لتحقيق توازن بين فلسطين وأمريكا.. قمة الرياض تظهر الاختلافات
أظهرت قمة الدول العربية الإسلامية في العاصمة السعودية الرياض، يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بشأن الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس"، وجود اختلافات بين هذه الدول بشأن تحقيق التوازن بين القضية الفلسطينية والعلاقة مع الولايات المتحدة (حليفة تل أبيب).
ذلك ما خلص إليه خبراء في تحليل بـ"المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة الـ43.
وهذه الحرب خلّفت أكثر من 12 ألف و300 شهيد فلسطيني، بينهم 5 آلاف طفل و3 آلاف و300 امرأة، فضلا عن أكثر من 30 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، بحسب أحدث إحصاء رسمي فلسطيني صدر مساء الجمعة.
وقال المعهد إنه "على الرغم من الإجماع (في القمة) على ضرورة وقف إطلاق النار، إلا أن الإعلان الختامي للقمة أظهر مرة أخرى أن الدول العربية والإسلامية لديها وجهات نظر متضاربة حول كيفية معالجة القضية الفلسطينية".
وأضاف أنه "في حين تبنت بعض الدول موقفا أكثر حزما تجاه الحرب، فإن الدول التي لها علاقات دبلوماسية راسخة مع إسرائيل تراجعت، مشددة على ضرورة الحفاظ على قنوات مفتوحة للحوار، وووسط وجهات النظر المستقطبة هذه، أبحرت السعودية بمهارة في عملية توازن دقيقة".
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تحتل أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ عقود.
بدون أرضية مشتركة:
أندرياس كريج، أستاذ مشارك في كلية كينجز لندن، قال إن "القمم الطارئة المشتركة كانت فرصة فريدة للعالم العربي والإسلامي لإسماع صوته في مشهد متعدد الأقطاب بشكل متزايد تهيمن عليها الخطابات المؤيدة لإسرائيل".
واستدرك: "لكن الدول (في قمة الرياض) فشلت في إيجاد أرضية مشتركة، مما يدل على أنه في حين أن العالم العربي والإسلامي مرعوب من الفظائع المرتكبة في غزة، إلا أن هناك اختلافات كبيرة في السياسة والرأي حول كيفية تحقيق التوازن بين القضية الفلسطينية وقضية (العلاقة مع) الولايات المتحدة والتوقعات بالإبقاء على علاقات عمل مع إسرائيل".
كريج أردف أنه "على الرغم من الغضب الذي تم التعبير عنه بشأن الحرب الإسرائيلية في غزة، فإن الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل غير مستعدة لتعريض اتفاقياتها (مع تل أبيب) للخطر، وحتى السعودية تهدف إلى إبقاء جميع الخيارات مفتوحة، لمواصلة محادثات التطبيع بعد انتهاء الحرب".
موقف سعودي وسط:
"مع محاصرة العديد من الدول العربية فعليا باتفاقيات التطبيع، ومطالبة دول أخرى باتخاذ إجراءات غير واقعية مثل قطع إمدادات النفط (عن الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل)، فإن السعودية في وضع جيد يسمح لها بالتمسك بموقف وسط"، بحسب كريستين ديوان، باحث في معهد دول الخليج العربية بواشنطن (AGSIW).
وأضاف أن "هناك أولويتان عاجلتان: فرض وقف فوري لإطلاق النار مصحوبا بتقديم الدعم الإنساني للفلسطينيين، ومنع التوسع الصراع إقليميا. وفي حين أن الدعوة إلى وقف إطلاق النار تتعارض مع الموقف الأمريكي الأولي، فإن إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن قد تقدر النفوذ الذي توفره للحد من تجاوزات التقدم الإسرائيلي".
وفي أكثر من مناسبة، أعلنت واشنطن رفضها وقف إطلاق النار حاليا؛ زاعمة أن "حماس" ستستفيد منه في إعادة تنظيم صفوفها، بعد أن قتلت نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 239، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.
وبشأن مستقبل قطاع غزة، اعتبر ديوان أنه من "دون تغيير جذري في التوجه والقيادة الإسرائيلية، والتزام سياسي لم يظهره الأمريكيون بعد، يبدو من المستبعد أن يكون لدى السعودية الرغبة في توسيع دورها القيادي نحو حل ما بعد الحرب في غزة، مع ما سيترتب عليه من مخاطر سياسية والتزامات مالية".
ويقول الاحتلال الإسرائيلي إن حربه على غزة تهدف إلى إنهاء حكم "حماس" للقطاع، حيث يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة.
وساطة قطرية مختلفة:
قالت إليونورا أرديماجني، الباحثة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، إن "أهداف الوساطة القطرية في الحرب بين حماس وإسرائيل تختلف عن جهودها الدبلوماسية السابقة".
وأرجعت ذلك إلى أن "الصراع يدور الآن في الشرق الأوسط. ولهذا السبب، تهدف الدوحة في المقام الأول إلى بناء قنوات تفاوض بين الأطراف المتحاربة لمنع انتشار الصراع إقليميا، وهو السيناريو الذي يمكن أن يعيق أيضا (نمو) اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي".
أرديماجني أردفت أنه "على العكس من ذلك، كان النشاط الدبلوماسي لقطر في أفغانستان وتشاد وحتى في الحرب الروسية الأوكرانية، مدفوعا في الغالب بأهداف القوة الناعمة، لتحسين مكانتها وهيبتها الدولية".
واستدركت: "لكن هناك نقطة أكثر دقة يمكن أن تفسر جزئيا جهود الوساطة التي تبذلها الدوحة بين حماس وإسرائيل، وهي الشراكة مع الولايات المتحدة، فالأداء الدبلوماسي الجيد أمر محوري لهذه العلاقة طويلة الأمد".
وتستضيف الدوحة مكتبا سياسيا لـ"حماس"، واستقبلت مبعوثين من دول عديدة لإجراء مباحثات حول ملف الأسرى لدى الحركة.
ارسال التعليق