شياطين العرب تعهدوا بتغطية تكلفة الحرب الوحشية على غزة
بقلم: يارا بليبل...
لا هدوء معلن أو مضمر. الوقت يمر، والأحداث تستمر في التصاعد ولا ثبات على رقم لناحية الشهداء، إن كنا سنرضخ لمبدأ التعداد.
منذ اليوم الأول لانطلاق عملية طوفان الأقصى، بدا واضحا "الفتور" السعودي تجاه الحدث-القنبلة في مستوطنات شمال غزة، ليتبعها مسار مشابه في ما تلا العملية من أيام عجاف مستمرة على أبناء قطاع غزة المحاصر.
وفي هذا الإطار، اعتبر عضو الهيئة القيادية في "لقاء" المعارضة بالجزيرة العربية الدكتور فؤاد إبراهيم "أننا أمام مفصل تاريخي بالغ الدقة، والقول بأن ما قبل السابع من تشرين ليس كما قبله هو دقيق لجهة التداعيات الكبرى والجوهرية التي سوف تتركها على الواقع السياسي الاقليمي والدولي".
ورأى أن "ما تخفيه صور الدماء والدمار الذي يغمر المشهد الإعلامي يمثل محاولة يائسة من الكيان الصهيوني والقوى الغربية الداعمة له لإبطاء وتيرة التحوّلات المفصلية التي سوف تشهدها المنطقة بعد أن أخضع طوفان الأقصى الأطراف كافة الحليف والعدو لامتحان إرادات وانحيازات".
نفى الكاتب السياسي فرضية أن يكون الوضع قريب من "نهاية سريعة لجولات المواجهة، ليس لأن الكيان الصهيوني يحاول عاجزًا ترميم هيبة لن تعود، أو ردع بات في حكم المستحيل، ولكن لأن معادلات المنطقة والعالم تشي بانزياح لطبقات أساسية يتكأ عليها النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب، وأنّ ثمة تغييرات جيوسياسية وجيواستراتيجية في طريقها الى التبلوّر تمهيدًا لاعادة تشكيل العالم في المرحلة المقبلة."
ولناحية الموقف السعودي من مجريات الأحداث في غزة والإقليم، أكد المعارض السياسي على أن "الرهان الذي بنى عليه محمد بن سلمان مستقبله السياسي كان على النقيض مع عملية طوفان الأقصى، ولذلك تبنى في الظاهر موقف المتفرّج ريثما تنجلي غبرة الجرائم الصهيونية والنتائج التي يأمل تحقيقها على يد حليفه المأمول، نتنياهو، عبر سلاسل المجازر التي تقوم بها الطائرات الحربية الصهونية".
وكشف إبراهيم أنه " في المعلومات، محمد بن سلمان تعهّد مع رئيس الامارات محمد بن زايد تغطية كلفة العدوان على غزة، وإن دفعات السلاح الأميركي الذي كان يشحن الى الكيان الصهيوني من دون المرور عبر الكونغرس للموافقة هي مدفوعة الثمن سعوديًا وإماراتيًا. وللأسف أن الأردن كانت محطة تفريغ لشحنات الأسلحة الأميركية منذ اليوم الأول لعدوان على القطاع".
إبن سلمان يحمّل فشل مشروع التطبيع لإيران..ولكن:
وفي تطرقه إلى ملف التطبيع بين الرياض وتل أبيب أعرب الدكتور إبراهيم عن اعتقاده بأن تكون "واحدة من أهداف عملية طوفان الأقصى تتمثل في إفشال مشروع التطبيع أو على الأقل تعطيله لأمد من الزمن.
وقد فهم محمد بن سلمان ذلك جيدًا، وقد حمّل إيران مسؤولية هذه العملية بهدف تعطيل مشروعه في المنطقة الذي يبدأ بالتطبيع ويتّصل بمشروع الممر الاقتصادي الواصل بين الهند مرورَا بالشرق الأوسط وأوروبا. بل أكثر من ذلك، محمد بن سلمان ينظر الى عملية طوفان الأقصى بأنها عملية مصمّمة ضده شخصيًا، ولهذا السبب هو يحرّض على "اجتثاث" حماس لسببين: أولًا انضوائها ضمن مظلة الإخوان المسلمين من الناحية الحركية، والثاني تخريبها لمشروعه التطبيعي، الذي يعوّل عليه في الحصول على ضمانة أميركية بحماية عرشه وتوقيع اتفاقية دفاع بشروط استثنائية خاصة له".
تركي الفيصل يصرح بما يشبهه:
وفي سياق منفصل، عرّج القيادي في "اللقاء" على تصريحات تركي الفيصل الأخيرة خلال مؤتمر بيكر والتي أدن الأخير فيها "حماس" لقتلها المدنيين فوضعها إبراهيم في إطار" الغير مستغربة، فهو يقود منذ سنوات مسارًا تطبيعيًا مع الكيان الصهيوني من خلال لقائاته مع مسؤولين صهاينة على مستويات عليا سواء في مؤتمر الأمن في ألمانيا أو في ندوات مشتركة، بل ولطالما أجرى مقابلات صحفية وكتب وصرّح للصحف الاسرائيلية وجميعها تدور حول التطبيع، حتى أنه تحدّث عن التكامل العربي الإسرائيلي، بأن تقدم اسرائيل المال والعرب العقول".
وذكر أن رئيس الاستخبارات السعودي السابق أنه "وفي مقالته لصحيفة هآرتس الاسرائيلية في يوليو /تموز 2014 عبّر عن حلمه بأن يحلق بطائرته من الرياض الى فلسطين المحتلة، وأن يأتي الاسرائيليون الى الرياض للمشاركة "في مؤتمرات تساهم في حل مشاكل الملوحة التي تشكل تحديًا لنا في المنطقة".
ولفت أن" الفيصل حقق كل ما حلم به، فالاسرائيليون باتوا يشاركون في مؤتمرات ترعاها الرياض، فيما الطائرات تعبر أجواء الجزيرة العربية، وقد حطّت طائرات اسرائيلية في مطارات المملكة..وكل ذلك يحصل والسعودية لا تزال لم تدخل في مرحلة التطبيع الرسمي".
أما مواقف تركي الفيصل حيال قتل المدنيين في قطاع غزّة، فرأى المعارض السياسي أن "أقل ما يقال عنه بأنه وقاحة وعدم حياء، وليس بغريب عليه، فهو يضع نفسه في كل موقف شاذ، كما شهدنا له موقفً مماثلًا في مؤتمر لمنظمة مجاهدي خلق الإرهابية في باريس وكان داعمًا رئيسًا لها بالمال والموقف السياسي.
فقد سبق غيره من أمراء آل سعود في بيع المواقف الى الصهاينة والتطبيع العلني معهم، ومن هذه حاله لا نتوقع منه سوى الخيانة والطعن في الظهر والغدر".
وعن فصام المشهد الداخلي السعودي عن مجمل الأحداث التي تمر بها المنطقة، وإعلان تركي آل الشيخ لرعايته حفلات غنائية وألعاب مصارعة. لفت الدكتور فؤاد إبراهيم إلى أن الأمر لا يقتصر على " مجرد حالة إنكار يمارسها تركي آل الشيخ إزاء ما يجري في قطاع غزّة".
وأكد أن آل الشيخ " يعكس سياسة ولاة أمره في إبعاد القضية الفلسطينية من جدول اهتمامات المجتمع والدولة معًا لأن حضورها يعني التزامًا أخلاقيًا وقانونيًا وسياسيًا واقتصاديًا وهذا ما لا يريده محمد بن سلمان. بل على العكس، يرى الأخير مصلحته في التماهي مع المشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة".
وتابع "إن سياسة الإلهاء مصمّمة في أحد مساراتها لتضييع القضايا الكبرى للأمة وحصر أولويات الناس في الترفيه واللهو والتسلية، لأنه بذلك يضمن خضوع الشعب لسلطته، وبقائه في سدّة العرش لعقود قادمة".
الوجود السعودي على المحك:
وعن دور النظام السعودي في أي حرب قادمة أكد القيادي في "لقاء" المعارضة على أن "أي حرب إقليمية سوف تكون السعودية فيها خاسرة خسارة مؤكّدة، وقد تنتهي الى تفكيكها، لأنها حرب معادلات وليست مجرد حرب عابرة".
وأضاف "إن اخفاق النظام السعودي في حساب العواقب وتقدير التداعيات التي يمكن أن تنتهي اليها الحرب في حال وقوعها يكون قد غامر بمصير كيانه، لأنه ساعئتذ يكون في قلب المعركة ومن أطرافها المباشرين".
وختم الدكتور فؤاد إبراهيم بالقول "الخطأ في الحسابات لا يقتصر على مجرد الحياد السلبي، لأنّ الحرب سوف تقحم الجميع في أتونها، ولا النأي بالنفس لفظيًا، فهي شريك كامل في أي حرب مقبلة، وعليها أن تتصرف بوحي من مصلحتها الاستراتيجية وليس الآنية.
أما إذا اختارت السعودية أن تكون طرفًا علنيًا في الحرب الى جانب المعسكر الآخر، فحينئذ تكون قد وضعت وجودها على المحك".
ارسال التعليق