت الأرض في مدينة السليل جنوبي العاصمة الرياض تحتوي على صواريخ نووية، إلا أن الرياض وإسلام آباد نفتا الموضوع كلياً.
ويظهر أن تلك الأنباء لم تصح؛ لأن المملكة سعت فيما بعد لتوقيع مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة عام 2008 لبناء برنامج نووي مدني، ويكون جزءاً من برنامج "الذرة من أجل السلام".
السعي السعودي وراء الطاقة النووية حملها إلى الصين، حيث وقعت اتفاقاً للتعاون المشترك معها عام 2012، والاتفاق يمهّد الطريق لتعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي والاقتصادي بين البلدين مع التركيز على مجالات مثل صيانة وتطوير محطات الطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث وكذلك مكونات الوقود النووي.
الرياض بحثت عن شركاء آخرين مثل كوريا الجنوبية، الفاعلة بقوة بهذا المجال، فوقعت معها اتفاقاً عام 2015 لبناء مفاعلين نوويين بقيمة مليارَي دولار، ومدتها 20 سنة، وستملك المملكة 16 مفاعلاً نووياً بحلول عام 2030.
ولم تكتف مملكة آل سعود بذلك؛ حيث عقدت عام 2015 اتفاقاً مع روسيا أيضاً لبناء 16 مفاعلاً نووياً من أجل الاستخدام السلمي للطاقة، يكون لموسكو الدور الأكبر في بنائها وتشغيلها وتطويرها.
ارسال التعليق