عبد الرحمن المطيري.. من هو السعودي الذي كاد يلقى مصير خاشقجي؟
التغيير
لا يمر يوم دون فضيحة جديدة تكشف الستار عن جرائم وانتهاكات يقوم بها النظام السعودي؛ في محاولة لإسكات الأصوات المعارضة التي تنتقد ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان، وسياسة حكمه للمملكة.
ولجأ آل سعود، خلال العامين الماضيين، إلى ملاحقة المعارضين الموجودين خارج البلاد، وعملت على اختراق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهواتفهم، كما اعتقلت أقارب عدد منهم للضغط عليهم للعودة إلى البلاد وتسليم أنفسهم.
وقد لا يعرف الكثير عن سعودي يدعى عبد الرحمن المطيري؛ بسبب انحسار شهرته على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن ما كان ينشره أغضب سلطات آل سعود، التي حاولت اختطافه على غرار ما حدث مع الصحفي الراحل جمال خاشقجي، لتؤكد هذه القضية مضي آل سعود في إسكات كل الأصوات المعارضة بجميع الطرق المتاحة لها.
محاولة اختطاف
في 24 يناير 2020، ذكر موقع أمريكي أن آل سعود حاولوا اختطاف الناشط عبد الرحمن المطيري من الولايات المتحدة.
ونقل موقع "ديلي بيست" عن مصادر أمريكية (لم يسمها) قولها: إن "الناشط عبد الرحمن المطيري يقول إن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) أنقذه من مصير جمال خاشقجي".
وذكر أنّ عميلاً مشتبهاً به في حكومة آل سعود حاول اختطاف المطيري، مشيراً إلى أنّه بعد استخدام المطيري وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان؛ على خلفية قتل خاشقجي وتقطيع جثته، رافق رجل مجهول الهوية والد الناقد السعودي على متن طائرة للوصول إلى المطيري وإعادته إلى السعودية رغماً عن إرادته.
وقال الشاب السعودي للموقع الأمريكي: "أدركت حكومة آل سعود أنني أشكّل تهديداً"، كاشفاً عن محنة كان يمكن أن تبلغ ذروتها بأزمة جديدة؛ خطف وتسليم منشق سعودي على الأراضي الأمريكية. وأضاف: "إذا عدت إلى السعودية فسأُقتل في المطار".
ولفت الموقع الأمريكي إلى أنّ المحققة كالامارد على اطلاع على قضية المطيري، على الرغم من عدم حديثها معه، إلا أنها تعتبر قصته ذات مصداقية، معتبرة أنّها تأتي كجزء من "اتجاه مشؤوم" لدى بن سلمان.
وتقول كالامارد: "إنّ هناك نمطاً لدى سلطات آل سعود، خصوصاً خلال العامين المنصرمين، يستهدف الأفراد -الأشخاص البارزين مع جمهور سعودي كبير- لأنهم ينتقدون بن سلمان أو الحكومة، أو حتّى ليس فقط بسبب ما يقولونه، بل ما لا يقولونه؛ إذا لم يكن داعماً للسطات بشكل كافٍ".
من هو المطيري؟عبد الرحمن المطيري، 27 عاماً، يقيم في ولاية كاليفورنيا، اشتهر على مواقع التواصل الاجتماعي بانتقاده المستمر للنظام السعودي ولولي عهد آل سعود بن سلمان على وجه الخصوص.
يملك المطيري على صفحاته في "يوتيوب" نحو 150 ألف مشترك، كما أن لديه في "إنستغرام" نحو 208 آلاف متابع.
درس المطيري في جامعة "سان دييغو" في المدينة التي تحمل ذات الاسم بالولايات المتحدة الأمريكية، في مجال "التسويق"، بمنحة من آل سعود، وقد ساعده هذا المجال في الترويج لصفحاته والوصول لكثير من المتابعين.
إلا أن انتقاداته أجبرته على ترك الجامعة؛ بعدما قطع آل سعود منحته الدراسية، وبدلته الشهرية البالغة 1800 دولار، وتأمينه الصحي، ما دفعه للعمل في أحد المطاعم من أجل الحصول على المسكن والمأكل.
استخدم المطيري الكثير من الفيديوهات التي صوّرها، خصوصاً بعد مقتل جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية في 2 أكتوبر 2018، من أجل انتقاد بن سلمان، والحث على الإصلاح داخل بلاده، وهو نوع من التحرر الذي يرفضه محمد بن سلمان.
تلقيه للتهديدات
نقلت وسائل إعلام أمريكية في وقت سابق عن المطيري قوله إنه يتلقى تهديدات مستمرة؛ منذ انتقاده لحادثة إخفاء وقتل الصحفي جمال خاشقجي وتقطيع جثته إرباً إرباً.
وقال: "تلقيت الكثير من التهديدات، وفي كثير من الأوقات عندما أعود إلى منزلي أجد رسائل تهديد، لكن لا أعلم من يرسلها؛ هل هم عملاء ل آل سعود أم آخرون؟"، مضيفاً: "ليس هناك من قد يهددني سوى سلطات آل سعود".
ويقول موقع "ديلي بيست" إن المطيري تلقى تحذيراً من "شخص يصفه بأنه مصدر في نظام آل سعود بأن حياته في خطر عقب مقتل خاشقجي، وأن العيش في كاليفورنيا لا يعني أنه آمن"، ونقل عنه قوله: "هذا الأمر دفعني إلى الاتصال بالشرطة، في 25 أكتوبر 2018، وإبلاغهم بهذا الأمر".
وفي يوليو 2019، ذكرت الصحفية والأكاديمية الأمريكية من أصل سوري، دانية العقاد، في تقرير لموقع "ميدل إيست آي"، ومقره لندن، أنه في نوفمبر 2018، وهو إطار زمني يتفق مع قصة المطيري، التقى مكتب التحقيقات الفيدرالي بأربعة معارضين سعوديين على الأقل في الولايات المتحدة لتحذيرهم من تهديدات بحياتهم صادرة عن آل سعود.
ولم يسمَّ المنشقون، لكن أحدهم، وفقاً لما ذكرته العقاد، "يدير قناة شعبية على يوتيوب تنتقد حكومة آل سعود"، والمطيري الشخص الوحيد في أمريكا الذي يملك قناة شهيرة.
وبعد مقتل خاشقجي بثت هذه الملاحقة الرعب في قلوب العديد من السعوديين الذين يعيشون في الخارج، حتى من ليس لهم نشاط سياسي؛ خوفاً من إمكانية استهدافهم.
وفي السنوات الأخيرة استخدم آل سعود مجموعة واسعة من التكتيكات في التعامل مع المنشقين في الخارج؛ في كثير من الأحيان تبدأ حكومة آل سعود بمحاولة إقناع المنشقين بوقف انتقاداتهم، أو مطالبتهم بالعودة إلى مملكة آل سعود، وإذا فشلت هذه الجهود قد تنتقل الحكومة إلى أسلوب أكثر قسوة.
وتحدث الكثير من النشطاء السعوديين في الخارج عن أنهم تلقوا مكالمات من سفاراتهم وقنصلياتهم تحثهم على الحضور لأسباب غير محددة، لكن لم يكن أحد مستعداً للإقدام على هذه المغامرة؛ لمعرفته بأنه قد لا يخرج، مثل خاشقجي.
ارسال التعليق