كورونا.. الوباء الذي أفزع الصين وأيقظ العالم على كارثة اليمن
بقلم: فوزي بن يونس بن حديد / كاتب تونسي..
لم تكن الصين تعتقد أن كورونا سينتشر بهذه الصفة المزعجة وهذا المشهد المرعب، حيث استنفرت البلاد جهودها لبناء مستشفى في 10 أيام فقط لمواجهة الطاعون الذي حل بالبلاد وأهلك البشر، وأجبر الصين على حجر مدن بأكملها صحيا حتى أضحى الصينيون في رعب مستمر خوفا من الموت بسبب هذا المرض، وأصبحت الصين اليوم تعيش كارثة إنسانية بلا حرب، وقد شاهدنا كيف يسقط الناس صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، وشاهدنا التسارع الغريب لإنقاذ الناس من الانتقال السريع والمفاجئ للمرض بين البشر بمجرد العطس أو إلقاء التفث، أو المصافحة، أو المضاجعة وأصبح الكل ملتزما بالنظافة ومهتما بها لدرجة الغليان والهلوسة، وأصبح العالم كله في فزع من أن ينتشر المرض بسرعة البرق، وحينئذ تحلّ الكارثة العالمية، التي قد لا تستطيع محاصرتها واستئصالها، لأن البشر يتحركون ويتواصلون ويتصل بعضهم ببعض، فالطاعون لا يعرف السليم من المريض ولا المسلم من الكافر، فإذا جاء عمّ، وإذا عمّ البلاء فلا حلّ إلا بالمواجهة بالعزل والحجر الصحي وتوفير لقاح فعّال لمواجهته.
وحالة الصين تشبه حالة اليمن الجريح الذي يعاني منذ سنوات من آلام الحرب اللعينة التي فرضت عليه، وجعلته يعاني الأمرين، فاليمن اليوم يشهد كارثة صحية من نوع كورونا في الصين أو أشد، ولا مبالاة من الأمم المتحدة ومن المنظمة العالمية للصحة، فالناس هناك يموتون من أمراض كثيرة وليس من كورونا فقط ويموتون بصمت بسبب هذه الأمراض الكثيرة والغريبة، فالحرب ألقت بظلالها على الحالة الصحية المتدهورة للمواطنين اليمنيين الذين يعانون ألف مرة مما تعاني منه الصبن اليوم والعالم لا يبالي، وكأن اليمن ليست جزءا من هذا العالم الذي نعيشه، وكأن اليمنيين ليسوا بشرا، وليس من حقهم التطبيب والتداوي وليس من حقهم المعالجة الفورية والسفر للخارج للعلاج، وليس من حقهم أن يعيشوا سعداء، فالحرب جاثمة والحصار جائر والفقر في ازدياد والجوع أصابهم، والخوف تملّكهم واليأس لبسهم، وما زال العالم يموج في صراعاته.
إننا أمام حالة من الإنهاء والانقراض البشري في اليمن، ولعل الله أراد من خلال تفشي كورونا في الصين والعالم لفْت انتباه العالم لما يجري اليوم في اليمن من مآس حقيقية ينده لها الجبين، حالات نراها على الشاشات وهي نموذج لما عليه أطفال اليمن، لقد قضت الحرب والحصار على جيل بأكمله ربما لا نرى منه إلا قليل معافى، ونطلق صرخة قوية في وجه المنظمات الدولية والإنسانية والعالمية التي تتلكأ في أداء واجبها في اليمن، نطلق الصرخة تلو الصرخة أن تلتفت المنظمة الأممية لهذه القطعة من الأرض في جنوب الجزيرة العربية إنها تتهالك وتندثر ببطء ويموت أطفالها في صمت فليست لديهم القوة الكافية للتعبير عن رأيهم، لقد بُحّت أصواتهم، وهزُلت أجسادهم، وكُشفت عوراتهم، ولم يعد لهم ما يحتمون به، أو ما يوارون به سوءاتهم، سيحاسبكم الزمن، بل سيحاسبكم المولى عز وجل على ما اقترفتموه في حق اليمن، وسيكتب التاريخ أن البشر كالحجر بل أشد قسوة من الحجر، حينما يترك الإنسان أخاه يموت ببطء ولا يسعى إلى إنقاذه وهو قادر على ذلك، بل يشاهد موته البطيء أمامه ولا يبالي ولا يحرك ساكنا.
ذلك هو اليمن، وليست الصين بأفضل حالا منها، فهي تملك من البشر مليارا و700 مليون ومن الإمكانات ما يجعلها تبني مستشفى في 10 أيام فقط وعشرات المستشفيات ومن الأموال ما تضخ في سبيل إيجاد لقاح فعّال ينقذ مواطنيها من الموت المحقق في 24 ساعة فقط، لكن من ينقذ اليمن الجريح الذي يعيش 4 سنوات من الحرب المدمرة، ولا يملك من القدرات الطبية والمادية ما يؤهله لإنقاذ الأطفال الذين أصابهم الوهن، يبكون ويحترقون ألما، ويموت أهلهم كمدا، من يستطيع أن يبادر إلى حفظ أرواحهم، هل مات الضمير الإسلامي؟ هل مات الضمير الإنساني، أقولها بكل أسف نعم، إلى حد الآن على الأقل وإلا ما يحدث في اليمن تعبير عن ألم كبير نراه بأعيننا ونساهم فيه من خلال سكوتنا وغفوتنا وغفلتنا، نحن مشاركون في الجريمة إذا، يا للعار على العرب والمسلمين إلى أين وصل بهم الحال، والحال أن لديهم الإمكانيات الضخمة والموارد البشرية الكافية لأن تصنع مئات المستشفيات التي تقي الناس شر كورونا وغيره من الأمراض، فلك الله يا اليمن، لك الله يا اليمن.
ويشهد اليمن منذ 2014 حربا بين الحوثيين، وقوات التحالف السعودي التي تدخلت على حين غرة بذريعة اعادة الشرعية الى عميلها عبدربه منصور هادي واحرقت الاخضر واليابس من اليمن وقد حولته من سعيد الى تعيس.
ارسال التعليق