شبكة متعددة الجنسيات وراء مهرّب الكبتاغون السعودي
قبل نحو أسبوعين، أوقفت القوى الأمنية اللبنانية السعودي عادل بن جفران بن غازي الشمري في مطار بيروت الدولي أثناء محاولته تهريب أكثر من 18 كغ من الكبتاغون إلى الكويت. مصادر أمنية لبنانية إعترافات الشمري، الذي جاء إلى لبنان في مهمة محددة لأقل من 24 ساعة، والمهمة تتمثل في نقل الكبتاغون المضبوط بحوزته إلى الكويت.
بحسب المصادر، وصل الموقوف السعودي إلى بيروت في 28 من الشهر الماضي، وانتقل إلى شقة للمدعوة تمارا في ذوق مصبح حيث بات ليلته وفجر اليوم التالي وضبا الكبتاغون في أكياس كرتونية داخل حقيبتي سفر، ثم توجه الشمري عند الساعة السادسة والنصف صباحا إلى المطار ظنّاً منه أن صفته الأمنية ستحول دون تفتيشه وستسمح له بالانتقال بسلامة إلى الكويت.
يذكر أن الموقوف السعودي شرطي يخدم في وزارة الداخلية الكويتية، وتحديدا في مكتب الوزير أحمد نواف الأحمد . وأشارت المصادر إلى أن توقيف الشمري أماط اللثام عن شبكة تهريب كبتاغون متعددة الجنسيات، حيث إلى جانب الموقوف السعودي تم توقيف امرأة أردنية وشخصا عراقيا.
وبعد انتهاء التحقيقات مع الثلاثة في مكتب مكافحة المخدرات المركزي، حيث جرى تعميم بلاغات انتربول بجرم تهريب الكبتاغون بحق خمسة متورطين بالعملية : السعودي نايف الظفيري والكويتي فيصل الشمري والعراقيان بركات الكعود وهبة العلواني، واللبناني هيثم مأمون جعفر.
وسبق للأمن اللبناني أن القبض على أمير سعودي في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، يوم 26 أكتوبر 2015 وحولته إلى القضاء بتهمة تهريب مخدرات.
وتعد هذه سابقة لم يسق بها مثيل في لبنان.
والأمير المعتقل هو عبدالمحسن بن وليد بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود هو ابن حفيد مؤسّس مملكة آل سعود، وابن أخ أمير حائل وعضو هيئة البيعة سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز.
وكان الأمير السعودي يهم بركوب طائرته الخاصة في طريقه إلى السعودية.
وكان برفقة الأمير 4 أشخاص، ومعهم 24 طردا و8 حقائب سفر كبيرة، تراوح وزن كل منها بين 40 كيلوجرام و60 كيلوجرام.
وأظهرت صور بثت وسائل الإعلام اللبنانية الطرود وعليها ملصقا تعريفيا يحمل عبارة "خاص صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمحسن بن وليد آل سعود".
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية اللبنانية قالت إن حبوب الكبتاغون، المضبوطة وضعت في 40 حقيبة على متن الطائرة التي كانت ستقلع إلى المملكة العربية السعودية.
ووصفت الوكالة هذه العملية بأنها "أكبر عملية تهريب يتم إحباطها في مطار بيروت الدولي".
تقول التقارير الصحفية اللبنانية إن أمن مطار رفيق الحريري طلبوا تفتيش الطرود، بيد أن كبير مرافقي الأمير رفض قائلا "ألا ترى المكتوب عليها؟ هذه أغراض خاصة لطويل العمر لا تُفتّش".
لكن الأمن أصر على تفتيش الطرود.
وكانت المفاجأة "نحو طنين من حبوب الكبتاجون في أكياس أفرغ منها الهواء، وحملت شعار موحّد لنوع خاص من هذه الحبوب المخدرة معروف باسم "زينيا"، وهو أجود الأنواع"، وفقا لصحيفة السفير اللبنانية.
إذا، إنها "مملكة الكبتاغون " بدرجة امتياز. وصفٌ ينطبق على "السعودية " وتثبته الأرقام والإحصاءات، حيث تنافس "المملكة " الأسواق العالمية بتجارة الكبتاغون.
بحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تستهلك "السعودية " ثلث الإنتاج العالمي من حبوب الكبتاغون.
وتصنف الأمم المتحدة "السعودية " على أنها أكبر مستهلك للمنشطات غير القانونية في المنطقة، وأن أكثر المنشطات انتشارًا فيها هو الكبتاجون.
عند البحث في الأرقام الواردة في المصادر "السعودية "، يتضح أن الرياض تصادر ما يقارب 60 مليون قرص من الكبتاجون في العام الواحد.
وبحسب مسؤولين في داخلية "المملكة "، فإن ما يتم ضبطه يعادل 10 بالمائة فقط من إجمالي الاستهلاك في السوق "السعودي ".
وتشير بيانات التقرير العالمي للمخدرات لعام 2020، إلى تصدّر "السعودية " قائمة الدول الأكثر استهلاكًا للمخدرات عربيًا، أما عالميًا فهي في المرتبة الرابعة بعد الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك وتايلاند.
وفي اعتراف سابق، كشف مدير مكافحة المخدرات والشؤون الوقائية في "السعودية " أن غالبية متعاطي المخدرات في المملكة يقعون في الفئة العمرية 12-22 سنة ، ويعتمد ما يقرب من 40 في المائة منهم على مواد لملء الفراغ.
وفي حين أن "السعودية " لديها معدل استخدام هائل، إلا أنها ليست الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تشهد تزايدًا سريعًا في معدل استخدام الأمفيتامين (المادة التي يصنع منها الكبتاجون)، فكل عام تقوم الإمارات بضبط حوالي 4 ملايين كبسولة كبتاجون، والمعدل الفعلي الذي يتم استيراده ربما يكون أعلى بكثير.
يذكر أن مجلة“ فورين بوليسي” الأميركية صنفت "السعودية " كعاصمة للمخدرات في الشرق الاوسط، وقالت المجلة إن ثلاث عمليات ضبط متتالية للمخدرات خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 كشفت عن حجم مشكلة المخدرات فيها.
وأشارت المجلة إلى أن الحكومة السورية صادرت، في بادرة تعاون نادرة، أكثر من 500 كيلوغرام من الأمفيتامينات المسببة للإدمان المعروفة باسم الكبتاغون، والتي كانت مخبأة في شحنة معكرونة متجهة إلى العاصمة الرياض.
بعد أيام قليلة، صادرت السلطات "السعودية " أكثر من 30 مليون حبة من المواد المخدرة مخبأة في الهيل المستورد.. ثم، في منتصف كانون الأول / ديسمبر الجاري، أحبطت قوى الأمن الداخلي اللبنانية محاولة تهريب أربعة ملايين حبة كبتاغون إلى الرياض عبر الأردن، كانت مخبأة في أكياس القهوة.
وهذه الكميات من المخدرات وخاصة “الكبتاجون” يتم إنتاجها بكميات كبيرة في المنطقة لتلبية الطلب "السعودي " حيث أصبحت "المملكة " سوقاً مربحة لتجار المخدرات وظهرت كعاصمة لاستهلاك المخدرات في المنطقة.
يؤكد مكتب الأمم المتحدة (UNODC) المعني بالمخدرات والجريمة، بإن أكثر من نصف جميع كميات الكبتاغون التي تم ضبطها في الشرق الأوسط بين عامي 2015 و2019، كان في "السعودية ".
وبالتماهي مع الاتهامات الأميركية والإسرائيلية لحزب الله الشيعي بالتورط في تجارة المخدرات والجريمة المنظمة لتمويل "أنشطته الإرهابية "، تصرّ "السعودية " على توجيه أصابع الاتهام للحزب لدى اكتشاف كل محاولة تهريب حبوب مخدّرة إلى أراضيها، واستخدامها لتضييق الحصار على لبنان.
العام الماضي، أحبطت شعبة مكافحة المخدرات اللبنانية في مديرية الجمارك عشرات عمليات التهريب. في الرابع من كانون الثاني الماضي، ضبطت في مرفأ بيروت مليون حبة كبتاغون مخبأة داخل عبوات شحم وزيت للسيارات معدة للتصدير إلى كينيا. وبعد أربعة أيام ضُبطت، في المرفأ، أكثر من 8 ملايين حبة كبتاغون معدة للتصدير إلى ليبيا، وفي الشهر نفسه أحبطت الشعبة تهريب عشرة ملايين حبة كبتاغون مخبأة داخل آلات لقصّ الرخام، و400 ألف حبة كبتاغون مخبأة داخل أشجار الزيتون معدّة للتصدير إلى سيريلانكا، ونحو مليون حبة موضبة داخل قطع غيار للجرافات معدة للتصدير إلى "السعودية ". وفي شباط، ضُبط في مكتب الطرود البريدية في المطار 40 ألف حبة كبتاغون كانت وجهتها السعودية. وفي آذار، أُحبط تهريب نصف مليون حبة كبتاغون داخل أثاث منزلي وملايين من الحبوب المخدرة مخبأة داخل مضخّات مياه معدة للتصدير إلى السعودية. كما ضُبطت في المرفأ شحنة كبتاغون ومواد أولية تستخدم في تصنيعها مخبأة في أرضية شاحنة للتصدير إلى جيبوتي، وشُحنة أخرى موضبة داخل "طبالي " خشبية في طريقها إلى ليبيا.
مبالغة المسؤولين اللبنانيين في تظهير هذه العمليات والتودد "للسعودية " قابلتها الأخيرة بجحود. فلم تنوّه في أي مرة بجهود الأجهزة الأمنية اللبنانية، والأهم أنها لم تعترف علناً، أبداً، بأنّ ضبط معظم شحنات الكبتاغون داخل أراضيها كان بناء على معلومات زوّدت بها الأجهزة الأمنية اللبنانية نظيرتها "السعودية "، وعملت على استغلال هذه العمليات سياسياً لتشديد حصارها على لبنان رغم أن عدداً لا يستهان به من عمليات التهريب التي أُحبطت مصدرها الأردن وتركيا.
كل هذه العمليات أُوقف فيها متورطون في عمليات التهريب والتصنيع لم تثبت علاقة لأي منهم بحزب الله. أما إقامة بعضهم في مناطق تصنّف بأنها خاضعة لنفوذ الحزب، أو ممن تربطهم صلات قربى ببعض مسؤوليه، فلا تعني تورطه، تماماً كما لا يعني تورّط عناصر أمنية رسمية في عمليات التهريب تورّطاً للدولة اللبنانية في هذه التجارة.
ارسال التعليق