سعود القحطاني تفاخر بتعذيب معتقلي الريتز وتعليقهم من أرجلهم
قبل عام من الآن تحوّل فندق الريتز كارلتون الفخم، ذو الواحة الأنيقة، وأرضيته الرخامية، وبِركة السباحة الداخلية الواسعة، إلى سجن مذهب، عندما شنّ ولي العهد السعودي، محمّد بن سلمان، حملة على أفراد العائلة المالكة وأثرياء السعودية، وكبار المسؤولين الحكوميين. قيل للضيوف السجناء»، إنّ عليهم التوقيع على تنازلات كبيرة من أملاكهم، مُقابل إطلاق سراحهم.
وقالت شبكة «إن.بي.سي» الأمريكيّة إنّ الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين الذين اعتقلوا قبل سنة في فندق الريتز كارلتون بالرياض، تعرّضوا للتعذيب البدني والابتزاز. وأضافت الشبكة -اعتماداً على مصادر أمريكية- أن المعتقلين منعوا من النوم، وضُربوا أثناء استجوابهم ورؤوسهم مغطاة، وقد خضع 17 منهم للعلاج. وأشارت إلى أن معتقلاً واحداً هو الجنرال علي القحطاني الذي كان من أكبر مساعدي الأمير تركي بن عبد الله توفي أثناء اعتقاله، وأن السلطات السعودية لم تقدّم حتى الآن تفسيراً لهذه الوفاة. وأوضحت «أن.بي.سي» أن اعتقالات الريتز كارلتون اكتست أهمية أكبر بعد سنة؛ نتيجة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي. وذكرت الشبكة - اعتماداً على تصريح مسؤول أمريكي سابق- أن تغريدات الرئيس دونالد ترامب التي بدا فيها داعماً للاعتقالات في الريتز كارلتون، تطرح أسئلة عما إذا كانت واشنطن قد ضيعت قبل سنة فرصة لتوضح لولي العهد السعودي أن عليه أن يخفف من إجراءاته السلطوية.
وقالت الشبكة الأمريكية نقلاً عن مسؤول أمريكي قوله عندما وافق الرئيس دونالد ترامب على حملة القمع التي شنّها ابن سلمان واحتجز بموجبها عشرات الأمراء ورجال الأعمال في فندق الريتز كارلتون، أثار ذلك تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن قد أضاعت فرصة للتوضيح لولي العهد أنه بحاجة إلى التخفيف من الإجراءات الاستبدادية وإلا فإنه يخاطر بردّ فعل أمريكي”. وأضاف مسؤول أمريكي سابق رفيع، كان في منصبه خلال تلك الحقبة من العام الماضي، إن الخطوة التي أقدم عليها ولي العهد السعودي، كانت “محاولة مضطربة لتوطيد القوة”. واعتبرت «إن بي سي» أن تلك العملية سمحت لـ”ابن سلمان” بتشديد قبضته وأرسلت موجة صادمة عبر نخب المملكة.
وقال أحد أفراد العائلة المالكة إن تلك العملية تم تنفيذها لإرسال رسالة واضحة إلى هؤلاء النخب مفادها أن ثروتهم ورفاهيتهم ستعتمد على ولي العهد وليس أي شخص أو شيء آخر في المملكة، وهو ما أزعج الكثيرين داخل العائلة. وأشارت إلى أنه بعد مرور عام، اكتسب هذا الحدث أهمية أكبر في أعقاب مقتل الصحفي والكاتب السعودي “جمال خاشقجي” داخل قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، في الثاني من الشهر الماضي. وقالت الشبكة: “إذا نجا ابن سلمان من تداعيات مقتل خاشقجي، فسيكون ذلك جزئياً بسبب ما فعله في فندق الريتز قبل عام، عندما سحق منافسيه وخصومه المحتملين، والذين كانوا من الممكن أن يلعبوا دوراً حاسماً هذه الأيام في الإطاحة به، بسبب تلك القضية التي أثرت على سمعة السعودية دولياً بشكل كبير”. وأوضحت أن حملة القمع تلك أثارت استياء واسعاً بين صفوف “آل سعود”، لهذا فمن المتوقّع أن يواجه ولي العهد مزيداً من المقاومة من خصومه الداخليين خلال الفترة المقبلة.
وأضافت إنه “ابن سلمان”، لا ينسى أن الملك السعودي “فيصل” قد قتل على يد ابن أخ غير شقيق في عام 1975، ولهذا فإن ولي العهد يكرّس الانتباه إلى أمنه الشخصي، كما قال أحد ضباط المخابرات الأمريكية السابقين للشبكة. وألقت “إن بي سي” الضوء على بعض ما حدث داخل فندق الريتز كارلتون قبل عام، ناقلة عن مسؤول استخباراتي أمريكي قوله إن المحتجزين تعرضوا للإيذاء والتعذيب النفسي والبدني، واستشهدت بما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” بأن المحتجزين حرموا من النوم لفترة، وتم ضرب بعضهم خلال استجوابه بقسوة، وبسبب ذلك نقل 17 منهم إلى المستشفى. وقالت إن أحد المحتجزين من العسكريين السابقين، وهو اللواء “علي القحطاني” توفي خلال احتجازه، ولم تقدم السلطات السعودية حتى الآن تفسيراً لهذا الأمر، رغم أنه كان أحد أكبر مساعدي الأمير “تركي بن عبدالله”.
وأشارت إلى أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أيد الحملة التي شنّها ولي العهد بعد يومين من حدوثها عبر تغريدة على حسابه بـ”تويتر”. وأوردت على لسان مسؤول أمريكي سابق قوله إن تلك الحملة كانت يجب أن تشير إلى ضوء تحذيري للأمريكيين مما يفعله “ابن سلمان”. وأوضحت الشبكة أن من بين المحتجزين في الريتز كارلتون كان الأمير “الوليد بن طلال”.
وقالت إن رجل أعمال كندياً يدعى “آلان بيندر”، كان على علاقة بالعائلة المالكة السعودية، وكان يضغط على “الوليد بن طلال” لدفع تعويض لإحدى زوجاته السابقات والتي تضررت من معاملته، قال إنه تم إحضاره إلى الرياض، بعد أيام من احتجاز “الوليد” للشهادة ضده. وقال “بيندر” إنه فعل ذلك عبر تقنية الفيديو كونفرانس، حيث قرأ صحيفة الادعاءات، بينما جلس “الوليد” في مكان غير معلوم على الطرف الآخر من دردشة الفيديو. وأضاف إن “الوليد” كان في غرفة تشبه زنزانة سجن بدلاً من جناح فندقي، وأنه بدا وكأنه في حالة صعبة، ومرهق، وغير حليق، ورث الهيئة. وأكّد “بيندر” أن أحد أقرب معاوني ولي العهد السعودي، وهو “سعود القحطاني” تفاخر أمامه بأنه تم صفع بعض المحتجزين، وتعليقهم رأساً على عقب. وقالت إنه تمّ أخيراً إطلاق سراح الوليد بعد 83 يوماً، حيث بدا ناقص الوزن، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرج”، وأصر على أنه لم يتعرض لسوء المعاملة، وأنه هو والحكومة السعودية توصلوا إلى اتفاق. وأشارت إلى أنه بعد إخلاء الريتز، هناك من تم إطلاق سراحه على أن يخضع للإقامة الجبرية في منزله، عبر ارتداء أساور إلكترونية في كواحلهم لمراقبتهم، وآخرين نقلوا إلى سجن الحائر بالرياض. وكان من بين المفرج عنهم، الأمير “متعب بن عبدالله”، قائد الحرس الوطني السعودي، والذي يبلغ قوامه 100 ألف ويهتم بحماية العائلة المالكة، بينما ظل شقيقه “تركي بن عبدالله”، رهن الاحتجاز. وأوضحت أن السلطات السعودية قالت إنها جنت 106 مليارات دولار من الحملة على الفساد هذه، لكن ليس من الواضح هل تلك الحصيلة على شكل نقود، أم أصول وعقارات وأملاك، قد تستغرق شهوراً أو سنوات لنقلها وتسييلها. ولفتت “إن بي سي” إلى خطورة ما أحدثته تلك الحملة على مستقبل الاستثمار الأجنبي بالسعودية، ناقلة عن “فيليب كورنيل”، وهو زميل بارز في مجلس الخبراء بالمجلس الأطلنطي، قوله إن الرسالة التي وصلت للمستثمرين هي أنه إذا وصلت إلى الجانب الخاطئ من هذا الرجل “ابن سلمان”، فإن استثماراتك وصفقتك قد تكون في خطر، وهذه رسالة تقشعر لها الأبدان.
ارسال التعليق