فورين بوليسي .... تحدي الخصخصة في المملكة العربية السعودية
فورين بوليسي ... في الأسابيع الأخيرة، حصلت خطة المملكة العربية السعودية لتنمية القطاع الخاص بالمملكة على الكثير من الاهتمام في الصحافة الدولية، وقد عقدت المملكة العزم على التقليل من حالة “إدمان” النفط، حيث أعلن محمد بن سلمان (MBS) مؤخرًا رؤية 2030، وهي مبادرة استراتيجية تفتح الباب أمام بيع جزء من شركة النفط العملاقة في المملكة “أرامكو”، والمملوكة للدولة إلى المستثمرين بالخارج.
“أرامكو” والتي تعتبر الشركة الأكثر قيمة في العالم، والتي تُدخل تسعة أعشار الدخل القومي السعودي، حيث تعتبر سيطرة الدولة عليها أمر حيوي لبقاء أسرة آل سعود الحاكمة.
ورغم أن جزء صغير من الأسهم، حوالي 5 في المئة، سوف يكون متاح للمستثمرين، بما يعني أنه لن تكون لديهم سلطة على الشركة، ومع ذلك، فإن الاكتتاب يثير تساؤلات حساسة حول الشفافية في المملكة.
فإن نسبة الاكتتاب الصغيرة سوف تجلب دخل إضافي، مع وجود أشكال بديلة للطاقة تدخل السوق العالمي للطاقة، ونظرًا لانخفاض أسعار النفط والتي أدت إلى توتر في المملكة تحت وطأة مجموعة من الضغوط المالية المتزايدة، يرى مسؤولون في الرياض أنه من الحكمة النظر إلى مصادر بديلة للدخل.
لكن يقول الكاتب “سايروس سانتي” أن المملكة لا تنزف بما يكفي لكي تحتاج إلى ما يراه تدبير جذري، ووفقًا لـ MBS، “فإنه إذا تم عرض 1 في المئة من شركة أرامكو للسوق، 1 في المئة فقط، سوف يكون أكبر اكتتاب على الأرض”.
ولكن، من الصعوبة بمكان تحديد دقة هذه الادعاءات لشركة أرامكو فهي واحدة من الشركات الأكثر سرية في العالم.
فتقول تقارير الاقتصاديين إن الشركة تملك أسطولا من الطائرات، والملاعب الرياضية، ومستشفى كبير في حين أن جميع هذه الشركات لا تنشر تقارير عن الأرباح، ومشاركتها على نطاق واسع في مختلف القطاعات أمر طبيعي لتكتلات شبه الجزيرة العربية، ولكن من دون هذه التقارير لا أحد يدري كيف تنتج أرامكو الكثير من النفط وبعدها تحصل على الأرباح.
ودون تقرير واحد عن الأرباح، يمكن أن يكون إنتاج شركة أرامكو مبالغ فيه، ولكن مع طرح الشركة للبيع بشكل أولي، فإن أرامكو لديها فرصة للتعبير عن مواردها المالية بالكامل إلى العالم.
شركة جنرال الكتريك (GE) وغيرها من الشركات التي لها تاريخ في المملكة العربية السعودية لديهم مصالح كبيرة في رؤية 2030.
ويعتبر هذا التكتل أحد الداعمين الرئيسيين لخطة خصخصة الجزء الأكبر من الاقتصاد السعودي، حيث يقدر الاستثمار الأولي لـ GE بـ 1.4 مليار دولار وفق ما تم الإعلان عنه في وقت سابق من هذا الشهر، وعمل العقود المستقبلية لتحقيق رؤية 2030 على تعزيز مكانة الشركة في المملكة العربية السعودية .
ووفقًا لبيان صادر عن شركة جنرال الكتريك، والشريك الأمريكي الذي يعمل مع شركة الاستثمارات الصناعية في المملكة العربية السعودية ( SAIIC) –A)، فإنها تعمل على مشروع مشترك مع أرامكو لضخ مليار دولار في المملكة بنهاية عام 2017 في محاولة لمساعدة السعوديين لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الموارد الهيدروكربونية.
وفي بداية هذا الشهر، وقعت شركة أرامكو GE وإيطاليا Cividale Spa على مذكرة تفاهم بقيمة 400 مليون دولار “هي الأولى من نوعها” في منطقة رأس الخير، وتهدف إلى خدمة قطاعات الطاقة والنقل البحري في الشرق الأوسط وخلق 2000 فرصة عمل جديدة بحلول عام 2020، ومع ذلك، فإن السعودية مع العديد من المستثمرين في أسواق الطاقة تتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا في مجال الغاز الطبيعي المسال (LNG) على النفط الخام، واكتتاب أرامكو قد يثير مستثمرين أجانب قلائل خارج GE وCividale.
وفي الوقت نفسه، هناك أسئلة ومخاوف خطيرة آخذة في الارتفاع في عدد من الجبهات المختلفة بشأن الاكتتاب، حيث أكد خالد الفالح رئيس أرامكو أن هذا الطرح من شأنه الوفاء لـ”الرؤية طويلة الأمد الخاصة بالشركة لتصبح المؤسسة الرائدة في عالم طاقة والمواد الكيميائية”.
ووفقًا لمجلة فورتشن، فقد أدلى رئيس أرامكو بتلك نقطة لدعم بيان MBS “وجريدة الإيكونوميست ترى أن هذا الطرح كان جزءًا من محاولة لزيادة الشفافية والحد من الفساد، وعلى النقيض من الجيل الأكبر سنًا، فالسعوديين الأصغر سنًا يتبنون خطوات لزيادة الشفافية الحكومية مع الحرص على عدم التطرق للربيع العربي من أي نوع.
في اجتماع أوبك في وقت سابق من هذا الشهر، ذكر الفالح، الذي هو الآن يعتبر في الواقع رئيس أوبك من خلال توليه وزارة النفط أن ما زال ضخ المملكة عند مستويات سبتمبر حتى بعد الاكتتاب العام، وهذا لا ينفي الجلوس بشكل جيد مع المستثمرين المحتملين.
وجدير بالذكر، أن الاكتتاب سوف يكون صاحب تأثير واسع على الدول المجاورة للمملكة العربية السعودية، فبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، الاكتتاب العام في المملكة يهدد دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الحلفاء على جبهتين: “الأولى، سوف تضطر شركات الطاقة الأخرى لفتح الملفات الخاصة بها والتي تعتبر سر من أسرار الأمن القومي لتلك البلدان، ثانيًا، البلدان ستكون لديها معلومات دقيقة ومؤكدة حول الاحتياطيات لديها، حيث أن تلك المعلومات كانت إلى حد كبير سر من أسرار الدولة، وهذا الشعور من السرية كان على نطاق واسع في العواصم الخليجية”.
ومن الأمثلة على ذلك، فيما يتعلق بالشفافية المفاجئة لعملاق النفط هو ما حدث مع البرازيل منذ عام 2010. وعندما ذهبت شركة بتروبراس العام لجمع الأموال، واعتقد الخبراء أن هذا من شأنه أن يجبر الشريك البرازيلي للكشف عن الأرباح، والإنفاق، والكشف عن الفساد داخل الشركة.
ومع ذلك، انخفضت قيمة العملاق البرازيلي بعد أن قام المستثمرون بالتخلص من الأسهم التي تعاني من الفساد، والسعودية مستعدة للانفتاح على عالم الأعمال والمال في هذا السبيل، وبسرعة؟ فالوقت قد حان.
كما لوحظ في العالم أن مع شركة بتروبراس، أن رئيسة البرازيل السابقة ديلما روسيف اكتشفت مؤخرًا أن الاكتتاب العام لا يعني تلقائيًا وجود شفافية خالية من الفساد.
في المملكة العربية السعودية، الدولة التي لا تعترف بالشفافية، فإن الاكتتاب لن يؤدي بشكل سريع إلى عهد جديد من الانفتاح، فبيع 5% فقط يعني أن أرامكو والعائلة المالكة سوف تضطر إلى تجنب التوترات مع إيران وأي قضايا إقليمية وسياسية، أو دينية أخرى لوضع الانتعاش الاقتصادي أولا من أجل المضي بكامل قوته على طريق رؤية 2030.
ويعتمد حكام آل سعود على أرامكو للحفاظ على الكهرباء في المملكة، ولكن تعتمد الرياض على اقتصاد متنوع لتغطية فاتورة الإنفاق الضخم لإعانات الدولة.
للتأكيد، يجب على السعوديين الانخراط في التفكير بشكل أكثر وضوحًا حول الجوانب الرئيسية من الشفافية والتأثير الإقليمي، وبوصفه أحد الـ 70 % من السعوديين الذين تقل أعمارهم عن 39 عامًا، وعندما سئل الأمير محمد بن سلمان MBS عن رؤيته للمستقبل الذي يأمله هو قال: “المملكة العربية السعودية لا تعتمد فقط على النفط، بل لديها اقتصاد متنام، فقط تحتاج المملكة العربية السعودية إلى قوانين شفافة، “ولي ولي العهد يتصور” أن المملكة العربية السعودية يجب أن تضمن مشاركة الجميع في صنع القرار”.
وفي مقابلة في وقت سابق تهرب مرارًا وتكرارًا من الإجابة على سؤال حول عدالة إدخال الضريبة على القيمة المضافة، فحتى جيل الشباب في المملكة العربية السعودية يكافح مع الشفافية!
ارسال التعليق