كيري لسلمان: إلتزموا بنصائحنا قبل فوات الآوان
كشف مسؤول أمريكي رفيع رافق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمملكة ولقائه الملك سلمان وولي عهده، أن الهدف من هذه الزيارة التي ستكون الأخيرة لكيري الى الرياض - حسب وصفه - هو ليس فقط بحث ضرورة الاسراع في توقف الحرب على اليمن الخروج من مستنقعها بأقل الفضائح والخسائر حيث الأمور على الأرض تشير الى ذلك بوضوح؛ بل أعادت التذكير بالنصائح التي قدمها من قبله الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته بارك اوباما خلال اجتماعه مع قادة البلدان الخليجية في كامب ديفيد والقمة الأمريكية - الخليجية في الرياض في ابريل الماضي وما تضمن بين الأثنين من لقاءات منفردة مع وليي عهد سلمان في كلا البلدين .
"كيري" شدد خلال زيارته الأخيرة من أن الأمور آخذة الى تنامي المواقف المعارضة للأسرة السعودية الحاكمة داخلياً وخارجياً حيث الفشل تلو الآخر في المشاريع التي أنيطت لسلمان ونجله اقليميا دفع بالحلفاء الغربيين إعطاء الضوء الأخضر لوسائل اعلامهم بالكشف عن الانتكاسات العسكرية والسياسية للرياض ودعم تعالي الأصوات البرلمانية المعارضة في امريكا وبريطانيا وفرنيا وسائر دول الاتحاد الاوروبي المطالبة بالضغط على السلطة الحاكمة بالتنفيس في الداخل السعودي ومنح بعض الحريات وتوقف مسلسل قمع وبطش الناشطين والاعدامات الآخذة بالتزايد من قبل محمد بن نايف، الى جانب ضرورة قطع مد المملكة بالسلاح لانتهاكاتها الخطيرة لحقوق الانسان في حربها على اليمن ودعمها للمجموعات الارهابية المسلحة في سوريا ومصر والعراق وهي سياسة طيش محمد بن سلمان الذي فقد ورقته الرابحة في اعتلاء العرش امام خصمه ولي العهد .
وزير الخارجية الأميركي وخلال مؤتمره الصحفي مع نظيره السعودي الجبير، وصف قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا) بـ"السيئ"، معرباً في الوقت ذاته عن قلق إدارة الرئيس أوباما من تداعياته.. خاصة وأن العلاقات بين واشنطن والرياض نحو السئ مع مجيء الرئيس الجديد دونالد ترامب الذي له وجهة نظر مختلفة تماما مع الادارة الأمريكية الحالية تجاه العلاقات الأمريكية الخليجية، والتي يرى في أنظمة دول مجلس التعاون "بقرة حلوب" بالامكان ذبحها وسلخ جلدها ما أن تفقد درها بالنفع على نيويورك؛ داعياً سلمان وولي عهد الإلتزام بالنصح المتكرر لأوباما إنه يتعين عليهم معالجة التحديات السياسية الداخلية، وأن يكونوا أكثر فاعلية في معالجتها حيث التحديات الأكبر التي تواجههم تنبع من الداخل السعودي المتمثلة في إقصاء حجم كبير من أبناء المملكة في الكثير من الحالات، وتنامي البطالة بين شباب واتساع الشرخ بين طبقات المجتمع، ومواصلتهم انتهاج ودعم أيديولوجية هدامة، وإحساس الشارع الخليجي عموما خاصة السعودي بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمه، تلك النصائح التي إستعرضها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته في حديث مفصل مع الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان والتي واجهت ردود فعل من قبل الأنظمة الخليجية لكنها سرعان ما عادت لحظيرة العم سام ملتمسة مواصلة دعمه لبقائها .
"كيري" أعرب ولآخر مرة عن قلق البيت الأبيض الشديد من العواقب التي تنتظر الأسرة السعودية الحاكمة في المستقبل القريب والتي ربما سيكون مصيرها مصير "شاه ايران" بسبب القمع الداخلي للنشطاء والتدهور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي التي تعانيه المملكة جراء سياسة التهور والطيش والفرعنة وهو ما كشفت عنه صحيفة "الغارديان" البريطانية في مقال لها تحت عنوان "ملك السعودية يخاطر بفقدان مملكته"، مشيرة الى أن السلطة السعودية، التي تفتقد لأي شكل من أشكال الديمقراطية أضحت هشة جداً وغير مستقرة لمواصلتها قمع حرية الرأي والتعبير ومعارضتها مشاركتها الطبقة الشبابية، الى جانب الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي يتحمل كاهلها المواطن لسياسة تقشف سلمان فيما أمراء آل سعود الذين لا يتجاوز عددهم الآلاف يستحوذون على أكثر من 75% من عائدات المملكة من البترول والسياحة الدينية .
الموفد ربما الأخير للإدارة الأمريكية الحالية الى الرياض ذكّر سلمان بأن الوضع لن يبقى على ماهو عليه بمجئ ترامب الذي قام بتصفية شركات ترتبطه استثمارياً بالمملكة، ليأتي من بعد ذلك ربما دور السعوديين من حاملي الجنسية الأمريكية الذين يقدرون بأكثر من مئتي ألف سعودي، وقام الكثير منهم بعد نجاح ترامب، بالتخلي عن الجنسية الأمريكية، ليتم اتهامهم بالتهرب الضريبي، فبيعت أصولهم التي يمتلكونها بعد مصادرتها، ثم سيتم ملاحقتهم جنائياً من قبل الإنتربول، ومطالبتهم بالأرباح التي جنوها خلال فترة حصولهم على الجنسية الأمريكية.
"الغارديان" قللت من تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية "يتريزا" خلال زيارتها للسعودية ولقائها قادة البلدان الخليجية واصفة "بأنها جاءت في اطار تمكن المملكة المتحدة من بيع المزيد من السلاح لهذه الأنظمة العاجزة"، مضيفة أن "ما يواجه السعودية الأخت الأكبر لهذه المنظمومة العربية هو سقوط العرش والملك السعودي المتوارث قريبا مع نفاد المال"، رغم كل الجهود المبذولة لمنع ذلك، فإن الزخم نحو الإفلاس يبدو أنه لا يمكن وقفه. ومشددة: إن السعودية تخوض في الشرق الأوسط حروبا بالوكالة، فضلا عن مساعيها لتعزيز شكل معين للإسلام في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، وقد كان النفط مربحا ومعاونا قويا لها في تحقيق استراتيجيتها.. لكنه الآن يمكن توقع أن كل هذا سينتهي وربما قريبا وأن الأمور ستتجه نحو الأسوأ كارثية في المنطقة.
فرنسا الحليف الستراتيجي الآخر لآل سعود والتي وقعوا معها اتفاقيات لشراء الأسلحة بقيمة عشرات المليارات من اليورو مؤخراً، هي الاخرى تدير ظهرها للعرش المتزلزل. فقد كشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية يوم الاثنين أن مرشح حزب "الجمهوريون" اليميني للانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة فرانسوا فيون رفض الأسبوع الماضي طلبا للقاء معه في باريس تقدم به الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع وولي ولي العهد السعودي.
"لوفيغارو" نقلت عن المحيطين بفرانسوا فيون: "تلقينا بالفعل عدة طلبات من عدة مصادر لمقابلة فرانسوا فيون، ولكننا رفضناها". مشيرة الى أن "الأمير محمد بن سلمان أمضى أياما عدة في باريس، على أمل لقاء فيون، إلا أن الدوائر السعودية أشارت الى أنه لم يأتِ الجواب من جهة فيون بالموافقة على اللقاء"؛ فيما اعلنت "مارين لوبان" رئيسة الجبهة الوطنية وحزب اليمين المتطرف الحاصل على أعلى نسبة اصوات في الانتخابات الفرنسية الأخيرة، وأمام البرلمان الأوروبي، أنه اذا اردتم القضاء علي الارهاب فعليكم التخلص من السعودية وقطر وتركيا، مشددة أنه على بلادها "تغيير تحالفاتها” لمحاربة تنظيم "داعش" من خلال الابتعاد عن السعودية وقطر، والاقتراب من روسيا وإيران !!، زعيم حزب الخضر في البرلمان الأوروبي البلجيكي "فيليب لامبرتس" انتقد هو الآخر بشدة علاقة الغربيين مع الرياض. وقال "إن نظام السعودية يروج لشكل من أشكال الإسلام هو على الأرجح الأكثر فاشية في العالم".
وزيرة الدفاع الألمانية "فون دير لاين" خلال زيارتها العاصمة السعودية الرياض قبل أيام، دعت المملكة للقيام بالمزيد من الإصلاحات، والى تحقيق المزيد من تكافؤ الفرص بالنسبة للنساء بصفة خاصة .
بقلم : جمال حسن
ارسال التعليق