ضربة لأرامكو قد تكون أقوى من ضربة الحوثيين
ذكرت وكالة "بلومبرغ" أن أرامكو السعودية تستعد لطرح اكتتاب عام جديد. فهل هناك توقيت أسوأ من الوقت الحالي؟
كما نعرف جميعا، فقد توجهت أرامكو السعودية أولا نحو المستثمرين الغربيين، الذين أبدوا شكوكهم بشأن الشركة، ونتيجة لذلك قرر منظمو الاكتتاب طرح أسهم الشركة في السوق المحلية، بين المستثمرين عديمي الخبرة، إنهم المواطنون السعوديون العاديون.
وكما توقعت تماما، بعد نمو أسهم الشركة في أول يومين، بدأت أسهم أرامكو في الانخفاض، ثم الانخفاض المطرد لمدة شهرين، كما أشرت سابقا في مقال مؤرخ في 13 فبراير الماضي. إلى أن هذا الانخفاض يقوض قدرة أرامكو السعودية على إجراء طرح عام أولي جديد، ما يعني أن الشركة يمكن أن تحاول الحفاظ على قيمة أسهمها من خلال إعادة شراء الأسهم من السوق. وفي اليوم التالي للتداول، بالفعل قفز سعر سهم أرامكو، للمرة الأولى منذ شهرين، وبدأت الشركة صراعا يائسا مع السقوط.
في نفس الوقت ظهرت ضجة حول فيروس كورونا، الأمر الذي أدى إلى تفاقم مشكلات الاقتصاد العالمي، المنزلق تدريجيا نحو أزمة بمعزل عن فيروس كورونا. ومع ذلك، ففي الأسبوع الماضي، بدأ المستثمرون أخيرا استيعاب خطورة الموقف، وهوت البورصات العالمية لأسرع سقوط لها منذ الكساد الكبير عام 1929.
فمن 19-28 فبراير انخفض مؤشر S&P500 الأمريكي بنسبة 15%. وبين 20 فبراير و1 مارس، انخفضت أسعار النفط من خام برنت بنسبة 17% تقريبا. بينما بقيت أسعار أسهم شركة أرامكو السعودية في الفترة من 16 فبراير وحتى 2 مارس عقب بعض القفزات عند سعر 32.8 ريال للسهم الواحد.
ترى ما السر وراء سلوك أسهم أرامكو السعودية، وسط ذلك الانخفاض في سوق الأسهم، ومعها أسعار النفط إلى الهاوية؟
وهنا يكشف الستار عن خطط الاكتتاب العام الجديد الذي يوضح كل شيء.
يبدو أن الحكومة السعودية، وسط انخفاض أسعار النفط، تحتاج إلى المال لدرجة أنها تفكر في بيع أسهم أرامكو الآن في خضم كارثة مالية، بينما ينهار كل شيء. لن أندهش إذا بدأت أسعار أسهم شركة أرامكو في النمو على نحو غامض، على خلفية الرعب والانهيار العام، بما في ذلك المزيد من انخفاض أسعار النفط. فهناك، في حقيقة الأمر، من سينفق أموالا طائلة لشراء الأسهم من الأسواق.
لكن الاكتتاب الجديد، في ظل هذه الظروف، وفي خضم وباء ماض في الانتشار بلا حدود، وانهيار تدريجي في الاقتصاد العالمي، تتهدده عواقب وخيمة على أرامكو. وليس الفشل وحده هو ما يهدده، وإنما يمكن أن يضر ذلك بالمساهمين في الاكتتاب الأول، حيث أن العرض الفائض لأسهم الشركة على خلفية هروب المستثمرين العالميين إلى الملاذات الآمنة (السندات، الذهب) لا يمكن ألا يؤثر على أسهم الشركة.
إن انخفاض سعر الأسهم يعني انخفاضا في القيمة الإجمالية للشركة، وبالتالي انخفاض في القدرة على الحصول على قروض جديدة، وسداد خدمات القروض القديمة. ولا يمكن ألا يؤثر ذلك سلبيا على قدرة الحكومة السعودية في الحصول على قروض، وسعر هذه القروض.
باختصار، فإن أنباء طرح اكتتاب عام أولي جديد في مثل هذه الظروف تبدو وكأنها عمل تخريبي موجه ضد الدولة السعودية. لكن في ظل الأوقات غير المعتادة التي نعيشها، هل يمكن أن تقدم أرامكو على خطوة مفاجئة كهذه؟
ارسال التعليق