كذبة سعودية اسمها الهدنة
بقلم: علي الذهب / كاتب وصحفي يمني..
منذ الوهلة الأولى رافق تشكيك الكثيرين قرار التحالف السعودي بالوقف المؤقت لإطلاق النار في اليمن، وهذا ما برهنته الوقائع اليومية خلال فترة الهدنة المزعومة والمعلنة في التاسع من إبريل الجاري، إذ لا شيء تغير على الأرض وغابت كل المؤشرات المطمئنة والإيجابية لإمكانية حدوث التهدئة المفترضة.
على عكس ما هو متوقع من خلال هذه الهدنة كثف طيران التحالف من غاراته الجوية على عدة مناطق يمنية، إذ لم تسلم من حالة القصف الهستيري العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى مثل الجوف ومأرب وصعدة والحديدة، إلى جانب تنفيذ عشرات الزحوفات والتسللات العسكرية على مواقع الحوثيين وعلى امتداد أيام الهدنة المعلنة وتحديداً في مناطق نجران وجيزان والجوف وصرواح ومأرب والبيضاء وتعز، كما أن الخروقات السعودية تمثلت أيضاً بتصعيدها للعمليات العسكرية في الجبهات الحدودية وكذلك في محافظة الحديدة التي لم تتوقف فيها قوى العدوان من استحداث تحصينات لها وقصف بالمدفعية والرشاشات لعدد من الأحياء والمناطق، ما يعني أن هذه الهدنة أظهرت عدم جدية السعودية وتحالفها في توفير أي فرص للسلام والتسوية السياسية ومثلت محل سخرية البعض الذين وصفوها بأنها كذبة إبريل بالنسبة للتحالف السعودي الذي ضرب عرض الحائط بكل الدعوات الدولية الداعية لإيقاف العمليات العسكرية وتسخير الطاقات لمواجهة وباء كورونا في بلد يعاني من أزمات إنسانية قاسية.
المعطيات بمجملها تثبت ما ذهبت إليه القوى والحكومة في صنعاء من أن هذه الخطوة السعودية مجرد مناورة سياسية وعسكرية مفضوحة هدفها التدليس والتضليل على المجتمع الدولي وفي ظاهرها بُعدٌ إنساني بينما في باطنها مآرب أخرى على رأسها محاولة قوى العدوان ترتيب صفوفها مع هزائمها المتتالية وفشلها المتكرر خلال الأشهر الأخيرة، ولذلك سارعت صنعاء منذ اللحظات الأولى بتحاهل هذه الإعلان السعودي ورفضه باعتبار أنه لم يتضمن قراراً برفع الحصار وخلا من أي رؤية يمكن البناء عليها في التوصل إلى حل شامل على عكس ما تضمنه المقترح اليمني الذي أعلن مؤخراً او ما تسمى بوثيقة الحل الشامل والتي تصر القوى في صنعاء على أن يتم التعامل معها بجدية من قبل تحالف العدوان أو الأمم المتحدة وأن يكون الرد عليها بمواقف عملية وليس باستمرار القصف والمعارك العسكرية.
ويمكن إرجاع عدم تعاطي صنعاء مع الهدنة السعودية وتمسكها برؤيتها لأن هذه الرؤية تضمنت أولوية وقف العدوان ورفع الحصار أولا وهذا شرط بالنسبة للطرف الوطني قبل الدخول في أي محادثات سلام بهدف أن يُتاح المجال لإجراء حوار في ظروف آمنة وهادئة، فيما يتجاهل قرار التحالف السعودي القضايا الأساسية برأي الأطراف في صنعاء التي تؤكد أن الفشل سيكون حليف أي حوار تحت الحصار والنار كما كان الحال مع عدة تجارب سابقة، وترى أن التوجه الجاد نحو السلام يتطلب قراراً صريحاً من مجلس الأمن بإيقاف الحرب ورفع الحصار، فإعلان الهدنة مع استمرار التصعيد العسكري من قبل تحالف العدوان لن يقود إلى أي سلام ممكن لأنه بكل تأكيد لن تقف القوات اليمنية أمام هذا التصعيد والاعتداءات مكتوفة الأيدي، بل تقابله بتصعيد أكبر منه وتتوعد بمزيد من الرد المؤلم وهذا ما يحدث فعلياً على الأرض، وبالتالي فإنه لا أمل من أي خطوة أو تهدئة لا تضمن وقفاً تاماً للعمليات العسكرية ورفعاً للحصار المفروض، وهذا ما يجب أن تعمل عليه الأمم المتحدة في مقترحاتها لحلحلة القضية اليمنية وإدارتها لهذا الملف إن كانت تريد حلاً عاجلاً وعملياً وتسوية سياسية مرضية لجميع الأطراف.
ارسال التعليق